مع استمرار الاتصالات بين “المرشح” الجنرال ميشال عون والرئيس سعد الحريري، بالتوازي مع تعطيل نصاب (الرئيس نبيه بري) لإنتخاب رئيس، يمكن القول ان قوى ٨ آذار سائرة في مسار انقلابي على الجمهورية بمحاولتها فرض رئيس من صفوفها. وحتى الآن لا يزال عون مرشح قوى ٨ آذار الذي يستوي في تكتيكه مع “حزب الله”، فيما يلعب “تكتيك ” الحوار مع “تيار المستقبل” الذي كان بنظر عون على مدى تسع سنوات مضت “تيار التكفيريين، والفاسدين”. ولكن في النهاية يستمر التعطيل، وإن بلهجة ملطفة بغياب البطريرك بشارة الراعي الذي يفترض فيه انه “شاهد” على التزام قادة موارنة بينهم الجنرال عون بعدم تعطيل الانتخابات الرئاسية، والذهاب الى مجلس النواب لتأمين النصاب منعا لحصول فراغ على الصعيد الرئاسي.
ثمة من يقول: “بما ان من يعتبرون انفسهم زعماء موارنة غير مهتمين بمصير الرئاسة ما لم تؤل اليهم، فلماذا يتحمس الآخرون في محاولة لمنع حصول فراغ في منصب ليس لهم؟ وما الداعي لاجتهاد الفئات الاخرى للدفاع عن منصب يتبارى زعماء موارنة في التفريط به؟ وماذا عن البطريرك الراعي؟”.
لقد اثبت بعض الزعماء الموارنة في هذا الاستحقاق قلة ادراك الاخطار، فبمجرد قبولهم بامرار “قراءة ” الرئيس نبيه بري للنصاب المطلوب لالتئام مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، وضعوا الرئاسة في جيب رئيس مجلس النواب الشيعي. واستطرادا وضعوه في جيب زعيم السنة (ايا يكن) وصاحب الكتلة الاكبر في المجلس. وفي النهاية صار رئيس الجمهورية الماروني خيارا سنيا – شيعيا بالدرجة الاولى، ثم يأتي الموارنة والمسيحيون. واذا كان ثمة من صار يقدم نفسه توافقيا، فإنه من خلال سلوك التعطيل في مجلس النواب فعل العكس تماما. اما التذرع بـ”الحوار” مع مرجعيات اسلامية فأمر يدعو الى العجب، فيما المطلوب اولا وقبل اي شيء آخر ان يقوم المرشح الماروني بمبادرة حقيقية حيال اقرانه المسيحيين على اختلاف اطيافهم، وذلك بفتح حوار جدي وعميق معهم، احزابا اساسية وشخصيات، ليتوجه بعدها صوب الآخرين. على من يرغب في تقديم نفسه مرشحا توافقيا لمنصب رئاسة الجمهورية ان يبدأ من بيته، من البيت الماروني والمسيحي كمرشح توافقي، ليتوجه بعده الى الاطراف الآخرين.
على صعيد جمهور ١٤ آذار المعني، نسمع هنا كلاما كالآتي: “في انتظار ان نرى تغييرا جذريا في خيارات الجنرال ميشال عون، لا نزال نعتبر ان وصول الاخير الى بعبدا معناه من الناحية العملية هو جلوس السيد حسن نصرالله على كرسي رئيس الجمهورية! من هنا لا بد من خطوات لاقناع الاستقلاليين بأن الجنرال ميشال عون ليس الوجه الآخر للسيد حسن نصرالله في معركة الرئاسة. وهذا الامر لا ينطبق على عون وحده بل، وعلى عينة اخرى من المرشحين بعضهم جزء من منظومة “حزب الله” والنظام في سوريا كالنائب سليمان فرنجية، وبعضهم الآخر مستتبع في الافعال والظلال”!