IMLebanon

عون أو لا أحد!

الحديث عن امكان وصول العماد ميشال عون الى سدة رئاسة الجمهورية يتم تداوله كثيراً في الأيام الأخيرة، وبات جمهور “التيار الوطني الحر” شبه واثق بوصول زعيمه الى قصر بعبدا. صحيح أن التقارب والحوار بين التيارين الازرق والبرتقالي ينتجان إيجابية وارتياحاً، لكن اللبنانيين يتساءلون لماذا لا تظهر هذه النتائج السعيدة عندما تكون الحاجة إليها ماسّة لتفادي المشكلات الأمنية والاقتصادية والتشنجات السياسية.

الاستحقاق الرئاسي سمح للتيار العوني بتحويل “الإبراء المستحيل” الى “إبراء ممكن”، لأن الإبراء ضروري وحيوي في وطن دفع غالياً وطويلا ثمن التشنجات والنزاعات والمواجهات العبثية وتعطيل المؤسسات.
لا أحد ينتقد الاجواء الايجابية التي يحكى عنها، لكن شرط ان تستمر الى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، ويتم تفعيلها وترسيخها وترجمتها الى ثقافة عيش، لا أن تكون مجرّد جسر عبور الى قصر بعبدا.
وبالعودة الى جلسة الانتخاب غداً الخميس، وما تردد عن تبدل أو غموض في موقف المملكة العربية السعودية، فإن وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل قال كلاماَ واضحاً في هذا الشأن، واتضح أن القبول بعون مرشحاً توافقياً كلام غير دقيق، لأن عون ينتمي الى خط سياسي واضح، وهو بعيد من التوافق. لا أحد يمانع في وصول مرشح قوي لأن التوافق ربما يضعف الرئاسة الأولى، إن لم يصل الرئيس بأكثرية تؤيده وتؤيد خطه وأفكاره وبرنامجه تحت عناوين واضحة، لكن استعمال القوة في غير مكانها، ضرب للدستور، وتعطيل للديموقراطية. ولا يمكن أحداً استعمال فتاوى واجتهادات لتبرير “جريمته” في تعطيل جلسات مجلس النواب، فلا الدستور ولا المنطق يعطيان احداً الحق في جعل موقع الرئاسة الأولى شاغراً، وتعريض التوازن للخطر، وضرب الميثاق لدوافع محض شخصية.
والمعادلة لدى التيار البرتقالي وحلفائه تقول بعون أو الفراغ، ولا نية لإيجاد حلّ، أو مرشح آخر يمكنه نيل الأكثرية. فهل هي معادلة عون أو الفراغ؟ أو معادلة الفراغ والفراغ؟ إنّ مَن يطرح عون ويعلم أن حظوظ وصوله ضئيلة، وأن لا اتفاق دولياً حوله، يدفع البلاد حكماَ الى الفراغ.
فلماذا هذه المسرحية؟ أليست لتمرير الاستحقاق من دون رئيس؟ وهل هناك مَن يسعى الى طائف جديد او دوحة جديدة، أو ربما انفجار أمني يطيح كل إيجابية، حتى المناخ الايجابي السعودي – الإيراني؟ أم علينا انتظار نهاية الأزمة السورية أو نتائج الانتخابات السورية المهزلة، ولا ناقة لنا فيها ولا جمل؟
هل يعجز ثمانية زعماء في لبنان عن الجلوس معاً والخروج بقرار ينتج رئيساً للجمهورية لا يكون بزلّة لسان من هنا وإيحاء من هناك؟ وبذلك نستعيد حقنا في لبنان وفي كرامة شعبنا من دون انتظار تبدل الريح في هذا الاتجاه أو ذاك.