IMLebanon

عون تهرّب من الردّ المباشر على الحريري لكنه لم «يبلع» المبادرة

إعطاء الأولوية للإنتخابات النيابية أسقط كل الإحتمالات

 من خلفيات اقتراح عون أنه يحسب أن يأتي بكتلة نيابية كبيرة توصله الى رئاسة الجمهورية بدون معونة من الحريري

تجنّب رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون الدخول في مواجهة مباشرة مع رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري والسبب في نظر أوساط مقرّبة منه مردّه الى أن رئيس التيار البرتقالي لا يريد أن يقطع شعرة معاوية مع رئيس التيار الأزرق ما دام الأخير لم يقطع هذه الشعرة وإن كان أطلق مبادرة من ست نقاط يُقال أنها قطعت طريق بعبدا على العماد ميشال عون، وحوّلته الى ناخب مؤثّر في انتخابات رئاسة الجمهورية من موقعه كرئيس أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب اللبناني.

ذلك لأن رئيس التيار البرتقالي بدل من أن يردّ مباشرة على ما طرحه رئيس التيار الأزرق لجهة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الانتخابات النيابية كي يجنّب البلاد أزمة دستورية، تضع النظام برمّته على المحك قدّم مبادرة مختلفة  وهي إعطاء الأولوية للانتخابات النيابية على انتخابات رئاسة الجمهورية بحيث يتوقف علي نتائج هذه الانتخابات مصير الرئاسة الأولى، فالعماد عون في مبادرته هذه ينطلق من مسلّمة تقول بأن يأتي رئيس جمهورية قوي يتمتع بحيثية نيابية، كأن يكون على سبيل المثال رئيس كتلة نيابية وازنة في المجلس النيابي يصح انتخابه لرئاسة الجمهورية وبذلك يصحح الخطأ التاريخي الذي يأتي عادة برئيس جمهورية بدون أي حيثية انتخابية لرئاسة الجمهورية حتى تحوّل موقع رئاسة الجمهورية المخصص للطائفة المسيحية المارونية الى رمز نظري لا يملك أية صلاحيات وليس له حيثية برلمانية تساعده على إدارة دفة الحكم من موقع الرئيس القوي الذي يملك كتلة نيابية مسيحية لها تأثيرها على القرار السياسي من خلال وجودها الفاعل في المجلس النيابي.

وتلاحظ الأوساط السياسية أن العماد عون عندما تعرّض لملف الانتخابات الرئاسية تناوله من زاوية مغايرة لما طرحه الرئيس سعد الحريري، أي أنه أعطى الأولوية للانتخابات النيابية، وهذا وحده يكفي لإيصال الرسالة الى رئيس التيار الأزرق من أن التيار البرتقالي لن يسلّم هو وحلفاؤه بانتخاب رئيس جديد قبل تصحيح الخلل الحاصل في التمثيل المسيحي بدءاً بمجلس النواب وصولاً الى أن يصبح للمسيحيين حق انتخاب ممثليهم في الندوة النيابية بالكامل وليس كما هو واقع الحال بالنسبة الى قانون الانتخابات الحالي حيث لا يتجاوز عدد النواب المسيحيين الذين ينتخبوا من القاعدة المسيحية الـ 30 نائباً في أحسن الأحوال.

من هنا تعتبر هذه الأوساط أن رئيس التيار البرتقالي وإن لم يسمّ في ردّه رئيس التيار الأزرق بالإسم لكنه ركّز كل ردّه على مبادرة هذا الرئيس بحيث نسفها من الأساس واعتبرها كلاماً في الهواء لا يصل الى أي مكان، ما دام المطلوب قبل الاقدام على أي خطوة تتعلق بانتخابات الرئاسة الأولى هو تصحيح الخلل الحاصل حالياً من خلال إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الأرثوذكسي الذي يؤمّن التمثيل الصحيح، الأمر الذي يؤدي حكماً حسب هذه الأوساط، الى التمديد للمجلس النيابي لأن إقرار الأرثوذكسي صعب المنال إذا لم يكن مستحيلاً بسبب معارضة تيار المستقبل له واضطرار حلفائه في قوى الرابع عشر من آذار الى مسايرته في هذا الملف كما حصل عندما اتفق رئيس التيار الوطني الحر ورئيس حزب القوات اللبنانية على تبنّي مشروع القانون الأرثوذكسي ثم ما لبث أن تراجع رئيس حزب القوات عن موقفه حتى لا يصطدم مع تيار المستقبل الذي رفض البحث في مشرع الأرثوذكسي جملة وتفصيلاً واعتبره مشروعا تقسيميا هدفه الأخير تقسيم لبنان الى كونفدراليات حسب الطوائف الأمر الذي يرفضه التيار الأزرق ويعتبره مناقضاً لصيغة العيش المشترك وبالتالي لاتفاق الطائف الذي وعلى الرغم من بعض الثغرات كرّس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وأوقف العدّ وهذا ما ركّز عليه الرئيس سعد الحريري في مبادرته الأخيرة والتي لم يهتم أحد من القيادات المسيحية بهذا الطرح، ما شجّع العماد ميشال عون على أن يتجاهل هذه المبادرة في طلّته الأخيرة ويعطي الأولوية للانتخابات النيابية على حساب الانتخابات الرئاسية وبالتالي فإن عون حاول أن يبقي على التواصل مع رئيس تيار المستقبل ولكن بعد الانتخابات النيابية وظهور الأحجام لا قبلها.