في ظل غياب أي تدخل خارجي جدي يحرّك جمود الاستحقاق الرئاسي، واكتفاء القوى الخارجية ببيان من مجلس الامن يدعو لانتخاب رئيس للجمهورية، برز موقف للعماد ميشال عون، يحذّر فيه من تكرار تجربة انتخاب رئيس للجمهورية لا يستحق الوصول إلى بعبدا
لليوم الثاني على التوالي، شُغل اللبنانيون بالانتخابات الرئاسية السورية على أراضيهم. وفي ظل ردّ الفعل السياسي المنقسم على مشهد المدّ السوري الذي استمر حتى ساعات فجر اليوم، طرأ أمس موقف بارز صدر عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، حيال الانتخابات الرئاسية. فقد نقلت أوساط عون عنه قوله: «بدأنا نشم محاولات مشبوهة لتهريب الاستحقاق الرئاسي، وذلك بأساليب ملتوية ووسائل مريبة. وكأن المطلوب تجميل الشغور لا الاتفاق على مستحق للرئاسة».
وحيال هذه المناورات، تتابع مصادر الرابية: «لن يسمح الجنرال بتكرار خطأ أو خطيئة عام 2008، يوم استبيح الدستور وعطلت المؤسسات وانتقل الوطن من فراغ إلى فراغ. كما لن يقبل بتكرار مهزلة التمديد للمجلس النيابي. فاللبنانيون مجمعون على أن لبنان ليس مزرعة، وعلى أن المطلوب رئيس يحفظ الميثاق بكل توازناته ويحافظ على الدستور بكل مندرجاته، ويلتزم ضوابط الحكم قانوناً وممارسة».
وفي هذا السياق، رأت مصادر نيابية بارزة في تيار «المستقبل» أن «لبنان دخل فعلياً في عصر الجليد»، ولا سيما أن «هناك طرفاً لبنانياً ينتظر حسماً سريعاً خلال أشهر قليلة في الميدان السوري، يمكّنه من انتخاب رئيس غير توافقي، لذا يعتبر نفسه غير مضطر لانتخاب رئيس توافقي، وأن يكرّر تجربة الرئيس ميشال سليمان». ورأت المصادر نفسها أن «لا أحد من الدول العربية والإقليمية والغربية فاعل حالياً في لبنان، باستثناء إيران، وخصوصاً على الأرض، لذا نحن لم نشهد حتى الآن أي حركة استثنائية يمكن أن تفرض علينا انتخاب رئيس». وأعادت المصادر التذكير بحديث الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخير الذي كان واضحاً بأن سوريا ولبنان ليسا في صلب الأولويات الأميركية. وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الشخصيات داخل المستقبل والمعترضة على الانفتاح على التيار الوطني الحر، الترويج لفكرة أن التقارب الذي حصل في الفترة الماضية انتهى، أكدت مصادر مستقبلية لـ«الأخبار» أن «في المستقبل من لا يزال يعتبر أن سيناريو إيصال عون إلى الرئاسة لم ينتهِ، بل مؤجّل». وأكدت أن «جناحاً كبيراً في المستقبل يصر على ضرورة إبقاء باب التواصل مفتوحاً». ولفتت إلى أن «الفراغ الذي حصل كان له نتائج إيجابية ولو بسيطة، فهو أعاد خلط الأوراق، ووحّد موقف المستقبل والتيار الوطني الحر في العديد من الملفات، كان آخرها مقاطعة الجلسات التشريعية». من جهته، أعلن رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان أن «الجنوح إلى التمديد جعله منذ سنتين ونيف يعلن رفضه المطلق له»، مشيراً إلى أن «هذا الموقف يعلمه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وأيضاً سفراء الدول الخمس وسفراء الدول الشقيقة».
مصادر الرابية:الجنرال لن يقبلبتكرار مهزلة التمديد للمجلس النيابي
على صعيد آخر، يمكن أن يعقد مجلس الوزراء أولى جلساته بغياب رئيس للجمهورية اليوم الجمعة، برئاسة الرئيس تمام سلام الذي وجه الدعوة للوزراء، في ظل تأكيد أعضاء في تكتل التغيير والإصلاح أن وزراء التكتل مصرون على المشاركة في تنظيم جدول الأعمال كجزء من تغطية غياب رئيس الجمهورية، وهو المطلب الذي يرفضه الرئيس سلام. وفي هذا السياق أكد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أن «لمجلس الوزراء الصلاحيات كاملة لملء الفراغ، وعلى مجلس الوزراء أن يتخذ قراره بالتوافق أو بالتصويت بحسب مواد الدستور، كذلك على الوزراء الذين لم يوافقوا تصويتاً أن يوقّعوا القرارات التي تحوز العدد المطلوب من الأصوات اللازمة لتمرير القرارات». من جهته، رأى الوزير علي حسن خليل في مقابلة تلفزيونية أمس أنه «يجب عقد جلسة للحكومة اليوم، وأن الرئيس تمام سلام استند إلى الدستور في دعوة الحكومة للانعقاد»، مشيراً إلى أن سلام أطلع الوزراء على جدول أعمال مجلس الوزراء. وفي موقف لافت يلمّح إلى إمكان تعطيل عمل مجلس الوزراء، أعلن خليل أنه «إذا استمر تعطيل المجلس النيابي فهناك علامة استفهام كبرى حول شرعية استمرار الحكومة»، موضحاً أن «نظامنا الديموقراطي قائم على فصل السلطات والتعاون في ما بينها، وللمجلس النيابي دوران، الأول تشريعي والثاني رقابي، وعندما نُسقط الدور الرقابي فذلك يعني أنه أصبح لدينا حكومة لا رقيب عليها، وهذا أمر خطر جداً».
على صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل، في مؤتمر صحافي بعد لقائه نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أن «لبنان يُحاول تحييد نفسه عن الأزمة السورية وفتح أبوابه لاستقبال اللاجئين، إلا أن عملية النزوح أصبحت ترتبط بقدرة المنظمات الدولية على التعداد، وبالتالي فإن لبنان ليس بإمكانه انتظار الحل السياسي في سوريا كي يغير من سياسة الأبواب المفتوحة». وأكد أن «الحكومة كانت ملزمة بأن تضع خطة تقوم على وضع حدّ لموجات النزوح السوري إلى لبنان، وتقليل أرقام النازحين السوريين في لبنان، وبناء مخيمات داخل سوريا أو على الحدود السورية، كما التأكد من أن كل السوريين الذين يأتون إلى لبنان سيعودون إلى بلادهم». وعن الإرهاب، أوضح باسيل أنه شرح لشتاينماير «استراتيجية لبنان لمواجهة الإرهاب الدولي، وخاصة في ضوء ما يحصل بالأزمة السورية». وأعلن أنه اقترح أن تستضيف ألمانيا في ضوء مجموعة الدعم الدولية للبنان، مؤتمراً لجمع المساعدات للمؤسسات الحكومية اللبنانية. في المقابل، لفت شتاينماير إلى أن «أعداد اللاجئين السوريين تشكل أعباءً كبيرة على لبنان ولذلك ألمانيا مستعدة لدعمهم». وأشار إلى أنه ناقش مع باسيل موضوع إقامة مخيمات «لكنّ قراراً كهذا لا يُمكن أن يُتخذ من دون توفير الأمن لهذه المخيمات ولا الحصول على ضمانات من سوريا في هذا الإطار».