IMLebanon

عون ـ الحريري: رحلة البحث عن مداخيل مستدامة

الرئاسة والنفط: ملفان متصلان.. ومنفصلان

عون ـ الحريري: رحلة البحث عن مداخيل مستدامة

لم يخفت حديث الرئاسة بعد.. ولن يخفت قريباً. العين ما تزال على الحوار المستمر بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون. ترتفع أسهم هذا الحوار حينا وتنخفض حيناً آخر، لكنها استطاعت أن تفرض نفسها كأهم عنصر محرك للركود السياسي الرئاسي.

عون ما يزال على قناعته بأن الخرق ممكن. لا يبدو مستعجلاً. يعمل يومياً على تجميع أوراقه والسعي إلى مكاسب صغيرة قبل أن تأتي لحظة المراهنة بـ«الصولد». ثمة من يشعر في محيطه أن أحداث العراق، على صعوبتها، يمكن أن تشكل ورقة إضافية، أو على الأقل إشارة، إلى إمكان إحداث تغيير ما في الموقف السعودي الرافض لوصوله إلى بعبدا.

الأكيد أن الرئاسة ليست العنوان الوحيد للتقارب بين التيارين الخصمين. يزداد الحديث يومياً وفي أوساط الطرفين عن اتفاق نفطي ـ غازي صار منجزاً، وإن لم ينعكس بعد على الواقع السياسي اللبناني. قلة هم من يملكون معلومات بشأن الموضوع، لكن كثراً ينشغلون في تحليل أبعاد العلاقة التي تزداد متانة بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، حتى أن الصالونات السياسية اللبنانية تضج بالحديث عن إنشاء شركة نفطية تجمع أسماء بارزة في «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بشراكة مع أحد المتمولين العاملين في هذا القطاع.

قد لا تكون هذه الشركة واقعية، لكن قياديا بارزا في «المستقبل» يجزم أن النفط صار في صلب السياسة والرئاسة والاقتصاد والتحالفات.

ما يمكن أن يوضح مسار العلاقة فعلاً، وبالملموس، هو موعد طرح مرسومي النفط على طاولة مجلس الوزراء. في السابق، كان باسيل يصر على تلزيم «بلوكين» من أصل عشرة «بلوكات» تشكل المنطقة الاقتصادية اللبنانية. كان المبرر المنطقي، حسب العاملين في القطاع، أن اكتشاف النفط في هذين «البلوكين» سيزيد من احتمالات وجوده في «البلوكات» المتبقية، ما يرفع من حصة الدولة لاحقاً، مع إمكان وصولها إلى 75 بالمئة من النفط المكتشف مقابل 25 بالمئة للشركة المنقبة. إذا تغير ذلك، وأقر تلزيم أربعة «بلوكات»، فإن ذلك سيكون بمثابة التوقيع الرسمي على الاتفاق الذي يكرس العونيين شريكاً مضارباً للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف، وفي قطاع تزيد عائداته النظرية عن 600 مليار دولار، إلى جانب الحريري ونبيه بري ووليد جنبلاط.

أما ما يتردد عن مباركة أميركية للاتفاق العوني ـ الحريري، فذلك أمر مبرر، بحسب مصادر مطلعة، انطلاقا من معرفة المسؤولين عن الملف في الخارجية الأميركية أن العونيين قادرون على عرقلة أي مشروع لا يناسبهم، وهم سبق وعرقلوا الاتفاق الحدودي الذي أنجزه فريدريك هوف في وقت سابق.

ألف باء وصول عون إلى قصر بعبدا هو حاجته لكتلة «المستقبل» لتأمين الأكثرية في مجلس النواب. ذلك إذا لم يتحقق، فإن العلاقة مع الحريري لن تذهب هباءً. في المقابل، ثمة من يؤكد أن رئيس الحكومة الأسبق لن يستطيع انتظار المكرمات السعودية دائماً. أما المملكة، فبالرغم من أنها لم تتردد في إنقاذ «سعودي أوجي» من الإفلاس، إلا أنها لا تبدو مستعدة لفتح المضخة كما كانت في السابق. المطلوب إذاً مداخيل مستدامة تحمي الحريرية السياسية وتؤمن استمراريتها.. لهذا لا بديل عن النفط. ذلك لا يعني أن معادلة النفط مقابل الرئاسة هي التي تحفّز العونيين على كسر الحواجز مع الحريري، وهي نفسها التي جعلت الحريري يحاول تسويق عون في الرياض، كما يؤكد مسؤول سابق، من دون أن ينجح في مسعاه حتى الآن بسبب «الفيتو» السعودي على رئيس «تكتل التغيير».

«التيار الوطني الحر» يحتاج إلى الأموال أيضاً للاستمرار، وليس للوصول إلى بعبدا فحسب. فإذا كان عون حالياً قادراً على جمع «التيار» بالاعتماد على «كاريزما» شخصية، فإن باسيل «الوريث الشرعي» له في زعامة «التيار» مستقبلا، يعرف أن ما هو ممكن الآن لن يكون ممكناً لاحقاً. يدرك جيداً أن له أعداء كثرا في «التنظيم الحزبي»، بعدما أبعد كثر عن دائرة القرار وعن النيابة والوزارة، وحتى بعض المناصب في الدولة. هؤلاء لن يكون بمقدوره محاربتهم إلا بالنفوذ.. المالي أولا!