فيما سُجلت زيارة لافتة لرئيس تكتل التغيير والإصلاح لعين التينة تناولت موضوعي الاستحقاقين الرئاسي والنيابي، فضلاً عن العمل الحكومي، لم يحمل وزير الخارجية الأميركية إلى بيروت شيئاً خلال زيارته الخاطفة أمس. إلا أن مواقفه استدعت توضيحات من عين التينة والسرايا
على وجه السرعة جرت زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، التي تولّى ترتيبها النائب السابق إيلي الفرزلي الذي حضر اللقاء، إضافة إلى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب (لم يحضر). دخل عون للقاء برّي من الباب الخلفي.
وبعد نحو ساعتين نزل الجنرال ليعلن أن «الزيارة تمت للبحث في ملفات عدة، بدءاً بالانتخابات الرئاسية وعمل الحكومة المهدد بالتعطيل وعمل مجلس النواب المجمّد»، معرباً عن أمله في أن «يساهم اللقاء في تذليل العقبات والتوصل إلى تفاهم وتنظيم الأمور». كان لافتاً حضور الفرزلي إلى جانب عون، في ظل غياب نواب أو وزراء تكتل التغيير والإصلاح، ما أدى إلى طرح تساؤلات عدة عمّا إذا كان قانون الانتخابات هو الوجبة الدسمة على طاولة الغداء التي جمعت بري وعون والفرزلي، وما إذا كان الجنرال يريد الدفع باتجاه تمرير الانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية، والاتفاق على قانون انتخابي جديد.
كيري: لا مرشحرئاسياً لواشنطنولا «فيتو» على أحد
في هذا الإطار أشارت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«الأخبار» إلى أن «الزيارة هي للتشاور والتنسيق بين الطرفين لتوضيح بعض الالتباسات التي اعترت العلاقة بينهما»، ومن ثم «النقاش في موضوع تعطيل دور المجلس رئاسياً وتشريعياً بعد أن أبدى برّي استياءه من موضوع مقاطعة الجلسات التشريعية وجلسات الانتخاب، وقد وعد عون ببحث موضوع الحضور دون أن يعطي جواباً نهائياً للرئيس برّي». فيما قالت مصادر عين التينة لـ«الأخبار» إن «بري وعون بحثا بالتفصيل مسألة رئاسة الجمهورية، وأكد الطرفان ضرورة انتخاب رئيس بإمكانه التعاون مع رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، ويتبنّى حماية النص الدستوري الذي يتناول هذه العلاقة». وفي ما يتعلق بقانون الانتخابات، أكدت المصادر أن «اللقاء ركّز على أهمية التعاطي معه من منطلق تحقيق المناصفة الفعلية في البلد». وبالنسبة إلى عمل الحكومة، أكد عون أن «لا نية للتعطيل لمجرد التعطيل، إنما هناك أمور لا بد من بحثها بدقة بشكل يضمن دور المسيحيين داخل مجلس الوزراء». كذلك ناقش الطرفان «مدى تطور العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل»، بحسب المصادر التي أكدت أن برّي «لم يبد دعمه لعون كمرشح رئاسي، لأنه سبق أن أعلن أنه سيسير بأي مرشح يتفق عليه فريق الثامن من آذار ويدعمه».
والموضوع الرئاسي تناوله وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارته الخاطفة لبيروت. وأكد كيري «ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى أن «بلاده لا تقترح أي اسم». وبعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام، لفت كيري إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة أمن لبنان وسيادته واستقراره». وفي ما يتعلق بالحكومة قال: «نريد حكومة لبنانية بعيدة عن التدخل الخارجي ورئيساً قوياً وبرلماناً يستجيب لمطالب الشعب اللبناني». وتطرق إلى الأزمة السورية، فدعا «روسيا وحزب الله إلى العمل لوضع حد لهذه الحرب». وأضاف: «الوضع في لبنان مختلف عن البلدان الأخرى المجاورة لسوريا، بسبب أعداد اللاجئين من جهة، وعدم وجود مخيمات من جهة أخرى، ما يشكل عبئاً كبيراً على البنى التحتية والمجتمع». وأعلن «تقديم 290 مليون دولار كمساعدات إنسانية لكل من طاولته الأزمة في داخل سوريا وفي دول الجوار التي تستقبل اللاجئين»، مشيراً إلى أن «حصة لبنان تبلغ 51 مليون دولار». وفي هذا السياق، التقى كيري الرئيس بري مكرراً كلامه الذي أدلى به في السرايا الحكومية، ولدى مغادرته علق على الزيارة بالقول إنها «كانت ممتازة». كذلك زار مطرانية بيروت للموارنة، حيث التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي. وأكد أن «إسرائيل حليف لنا ودولة صديقة، وعلاقتنا معها تتخطى حدود الأمن، وهي على أفضل ما يكون».
ونقلت محطة «ال بي سي» عن أوساط عين التينة أن الكلام الذي دار في الاجتماع بين بري وكيري يختلف كلياً عمّا أُذيع في المؤتمر الصحفي الذي عقده كيري مع الرئيس سلام، وكان إيجابياً جداً.
وأشارت المعلومات إلى أن «الحديث بين كيري وبري تناول الوضع اللبناني عموماً ووضع المنطقة، وأوضح موقف الولايات المتحدة من الانتخابات الرئاسية في لبنان وأن واشنطن لا مرشح لديها ولا «فيتو» على أحد. كذلك ركز كيري على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان».
ولفتت الأوساط إلى أنه «تم البحث في موضوع النازحين السوريين الذي أخذ حيزاً كبيراً من الاجتماع، وركز بري على ضرورة حل الأزمة السورية لما تترتب عنها تداعيات على الوضع في لبنان».
بدوره، أوضح المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء أن المؤتمر الصحافي الذي عقده كيري، في السرايا الحكومية بعد لقائه رئيس الحكومة تناول مجموعة أمور لم تكن بين القضايا التي تناولها اللقاء بين الرجلين، ومنها بصورة خاصة ما يتعلق بالعلاقات الأميركية ـــ الإسرائيلية.
وتعليقاً على زيارة كيري أكد سياسي «وسطي» أن وزير الخارجية الأميركي لم يحمل معه شيئاً إلى لبنان، بل كانت لديه «عدة ساعات» من الفراغ قضاها في بيروت!
كيري والصحافة
وأثار الفريق الإعلامي والأمني المرافق لكيري استياء الصحافيين اللبنانيين الذين شاركوا في تغطية وقائع زيارته للسرايا الحكومية ومقر رئاسة مجلس النواب. فقد اختير صحافيون محددون ينتمون إلى مؤسسات محددة لطرح أسئلتهم. وقد لوحظ أن كيري يعطي أجوبة بقراءتها عن الورقة. وحين حاول صحافيون آخرون طرح الأسئلة منُعوا من ذلك. وفي عين التينة ضيق الفريق المرافق على الصحافيين، وأغلق الباب المؤدي إلى غرفة الصحافة، ما استدعى تدخل مدير المكتب الإعلامي محمد بلوط، قائلاً لمرافقي كيري إن «مكان وجود الصحافيين ليس من شأنكم». والأغرب أن أعضاء في الوفد المرافق لكيري التقط صوراً لكل صحافي شارك في تغطية الزيارة.
سلام: أسمّي الأشياء بأسمائها
وعلى صعيد الوضعين النيابي والحكومي، نقل رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ عن سلام أنه إذا استمر الشلل «فسيسمّي الأشياء بأسمائها وليتحمّل كلّ مسؤوليته، وسوف يقول من هو الذي يعطّل ومن الذي يؤدي إلى مثل هذا الشلل».
من جهته نقل وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الرئيس نبيه بري برفقة المديرين العامين المعينين حديثاً في وزارة الداخلية أن النص الدستوري فقط من يحكم العلاقة والآلية، سواء في مجلس النواب من حيث التشريع أو في مجلس الوزراء من حيث ضرورة التصرف كمجلس وزراء مسؤول عن كل اللبنانيين ويتخذ القرارات في الوقت المناسب وفي كل القضايا التي تهم الناس دون انتقائية، ودون اتخاذ شغور مركز الرئاسة سبباً لتعطيل أي مؤسسة دستورية في البلد.
على صعيد آخر، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال غداء وداعي أقامته الكتلة تكريماً للسفير الإيراني غضنفر ركن أبادي أن إيران « ترى مصلحة لبنان السيد المستقل المحرر والموحد والقوي، ووحدة شعبه واستقرار وضعه وانتظام مؤسساته وعدم التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية عين مصلحتها».