الراعي يدعو النواب للامتناع عن التشريع!
عون لفرنجية: لا أنتظر الحريري
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم التاسع عشر على التوالي…
وإذا كانت المراوحة في مستنقع الانتظار هي سمة الاستحقاق الرئاسي حتى إشعار آخر، فإن الحكومة ستكون اليوم على موعد جديد مع محاولة تنشيط «خلاياها» وتنظيم آلية عملها، قبل أن تصاب هي أيضا بـ«فيروس» التعطيل الذي أصاب مجلس النواب، وتسبح بدورها في الفراغ، بدل أن تكون إحدى وسائل مواجهته، فيما كانت لافتة للانتباه مطالبة البطريرك الماروني بشارة الراعي النواب بأن ينتخبوا فوراً رئيساً للجمهورية وأن يتوقّفوا عن أيّ عمل تشريعي.
وأبلغت مصادر مقرّبة من الرئيس تمام سلام «السفير» أن مناخ ما قبل جلسة مجلس الوزراء إيجابي، مشيرة الى أن الاتصالات التمهيدية التي سبقت الجلسة تؤشّر الى مرونة في مقاربة مسألة الآلية، وإن يكن الحذر يظل مطلوباً على قاعدة «ما تقول فول حتى يصير بالمكيول».
ولفتت المصادر الانتباه الى أن المؤشّرات التي تجمّعت لديها لا توحي بأن التعطيل الذي أصاب مجلس النواب سينسحب على مجلس الوزراء، مشدّدة على أن هناك حاجة ملحة كي تعمل الحكومة بالقدر الضروري لتسيير شؤون المواطنين والدولة، مع مراعاة «الحساسية المرهفة» التي نشأت لدى البعض بفعل الفراغ الرئاسي.
عون ـ فرنجية
ولا يبدو أن هذا الفراغ سيُملأ في المدى المنظور مع بقاء الاصطفافات في المواقف على حالها، بحيث أن تحريك المياه الرئاسية الراكدة بات يتطلب، وفق مصادر واسعة الاطلاع، صدمة ما، ليس بالضرورة أن تكون أمنية كما يتخوف البعض، بل ربما تكون سياسية أو ديبلوماسية من النوع الذي يسفر عن إعادة خلط الأوراق وإنتاج دينامية تفضي الى انتخاب رئيس، وإلا فإن الانتظار سيطول لأن الوقائع الحالية لا تسمح بأي اختراق.
واستحقاق رئاسة الجمهورية كان حاضراً بقوة في اللقاء الذي عقد أمس، في الرابية بين العماد ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، بحضور الوزير السابق يوسف سعادة.
وعلمت «السفير» أن جواً من المصارحة المتبادلة ساد اللقاء الذي انتهى الى إعادة ضخ الحرارة في العلاقة بين الرجلين، على المستويين الشخصي والسياسي، بعد فتور تسرّب اليها مؤخراً.
وشرح كل من عون وفرنجية خلال الاجتماع وجهة نظره حيال الملفّات المطروحة من رئاسة الجمهورية الى آلية عمل الحكومة، مروراً بأزمة سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها.
وعُلم أن عون عرض مراحل الحوار بينه وبين الرئيس سعد الحريري، مشدّداً على أن علاقته بالحلفاء أساسية، ولها الأولوية، ومن خلالها يخوض الحوار مع الحريري، وليس على حسابها.
وأظهر «الجنرال» قدراً كبيراً من الواقعية في مقاربة الحوار مع الحريري، مشيراً الى أنه حقّق إيجابيات عدة على أكثر من صعيد، لكنه لا يملك أوهاما في شأنه، وهو لا ينتظر جواباً حاسماً لا اليوم ولا غداً من رئيس «تيار المستقبل» في شأن دعم وصوله الى رئاسة الجمهورية.
واعتبر عون أن ما حققه هذا الحوار حتى الآن يكفي لاستمراره، من دون أن يعني ذلك أن نتائجه النهائية مضمونة، ومن دون أن يكون موعوداً بأي شيء، خصوصا في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي.
وبدا عون في الاجتماع متمسّكا بثوابته الإستراتيجية المعروفة، وحريصا على بقاء العلاقة مع الحلفاء جيدة، مبدياً في الوقت ذاته الانفتاح على النقاش مع «المستقبل»، لأن التواصل ضروري ويفيد في كسر الحواجز بين اللبنانيين.
أما فرنجية، فقد أكّد لعون أنه يعتبره المرشح الاساس لفريق «8آذار» وأنه سيقف معه حتى النهاية في معركة الرئاسة، لكنه صارحه بأنه غير متفائل بإمكانية حصوله، أي «الجنرال»، على دعم صريح من الحريري.
وشدّد فرنجية بعد اللقاء على أن انتصار عون «هو انتصارنا وخسارته هي خسارتنا»، مشيراً إلى أنه أكّد دعمه له، «وقد سُرِرت بأنّه ليس موهوماً بما يحصل من أمور، أو حتّى بما يحاولون إيهامه به، فهو ينظر إلى الأمور بنسبة 99 في المئة كما ينظر إليها حلفاؤه الحقيقيون، وهذا ما يشعرنا بالاطمئنان.»
ورأى أن «من يهمّه الموقع المسيحي الأوّل، لا يلجأ إلى انتخاب مسيحي ضعيف بل يسعى الى وصول مسيحي قويّ، يكون شريكاً فعلياً في هذه الدّولة، وهو سيأتي بالتّأكيد، لكنّ الإتيان به، قد يكون بعد أزمة أو نتيجة توافق. وأنا أتمنّى أن يأتي بتوافق». وتساءل: لو كان فريقنا لديه 65 صوتاً مضموناً، وذهبنا إلى المجلس النيابي، هل كان فريق «14 آذار» ليشارك في جلسة التصويت؟ وأضاف: أعتقد أنّهم كانوا سيقاطعون ويعمدون إلى نسف النصاب.
الراعي ضد التشريع!
وفي سياق متصل، اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال افتتاح الرياضة الروحية والسينودس السنوي في بكركي «أنّ الممارسة الحالية في عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية تنتهك الدستور والميثاق الوطني معاً وهذا أمرٌ مرفوض بالمطلق ومعيب بكرامة المجلس النيابي والشعب والوطن». ودعا النواب الى أن ينتخبوا فوراً رئيساً للجمهورية بحكم المادّتَين 73 و74، وأن يتوقّفوا عن أيّ عمل تشريعي عملاً بالمادة 75.
وقالت أوساط مقرّبة من الراعي لـ«السفير» إن المبادرة الشجاعة تقتضي «عدم التشبث بالكرسي وتقديم بعض التنازلات». ونفت كل ما يقال عن «تصعيد شعبي قد يلجأ اليه البطريرك كأن يدعو الناس الى التظاهر امام مقرات النواب الذين يتغيبون عن جلسات انتخاب الرئيس»، مؤكدة «ان هذه ليست من اولويات البطريرك ولا من اسلوبه وانما هو ماض في مساعيه الحوارية».
وأوضحت الاوساط ان ما سيقدم عليه البطريرك يندرج في إطار «تسمية الاشياء بأسمائها بمعزل عن المراوغة والتكاذب في مفاوضات يقال إنها قائمة ولكن فعليا يتبين ان الجميع يعلن ما لا يضمر».