عون متمسك بترشيحه حتى أغسطس ويشترط أن يختار الرئيس اللبناني
أبلغ زواره بأن المعادلة القائمة حاليا في الانتخابات الرئاسية هي «أنا أو لا أحد»
بيروت: بولا أسطيح
يبدو أن الساحة السياسية اللبنانية تعيش ما يشبه حالة رضوخ لعدم قدرة المعنيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذ يُتوقع أن يكون مصير جلسة الانتخاب المقررة في التاسع من يونيو (حزيران) المقبل مماثلا لسابقاتها الخمس لجهة مقاطعة معظم قوى 8 آذار الجلسة، مما يضرب النصاب الدستوري المطلوب لانعقادها.
وفي حركة لا تشير المعطيات إلى أنها قد تحقق أي خرق في جدار الأزمة الرئاسية، يجول أعضاء المجلس العام الماروني والرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار على الأقطاب الموارنة الأربعة، رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، رئيس حزب «القوات» اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، بمسعى لتحقيق توافق مسيحي حول اسم أحدهم، وهم مرشحون للرئاسة لم يعلن منهم إلا جعجع رسميا عن ذلك، أو على اسم آخر من خارج دائرة الأقطاب المسيحيين.
وكشفت مصادر الوفد المسيحي الذي زار أمس الخميس عون في دارته في منطقة الرابية شمال شرقي بيروت أن الأخير أبلغهم وبطريقة دبلوماسية أن «المعادلة القائمة حاليا في الانتخابات الرئاسية هي عون أو لا أحد». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «عون ماض في ترشيحه حتى أغسطس (آب) المقبل، على أن يتحول بعدها لصاحب الكلمة المرجحة والطرف الذي يختار الرئيس الجديد للبلاد». وأضافت «هو يعي تماما مخاطر استمرار شغور سدة الرئاسة لأشهر وأشهر، لذلك أعطى مهلة شهرين حتى حسم موضوع ترشيحه».
ولا تزال قوى 14 آذار متمسكة بترشيح جعجع للرئاسة محمّلة النواب الذين يعطلون النصاب مسؤولية فراغ سدة الرئاسة الأولى. وفي هذا الإطار، نبّه النائب في حزب «الكتائب» نديم الجميل إلى خطورة الاعتياد على شغور سدة الرئاسة والتعاطي مع الموضوع بلامبالاة وكأن الحياة ستستمر برئيس أو من دونه. وقال الجميل لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا، وقد يكون المطلوب اللجوء إلى الشارع لتأمين انتخاب الرئيس تماما كما يتم اللجوء إليه حاليا لتأمين مطالب العمال».
وأكّد الجميل تمسك قوى 14 آذار بترشيح جعجع، داعيا نواب 8 آذار للنزول إلى البرلمان لانتخاب رئيس، محذرا من أنه ووفق المعطيات الحالية فإن «الفراغ طويل وخطير ومؤذ». وأضاف «كل المسؤولية يتحملها النواب الذين قرروا أن يفرطوا في هيبة الرئاسة، وهم على استعداد لإدخال كل مؤسسات الدولة في الفراغ شرط أن يوصلوا مرشحهم إلى سدة الرئاسة».
وقد أخفق مجلس النواب اللبناني بعد خمس جلسات مخصصة لانتخاب رئيس جديد في إتمام مهمته، كنتيجة حتمية لتوازن الرعب القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق 8 آذار 57 نائبا وفريق 14 آذار 54 نائبا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على أن الرئيس يجب أن يحصل على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن نصه على ضرورة تأمين النصاب من قبل ثلثي أعضاء البرلمان جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين الأصوات الـ65.
وشدّد علي خريس، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على وجوب إتمام الاستحقاق الرئاسي، لافتا إلى أن حركة أمل، التي يرأسها بري أيضا، تسعى باستمرار لتأمين التوافق من أجل انتخاب رئيس جديد. وقال «أن نتفق على رئيس آخر مهم، لكن تعطيل المجلس النيابي غير مقبول». وتساءل خريس في تصريح «هل تعطيل مجلس النواب ستليه خطوة أخرى تؤدي إلى تعطيل مجلس الوزراء؟».
بدوره، حمّل رامي الريس، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط «كل مكونات الطبقة السياسية مسؤولية شغور موقع الرئاسة، وإن بنسب متفاوتة»، داعيا إلى وجوب «عدم تكرار التجربة الحكومية في الملف الرئاسي، وتعطيل الحياة السياسية بانتظار المؤشرات الإقليمية والدولية، ورفض اعتبار موقع رئاسة الجمهورية ملكا لطائفة أو لمذهب». وشدّد الريس على «ضرورة التوصل إلى انتخاب رئيس يتمتع بأكبر قدر ممكن من الحيثية والقبول من مختلف المكونات السياسية»، معتبرا أنه «لا طرف لبنانيا يملك مفتاح قصر بعبدا». وقال الريس «في حال قرر تيار المستقبل السير بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، فإن عليه دراسة تبعات هذا القرار على خريطة التحالفات السياسية داخل البلد».