IMLebanon

عون والمرشّح التوافقي: خيار الضرورة!

الانتخابات الرئاسية والتمديد.. مساران منفصلان

عون والمرشّح التوافقي: خيار الضرورة!

أوعز رئيس مجلس النواب نبيه بري، فور صدور تعميم وزارة الداخلية، الى فريقه النيابي في «كتلة التحرير والتنمية» بتحضير أوراقه وملفات الترشيح لتقديمها الى الوزارة. عمليا، يصعب قنص تلميح واحد يوحي بقول بري، تحت الطاولة، عكس ما يقوله فوقها. في عين التينة ما يشبه «الفرمان» الذي يحرّم النقاش بالتمديد للمجلس النيابي.. في الوقت الراهن.

في العام 2009، كما اليوم، يتصرّف بري من منطلق أنه آخر من يخشى الانتخابات النيابية. هي مسألة التحالف الحديدي مع «حزب الله»، والنفوذ المسلّم به في بعض المواقع، والحصّة المحفوظة، والمناطق الساقطة انتخابيا بيد رئيس المجلس!

قبل نحو أربع سنوات، غطّى رئيس المجلس التمديد، وعلى السطح، بالتكافل والتضامن مع «حزب الله». في الشكل، امتنع العضوان الشيعيان في المجلس الدستوري من حضور جلسات النظر بالطعن المقدّم في قانون التمديد.

في الأسباب الموجبة سياسيا، استوعبت عين التينة الاتهامات التي سيقت ضدّها بعرقلة الاستحقاق النيابي، ما دامت تصرّفت يومها من وحي متطلّبات الأرض اقليميا وداخليا. كان «حزب الله» قد بدأ القتال في سوريا، ومعركة الحسم تدقّ أبواب القصير، والحدود فالتة، وقنبلة النازحين تتضخّم تدريجا.. والأهم ان «حزب الله» كان يعبّر عن قلق فعلي من الخطر الآتي صوب الداخل اللبناني في حال لم يتصرّف ويبادر الى خطوات استباقية.

اليوم الوضع الأمني السياسي ليس أفضل حالا أبدا، لا بل زاد سوءا. التمديد الثاني، ربما يبدو أكثر الحاحا من التمديد الأول، لكن بري يرفضه من وجهة نظر باتت معروفة، تربط القبول بالتمديد، كأمر واقع، بشرط تفعيل أداء السلطة التشريعية كي لا يغرق المجلس بـ«صناديق البندورة» هذه المرّة!

فريق بري يوحي اليوم، أكثر من قبل، بجهوزية عالية لخوض الانتخابات النيابية، وإن كان التمديد ينتظر الجميع على الكوع. الخلفية هي نفسها، وتنطلق من الحصة المحفوظة، والأهم، من عدم الخوف من الفريق المتأهّب لطرح ملف «خليفة» بري في الرئاسة الثانية، والقوطبة على الولاية السادسة.

يقول المقرّبون من رئيس المجلس «هي مسألة موازين قوى سياسية لا شيء يوحي بتغيّرها في هذه اللحظة المفصلية. عام 2005، تدخّلت دول، ووضعت الفيتوات، وبقي الرئيس بري في موقعه. العام 2009، حصد بري 90 صوتا من اصل 128 نائبا، وفي وقت كان اتهم فيه بإقفال مجلس النواب لعام ونصف عام!».

لكن اليوم الى جانب التمديد المحسوم، رغم الشهية النظرية للانتخابات النيابية، تشير أوساط وزارية الى وجود معطيين أساسيين: أولهما القرار الخارجي بالحفاظ على الحكومة الحالية وعدم المسّ بتوازناتها، وإن بإنتاجية وزارية لا ترتقي الى المستوى المطلوب. العارفون يقولون ان الطاقم الوزاري الحالي يمتلك مقوّمات الحدّ الأدنى لمواجهة تحدّيات المرحلة في الأمن والسياسة والعسكر، وهو الأمر الذي لم يكن متوافرا في الحكومة الماضية.

المعطى الثاني هو التعويل على الجلسة المحدّدة لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 أيلول الجاري، وما يعنيه هذا التاريخ من ربط شكلي بالتاريخ الثابت لانتخاب رؤساء الجمهورية، حيث انه حتى العام 1982 كانت المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس هي بين 23 تموز و23 أيلول، وكان الرئيس بشير الجميل قد انتخب في 23 آب، والرئيس أمين الجميل آخر من شملته هذه المهلة في 22 أيلول عام 1982.

هذا في الشكل، أما في المعطى السياسي، فإلى جانب الحراك الاقليمي غير المحدّد المعالم بعد، ثمّة من يشير الى إمكان كسر الجمود الرئاسي نهاية هذا الشهر، من دون تقديم أدلة ثبوتية تعزّز هذا التوجّه.

وفي مقابل الموقف السلبي جدا للعماد ميشال عون من المبادرة التي أطلقتها قوى «14 آذار»، والردّ عليها بـ«اللامبالاة المطلقة»، فإن ثمة من يروّج بأن رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» بات اليوم أقرب الى نظرية «الرئيس التوافقي القوي»، مع عدم التخلّي نهائيا عن ورقة «الجنرال» بصفته الأحقّ ميثاقيا ووطنيا وتمثيليا بالتربّع على كرسيّ الرئاسة. حسم الخيار التوافقي، برأي مطلعين، قد يحصل بناء على مدى التزام القوى الأخرى بدفتر شروط الرابية بشأن رزمة متكاملة من الاصلاحات من الرئاسة الى النيابة.. وإلا فلا انفراجات رئاسية.

أبعد من ذلك، تؤكّد معلومات أن الاسم البديل لدى ميشال عون عن ميشال عون، هو في طور التداول الجدّي. المفتاح الأساسي، ان هذا المرشّح أو غيره، لن يحمل لقب الفخامة من دون أن يكون «جنرال الرابية» عرّاب عملية انتخابه وتكريسه رئيسا بمواصفات وطنية مقبولة. المسألة مسألة وقت فقط.

تتقاطع هذه الأجواء مع معطيات تفيد بأن الانتخابات الرئاسية ستسبق حتما أي انتخابات نيابية التزاما بجدول الاستحقاقات العالق، وهما أصلا مساران منفصلان عن بعضهما البعض، وانتخاب الرئيس قد لا يعني بالضرورة قطع الطريق على التمديد لمجلس النواب.

فالتمديد المؤكد، برأي أوساط متابعة، يحتاج في نهاية المطاف الى وجود رئيس جمهورية يوقّعه ويطلب نشره، بعد إحالته من رئيس مجلس النواب وتوقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصّين عليه. أما في حالة اليوم بتولّي مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية، فإن عدم توقيع وزير واحد قد يمنع صدوره.

لكن يقابل وجهة النظر هذه واقع أن رئيس الجمهورية أصلا وفي حال عدم توقيعه وردّه القانون الى مجلس النواب، فإن البرلمان إذا أعاد إقرار القانون بأكثرية مطلقة يصبح على الرئيس واجب نشره، وإن لم يفعل، يصبح القانون نافذا حكما ويوجب نشره.