IMLebanon

عِقَدْ طارئة تهدّد وقف النار في عرسال

عِقَدْ طارئة تهدّد وقف النار في عرسال

باريس مستعدة لتسريع الأسلحة .. و14 آذار تطالب بقوات دولية شرقاً

السؤال الذي فرض نفسه بقوة على جدول الاهتمامات في اليوم الرابع للاعتداء المسلح على الجيش اللبناني في عرسال والاشتباكات بين وحداته والعناصر المسلحة المنتسبة الى «جبهة النصرة السورية» وتنظيم «داعش» هل يمكن ان تؤسس هدنة وقف النار، التي سبقها اطلاق سراح بعض العسكريين المحتجزين لدى «التنظيمات المتطرفة» وترمي الى ادخال مساعدات انسانية وغذائية واجلاء الجرحى، الى خطوة اهم تتمثل بانسحاب مئات المسلحين السوريين، الغرباء عن البلدة، وتجنيب عرسال ومنطقتها ولبنان خضات عسكرية وامنية، تدفع بالبلاد الى تداعيات الازمة السورية، على مستوى المعارك داخل لبنان، بعد الانقسام السياسي والاعباء الخطيرة المترتبة على النزوح فوق الطاقة لمليون ونصف مليون نازح سوري؟

 وقف النار، الذي توصلت اليه «هيئة العلماء المسلمين» عند السابعة من مساء امس، دخل حيّز التنفيذ، وفقا لرئيس بلدية عرسال علي الحجيري عند الساعة الثامنة والنصف، لكن خرقاً حصل قرابة العاشرة، لم يمنع من استمرار الرهان على وقف النار، وحلحلة الازمة، عقدة عقدة، بما يسمح بانهاء الوضع المتفجّر وحصر ذيوله ميدانياً، وسياسياً، داخل عرسال.

هدنة.. وخطة

 وتزامنت مفاوضات التوصل الى هدنة وقف النار لمدة 24 ساعة، مع اعلان قوى 14 آذار خطة انقاذية من 12 نقطة، بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجهورية لتحصين لبنان من الاخطار، واطلاق سراح المحتجزين من الجيش والقوى الامنية فوراً وانسحاب المسلحين غير اللبنانيين من عرسال، ولا تنتهي بالطلب الى حزب الله الانسحاب من سوريا، في ظل اهتمام اميركي ودولي بضرورة ابعاد لبنان عن النار المشتعلة في العراق وسوريا.

وتوجت المساعي التي بدأت في اليوم الاول لاندلاع الاشتباكات مساء بالاتفاق على خطة وقف النار بعد اجتماع عقد في السراي الكبير، برئاسة الرئيس تمام سلام وحضره الوزيران نهاد المشنوق واشرف ريفي، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير، ووفد من هيئة المسلمين وفعاليات من عرسال.

وتتضمن الخطة مرحلتين: الاولى، وتتضمن:

1- وقف النار عند الساعة السابعة مساءً.

2- يستمر وقف النار 24 ساعة.

3- يسبقه اطلاق عدد من العناصر العسكرية المحتجزة لدى المسلحين، كبادرة حسن نية.

4- يدخل وفد العلماء ومعه ادخال المساعدات الانسانية والغذائية.

5- يتم نقل الجرحى الى المستشفيات.

وقد اعلن الرئيس سلام التعليمات اللازمة لاستقبالهم على نفقة وزارة الصحة.

اما المرحلة الثانية فتقضي بـ:

1- تثبيت وقف النار.

2- الافراج عن جميع المحتجزين من عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي، وعلم ان 11 عنصراً من الجيش اسرى لدى الجماعات المسلحة، داخل عرسال، وهناك 6 عناصر آخرين، محتجزين خارج البلد.

3- بعد ذلك، يبدأ انسحاب المسلحين من غير ابناء البلدة الى خارجها، الى النقاط التي كانوا فيها قبل المعارك.

واتفق على تشكيل لجنة مشتركة من ابناء عرسال والمسلحين وهيئة العلماء لاجراء التفاوض حول تسليم المعتقلين والاسرى.

ووفقاً للمعلومات الرسمية، فإن الرئيس سلام اتصل بقائد الجيش العماد جان قهوجي، عارضاً عليه مسودة اقتراح وقف النار.

وذكرت المعلومات ان العماد قهوجي ابلغ الرئيس سلام موافقته على هذه الصيغة والتزام الجيش الهدنة التي توصلت اليها جهود الهيئة، مؤكداً بقاء الجيش على تأهبه الكامل وعدم التساهل مع اي خرق من قبل المسلحين.

وتخوف مصدر مطلع من عقد تواجه تنفيذ الاتفاق، لا سيما مطالبة المسلحين عدم دخول الجيش الى البلدة والعودة فقط الى النقاط التي كان فيها قبل الاشتباكات، وهو الامر الذي يرفضه الجيش، وسط انقسامات في صفوف المسلحين، بين قابل بوقف النار ورافض له.

وعرف الوضع الأمني انتكاسة بعد العاشرة، حيث دارت اشتباكات عنيفة في وادي الرعيان وعين عطا ومحيط المهنية ومسجد أبو إسماعيل، بعد محاولة المسلحين الهجوم على مركز للجيش هناك.

وعلمت «اللواء» أن قائد فوج المجوقل في الجيش اللبناني نجا مساء أمس من إطلاق نار كثيف تعرض له موكبه في وادي حميد أثناء تنقله بين مراكز الجيش في عرسال.

ووفقاً لمصادر وزارية مطلعة، فان الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، وهو رهن الوضع في القلمون.

الحجيري لـ«اللواء»: المسلحون

 على استعداد للانسحاب

 وأكّد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ «اللواء» أن القصف توقف عند الثامنة والنصف مساء، كاشفاً عن دمار طاول عشرات المنازل، وسقط من أهالي عرسال 8 شهداء، بعضهم سقط بالقصف العشوائي، والآخر دفاعاً عن مخفر الشرطة (الدرك).

ولم يحسم الحجيري ما إذا كان القصف على البلدة جاء من حزب الله، أم من الجيش اللبناني، لكنه اشار إلى أن وسط البلدة يقع تحت سيطرة المسلحين، وكذلك جرودها من الناحية الشرقية.

وحول أوضاع الأسرى من جيش وقوى امن داخلي، قال «هم بأمان وأن المسلحين يعتبرونهم ضمانة لهم، وأن المسلحين على استعداد لوقف إطلاق نار والانسحاب من عرسال بعد تشكيل لجنة أهلية يوكل اليها حماية المدنيين السوريين المتواجدين في البلدة بكثافة منذ شهور بعد تهجيرهم من مدنهم وقراهم». وقال: «اذا حسنت النيّات فان الأمور تعود إلى طبيعتها بسرعة، وأطالب الدولة بالاهتمام بعرسال». (راجع ص4).

وفي السياق نفسه، نسبت وكالة «رويترز» إلى شاهد عيان سوري عبر رسالة نصية قوله: «الوضع سيئ، العائلات محاصرة داخل البلدة، النازحون في الطرقات، يوجد نقص حاد في الخبز، والوضع الطبي سيئ جداً».

تسريع الأسلحة

 وسط هذه المعمعة، كشف مصدر وزاري لـ «اللواء» أن الجولة التي قام بها السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل، على الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام هدفت إلى وضعهم في صورة التعاون العسكري مع الجيش اللبناني، والحث على النأي عن الأزمة السورية، لإبعاد لبنان عن خطر الالتحاق بالمعارك الجارية هناك.

وكشف المصدر عن أن الولايات المتحدة الأميركية سرّعت في غضون الـ48 ساعة الماضية في تسليم لبنان بعض الأسلحة، وهذه العملية كانت مقررة غير أن احداث عرسال عجّلت في إيصالها إلى لبنان، موضحة أن هناك اتصالات مع فرنسا أيضاً لتزويد لبنان بالسلاح، وهذا الطلب يلقى قبولاً لدى المسؤولين الفرنسيين.

وكان العماد قهوجي طالب فرنسا تسريع تسليم الأسلحة التي من المقرّر أن يحصل عليها بموجب هبة سعودية، مؤكداً ان الوضع في محيط عرسال «خطير»، وأن المعركة مع التكفيريين مستمرة، مصراً على ان الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين.

وبعد ساعات من موقف قهوجي، قال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني «نحن على اتصال وثيق مع شركائنا من أجل تلبية احتياجات لبنان سريعاً»، مؤكداً أن «فرنسا ملتزمة بالكامل بدعم الجيش اللبناني الذي هو ركيزة استقرار لبنان ووحدته». وسبقت الموقف الفرنسي رسالة دعم سعودية عبّر عنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتأكيده في اتصال هاتفي مع رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان «عزمه على الإسراع في تنفيذ الدعم الاستثنائي للجيش اللبناني»، بحسب ما أفاد المكتب الاعلامي لسليمان في بيان. وأكّد العاهل السعودي وقوف بلاده «بجانب المؤسسة العسكرية في مواجهة الإرهاب، وادانته لهذه الاعمال البعيدة عن قيم الانسان والانسانية».

14 آذار: خطة للإنقاذ

 سياسياً، شهد الموقف السياسي بعد الإجماع الذي عبّر عنه مجلس الوزراء في الانتصار الموحّد والوقوف خلف الجيش اللبناني صفاً واحداً لدعمه في مهامه الوطنية في مواجهة «الإرهاب»، طرأ تطوّر على الموقف عبّرت عنه قوى 14 آذار ببيان، وصف بأنه «ربط جديد للنزاع مع حزب الله».

فبعد موقف صباحي للرئيس سعد الحريري أكد فيه أن «دعمنا الجيش اللبناني في معركته ضد الإرهاب والزُمر المسلحة التي تسللت الى بلدة عرسال، هو دعم حاسم لا يخضع لأي نوع من أنواع التأويل والمزايدات السياسية، ولا وظيفة له سوى التضامن على حماية لبنان ودرء المخاطر التي تطل برأسها من الحروب المحيطة»، رافضاً أي تغطية لمشاركة حزب الله في القتال السوري، عقدت قيادات 14 آذار اجتماعاً موسعاً مساء أمس في «بيت الوسط» ناقشت خلاله الاعتداءات التي تعرّض لها الجيش وقوى الأمن في عرسال وجوارها، وحضره نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، ورئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، والنائبان نديم الجميّل وسامر سعادة (الكتائب)، ومنسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار وقيادات ونواب من كتلة المستقبل.

وبعد الاجتماع، تلا رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة خطة إنقاذية من 12 بنداً، ركزت على الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإدانة الاعتداء على الجيش اللبناني، وإطلاق سراح جميع المحتجزين من العسكريين اللبنانيين، وانسحاب جميع المسلحين غير اللبنانيين من عرسال وتحميل حزب الله ومن يتحالف معه جزءاً كبيراً من مسؤولية ما تعرضت له عرسال وما يتعرض له لبنان وجيشه، بسبب تورطه في القتال الجاري في سوريا، والطلب الى الحكومة أن تطلب من مجلس الأمن أن تشمل إجراءات تنفيذ القرار1701 على طول الحدود اللبنانية – السورية لمنع تسلل المسلحين بالإتجاهين، واعتبار هذا القرار الوسيلة الوحيدة لحماية لبنان من العنف، ومطالبة المعارضة السورية إدانة الاعتداء والتنبّه الى خطورة تورّط مسلحين سوريين في صراع مسلح انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، والطلب الى حزب الله الانسحاب الفوري من سوريا، والالتفاف حول الجيش اللبناني ورفض أي سلاح غير شرعي والتضامن مع عرسال، والطلب الى الحكومة اللبنانية إقامة مراكز إيواء منظمة على مقربة من الحدود اللبنانية – السورية.

عون: لمفاوضة

 النظام السوري

 وعلى صعيد المواقف السياسية، كانت مواقف متباعدة عن توجهات 14 آذار للتيار الوطني الحر، عبّر عنها رئيسه النائب ميشال عون الذي طالب بالتفاهم مع سوريا لمواجهة «داعش» وإعادة النظر بوضع النازحين السوريين، محذراً من التفاوض مع «داعش»، ومعتبراً أن المطالبة بتوسيع القرار 1701 وهم والحدود مسؤولية لبنانية – سورية.

ورفض عون تحميل حزب الله مسؤولية ما حدث في عرسال، معتبراً أن النيران اشتعلت في عدد من الدول العربية، قبل أن يكون حزب الله موجوداً في سوري، وأن الكلام عن مسؤوليته «خزعبلات».

واعتبر عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون في تصريح لـ «اللواء» أنه «لو أعطي الغطاء للجيش اللبناني والقوى الأمنية منذ حصول أول حادثة في عرسال والتي ذهب ضحيتها المقدم بشعلاني والمؤهل أول زهرمان، لما كنا وصلنا الى ما وصلنا إليه»، معلناً أن غياب الدولة في ذلك الوقت والتساهل، جعل من عرسال منطقة خارج السيادة اللبنانية، فأتت إليها عناصر غريبة.

ورأى النائب عون أن فلتان الحدود أدى الى ما أدى إليه، مؤكداً أن لا خلاف مع أحد بشأن ضبط الحدود وأهمية تحمّل الدولة مسؤولياتها في هذا الصدد، وقال: «الجنرال عون اعتبر أن المطالبة بتوسيع القرار 1701 وهم لأن لكل وضع حاصل شروطه وحيثياته والوضع في الجنوب مختلف كلياً عن الوضع في الشمال والبقاع».

ووصف عون موقف الحكومة أول من أمس بـ «المشرّف»، ودعا من وصفهم بأصوات النشاز التي تصدر بحق الجيش الى الاقلاع عن الكلام وإبداء الدعم الكامل له في معركته ضد الإرهاب.

طرابلس

 في تطور ميداني متصل، عزز الجيش اللبناني دورياته السيّارة وحواجزه الثابتة في طرابلس، بعدما تعرّض عناصره لإطلاق النار صباحاً، أدى الى إصابة 7 عسكريين بجروح.

وأصيبت بالتراشق طفلة ما لبثت أن توفيت كما أصيب مواطن آحر من التابعية السورية.