انه العار والشنار عندما يعلق عشرات الآلاف من الطلاب اللبنانيين في ممر من الخيبة والمرارة، بين الدولة وأساتذة يحسب الذين يحملون راياتهم ويتقدمون صفوفهم، في الساحات انهم نسخة عصرية من طارق بن زياد، فالعدو من امامكم والبحر من ورائكم فاهجموا (يا قاتل يامقتول)، فالسلخ نازل في بقرة الدولة ولن تبقى لكم حصة!
اذاً لتقع الواقعة ويتدحرج الوضع الاقتصادي العام على درج سلسلة الرتب والرواتب، فالمهم هو تطبيق “وعد بلفور” الذي حصل عليه المعلمون والموظفون، عندما ذهبوا يطلبون زيادات محقّة على رواتبهم، ففوجئوا برئيس الحكومة يومها نجيب بن حاتم طي الميقاتي يقدم لهم وعده العشوائي:
“لماذا لا نعطيكم سلسلة الرتب والرواتب أسوة بالقضاة واساتذة الجامعة”. وهكذا تحول الوعد الهمايوني مسلسلاً للكر والفر بين حقوق موعودة للمعلمين والموظفين وخزينة قاصرة بسبب السمسرات والنهب والسطو الفاجر على المال العام ودائماً وفق محاصصات سياسية وقحة، وتعطلت السنة الدراسية وأنارت بالإطارات والحرائق الشوارع والساحات المعتمة، في ليالي بالوعة شركة الكهرباء التي تكلّف الخزينة ثلث الدين العام!
وتحول الطلاب المساكين ضحية تنام وتصحو وهي ترتعد خوفاً من زعيق زميلنا نعمة محفوض الذي من العجب العجاب انه لم يصب قط بالبحة بسلامة قلبه وصوته، ثم تبين انه محق في غضبه الساطع، اولاً لأن ميقاتي قطع وعداً يوم كان رئيساً للحكومة، وثانياً لأن النهب قائم قاعد في الدولة فلماذا لا يعطى الموظفون والمعلمون حقوقهم الضرورية؟
اما السبب الثالث وهو الأدهى فقد تمثل بمناورة من يظن انه الشاطر حسن، اي وزير التربية الياس بوصعب الذي كشف انه كان يناور بالقول لهيئة التنسيق “تمسكوا بعدم تصحيح المسابقات” ليعطيهم عنصراً اضافياً ضاغطاً حيال مطالبهم، وطبعاً ليحصل على مزيد من الشعبوية (وأضرب عدوك لا مفر)!
عندما دهمتنا السنة الجامعية التي تقرع الابواب والعقول المغلقة، فوجيء المعلمون بوزير التربية يلحس وعده لهم بأنه لن يوافق على الافادات المدرسية بدلاً من الشهادات، بالإعلان عن قبوله بالافادات التي كانت قد منحت آخر مرة في عام ١٩٨٧ واكثر من هذا، كانت المفاجأة ان معاليه كشف متفاخراً انه من الذين دخلوا الجامعة بإفادة مدرسية.
ليس مثيراً ان يستسهل بوصعب الأمور بالقول انه اخطأ عندما حرّض المعلمين بالوعد انه لن يقبل الافادات المدرسية، ولا مثيراً قوله انه لا زال يتبنى مطالب المعلمين فهو طبعاً يريد الشعبوية لدى الاساتذة ولدى الطلاب واهلهم، المثير فعلاً هو قوله ضمناً، ان لا قيمة للإمتحانات والمسابقات والشهادات لأن المصفاة هي الجامعة حيث ينجح من ينجح ويسقط من يسقط !
على هذا الاساس نسأل: لماذا اذاً كل هذه الجنازات الحامية ؟