IMLebanon

فاشلة… مع وقف الإعلان

الإمتحانات الرسميّة على المحك، تحوَّلت من إستحقاقٍ تربويّ إلى خطّ مواجهة، فيما يدفع الطلّاب الفاتورة باهظةً. سقطت الهالة، وانعطبَت الصدقيّة، وتحوّلت نظرة الملحَقين الثقافيّين من احترام وتقدير للجودة والكفاية، إلى تشكيك وازدراء، وعندما تبلغ الجرأة حدود التلاعب بمصير الشباب ومستقبله، يتحوّل الوطن عصفوريّة.

يحذّر الرئيس فؤاد السنيورة من الإنحدار نحو الدولة الفاشلة، ربّما بلغ لبنان «هذه المرتبة» مع وقف الإعلان. هناك لاءات ثلاث تتحكّم بالمشهد:

– لا ثقة للخارج بهذه الطبقة الفارضة نفسَها على البلاد والعباد، السعوديّة جيَّرت المليارات الثلاثة إلى فرنسا لتتولّى تزويد الجيش ما يحتاجه من سلاح وعتاد. هل فهمَ المعنيّون الرسالة؟ مساعدات كثيرة قد أغدِقت في الأعوام الأخيرة لكنّها لم تأخذ طريقَها نحو وجهة إنفاقها، بل إلى الجيوب. وزير الخارجيّة الأميركي جون كيري تحدّث عن 290 مليون دولار لإغاثة النازحين، لكنّها ستذهب الى المنظمات المتخصّصة. وعَد بـ51 مليون دولار، فسال لعاب المسؤولين. وزيرة خارجيّة إيطاليا فيديريكا موغيريني حدّثتنا عن المؤتمر الدولي الذي ستستضيفه روما لدعم الجيش، لكنّها كانت صريحة جداً: «لن تحصلوا على قرش واحد من المساعدات. تقدّمون لائحة المطالب، ونحن ننظر في طريقة تحقيقها». ثقة المجتمع الدولي بهذه الطبقة المؤتمنة على مقدّرات اللبنانيين مثقوبة. التقارير الصادرة عن السفارات حول الزلع والبلع تكفي، فبماذا تمتاز هذه الطبقة عن غيرها في الدول الفاشلة؟

– اللاّ الثانية في رسم الأداء السياسي، الديموقراطيات في العالم تنتج رؤساء، أمّا في لبنان فتنتج فراغاً. البرلمانات تجتمع لتنتخب أو تُشرّع، أمّا في لبنان فتجتمع للصورة والثرثرة والتعطيل. ديموقراطيّات العالم تأخذ الدول والشعوب الى معارج الرقيّ والتقدّم، أمّا في لبنان فإلى المربّعات والإقطاعيات والكيديات. الدساتير تأسر الشعوب في الانتظام العام، في لبنان يتحوّل الدستور وجهة نظر، ويتقدّم عليه الولاء للمذهب، أو الطائفة، أو الزعيم. كيف تكون أوضاع الجمهوريّة بخير، وأمام كلّ إستحقاق رئاسيّ تصبح الحاجة مُلحّة إلى طائف جديد أو دوحة جديدة؟ وكيف تكون دولة ناجحة إذا كانت في حاجة دائمة الى رعاية خارجيّة، أو إذا كانت عاجزة عن إنتخاب رئيس، وتنتظر الخارج ليختار لها حتى تُسارع إلى إنتخابه؟

– اللاّ الثالثة هي حتى إشعار آخر في وجه من يحاولون النَيل من الثوابت والمرتكزات. أليس الإستقرار صناعة دوليّة – إقليميّة، وخطّاً أحمر خارجيّاً غير مسموح تجاوزه؟ أليس هذا ما يردّده المسؤولون والفاعليات؟ أيّ مصير سيكون، أو ستنحو إليه هذه الدولة إذا ما رُفعت هذه المظلّة الدوليّة عن لبنان؟ أليس الإستقرار النقدي – الإقتصادي من صنع خارجيّ أيضاً؟ وأيّ مصير ينتظر هذه الطفرة إذا ما صدرت عن وزارة الخزانة الأميركيّة قصاصة صغيرة بحقّ مصرف لبناني؟ ثمّ أليس السنيورة مَن فضَح المستور، وقال إنّ البعض يبدي غيرةً على السلسلة لا حبّاً بالموظفين، بل حبّاً بالأزمات والإنهيارات التي قد تُسبّبها، والتي من شأنها التسريع في دفع الأمور نحو المؤتمر التأسيسي؟

عندما تبوّأ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سدّة البطريركيّة، تحدّث عن «شراكة ومحبّة»، وإذا بالأيام تُثبت أنّ لا شراكة ولا محبّة، بل أنانيّة مفرطة، وغرائز منفلتة، وطوائف ومذاهب متناهشة ضمن مربّع الفساد والفوضى. في زمن الإمتحانات الرسميّة نِصفُ طلّاب جبل لبنان يتمنّون أن تكون مراكز الإمتحانات في الجنوب لأنّ النجاح مضمون، وإن لم تكن النسبة 80 في المئة، فهي بالتأكيد 90 في المئة. في زمن الفراغ، ترتفع أصوات تطالب بالصلاحيات قبل الرئيس، وتذكّر بأنّ الرئيس السُنّي مع فريقه السياسي تمكَّن من «عزل» رئيس الجمهورية الماروني في قصر بعبدا في نهاية عهد الرئيس إميل لحّود، وأنّ الزعيم الشيعي مع حزبه تمكّن من «التطاول» على الرئيس ومقام الرئاسة في نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان، فكيف ستكون حال السِلم الأهلي، لو انقلبت الآية وكان المستهدف الرئيس السنّي أو الشيعي.