القلق والترقّب سيدا الموقف عند أسوار «سجن رومية». العملية الأمنية المحتملة لتهريب سجناء إسلاميين ينتظرها العسكريون كأنها أمرٌ واقع لا مفر منه. أجواء الحذر تخيّم على الطريق المؤدي إلى السجن. يلي نقطة الجيش الثابتة، حاجزٌ لقوى الأمن الداخلي استُحدث ليعترض طريق السالك إلى السجن المركزي. المرور هنا ممنوع إلا لحاملي التصاريح الخطية.
حتى الضبّاط يخضعون للتفتيش. أما زوّار السجن، فيتكبدون عناء المشي صعوداً لمسافة طويلة حاملين «زوّادة» أبنائهم السجناء. تُكمل باتجاه مبنى السجن، فيطالعك صهريج مياه، رُكِن صُدفة أو القصد منه أن يكون ساتراً. أسوأ ما في زيارة هذا السجن إجراءاته الأمنية. إجراءات مملّة تتحملها على مضض، لعلمك أنها للاستعراض الأمني لا غير. فالسجن، كان ولا يزال، يعج بالمخدرات والهواتف وحتى الأسلحة. عناصر التفتيش هنا لا يتركون صغيرة ولا كبيرة إلا ينبشونها. يُفتشون الضباط والآليات العسكرية وكل من يريد العبور. يقول أحدهم إنها إجراءات أمنية استثنائية، يحتمها الظرف الأمني، وفرضها قائد سرية السجون العقيد أنطوان ذكرى. يضيّق الضابط الذي تولّى سرية السجون على كل شيء. التدقيق في بعض جوانبه غير منطقي. لائحة الممنوعات لا تنتهي. هنا ترى العناصر ضائعين، يكادون لا يتركون تفصيلاً إلا يبلغونه إياه. ممرات التفتيش هنا أقرب إلى حواجز ذل، لكن من دون جدوى. فهل يفيدنا العقيد ذكرى، لماذا لا تنسحب إجراءات التفتيش هذه على طابق السجناء الإسلاميين في المبنى ب؟ هل يفيدنا بسبب استمرار ضبط مخدرات داخل السجن، بحسب ما تدل التقارير الصادرة عن قوى الأمن الداخلي، ومن أين تدخل هذه المخدرات؟ الجواب واضح. فعلى الرغم من كل ذلك، لا يزال «رومية»، بالنسبة إلى بعض السجناء، فندقاً من خمس نجوم. لا يختلف اثنان منهم على ذلك. نزلاء السجون الأخرى أكثر من يعلم ذلك. حتى إن معظمهم يبذل قصارى جهده لتحصيل «واسطة» تنقله من جحيم سجنه إلى جنة السجن المركزي في رومية. فهنا، مهما ساءت الأحوال، يبقى كل شيء مباحا. والقاعدة الذهبية تقول: التضييق الأمني لا يلغي إدخال الممنوعات، إنما يرفع سعر الرشوة التي يتقاضاها من يسمح بإدخال مخدرات او هواتف ذكية او مكيفات او كمبيوتر محمول او سلاح… إلى زنازين الموقوفين.