يخطئ من يتصور او يعتقد ان رئاسة الجمهورية اصبحت في خبر كان، بدليل وصول مجلس الوزراء الى طريق مسدود، جراء عدم التفاهم على الامور الكبيرة اضافة الى ان جدول اعمال الجلسات يلقى صعوبة كبيرة في الاتفاق عليه، وهذا من ضمن ما اعلنه رئيس الحكومة تمام سلام لجهة عدم استعداده لان يعمم جدول الاعمال فيما يعرف ان اصحاب المعالي سيرفضون معظمها، لاسيما الامور ذات العلاقة بالامور المطلبية وآخرها ملف الجامعة اللبنانية؟!
وما يقال عن الحكومة، يقال بالضرورة عن مجلس النواب الذي افتقد صفته التشريعية، بعدما قاطعته الحكومة ومعها معظم النواب من مختلف الشرائح السياسية، ما يعني بالضرورة ان مجلس النواب لم يعد سلطة تشريعية وبالتالي فقد دوره كسلطة، بما في ذلك اي مشروع لاحياء دوره التشريعي، من غير حاجة الى القول ان مجلس النواب قادر على ان يجري مشاورات كما سبق للرئيس نبيه بري قوله بعد تكرار فشل عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، واعلان من يتحدث باسم رئيس المجلس انه بصدد اجراء مشاورات على امل التفاهم على جلسة انتخاب وهذا لم يحصل لعدة اعتبارات في مقدمها «اصرار بري على التشاور من ضمن جلسات التشريع» التي لم يكتمل نصابها؟!
وطالما ان لا حكومة في البلد ولا مجلس نيابيا تكون الدولة فاقدة مؤسساتها الدستورية وتحولت الوزارات الى سلطات تنفيذية لا رابط بينها وليس بوسع اي وزير القول انه يعمل من ضمن مجلس وزراء، ما يهدد بنسف الجمهورية من اساسها، الى حد القول ان الرئيس بري لا يزال يخطئ في تصرفه وفي اعتقاده انه قادر على ان يحكم فيما يؤكد الواقع عدم وجود مؤسسة لتحكم، مثل مجلس النواب ومثل مجلس الوزراء، وفي الحالين سيكون كلام على ممارسة السلطة بشكل خاطئ حيث لا مجال لاعتبارات دستورية وقانونية؟
وبعد اعلان رئيس الحكومة تمام سلام انه لن يتكفل في وضع جدول اعمال لهذه الجلسة الوزارية او تلك، تكون الحكومة قد فقدت صدقيتها الدستورية والقانونية، وهكذا يكون مجلس النواب من دون سلطة مراقبة وتشريع، والعكس صحيح في هذا المجال بعدما اثبتت التجارب ان ما وعد الرئيس بري به لجهة اجراء مشاورات لن يبصر النور ما يؤكد عدم الرغبة باسقاط مجلس النواب طالما بقيت الرئاسة الاولى فارغة، مثلها مثل مجلس النواب ومجلس الوزراء الذي لن ينعقد هذا الاسبوع ولا بعده طالما بقيت جلساته من دون جدول اعمال او بجدول اعمال مزاجي؟!
وفي هذا السياق الضحل، يتحدث بعض النواب عن اتجاه الى تمديد عمل المجلس، لسنة او سنتين، بعد التمديد الاول لسنة وسبعة اشهر، من غير ان يعرف احد ما اذا كان ثمة قانون انتخابي جديد، او ان الانتخابات ستجري على اساس قانون الستين، من ضمن الفراغ المنتظر من المؤسسات جميعها.
ومن الان الى حين اعتراف من يعنيهم الامر لا بد من القول ان لا مجال لاجراء انتخابات نيابية من دون قانون ومن غير توقيع رئيس الجمهورية الامر الذي سيدخل البلد في متاهة سياسية ودستورية في وقت واحد، اضافة الى ان الانتخابات النيابية في حال اجرائها ستكتمل باستقالة الحكومة، وعندها لن تكون مشاورات ولن يكون تكليف ولا تأليف حكومة، ما يعني بالضرورة ايضا الدخول في فراغ يمكن ان يتأتى عن رغبات من يريد ويتمنى الوصول الى فراغ في كل شيء؟
امام هكذا واقع، لن تبقى حكومة ولن يبقى مجلس نواب حيث سيقال لاحقا ان السلطات قد ماتت عن سابق تصور وتصميم، وهذا المشهد سيؤكد الوقوع في المحظور مع كل ما يعنيه ذلك من تكرار في خطأ المشهد السياسي الذي يسأل عنه رئيس مجلس النواب الذي اخترع حضور ثلثي مجلس النواب في كل جلسة من جلسات لانتخاب الرئيس، فيما لا يندرج هذا الشرط على انتخاب رئيس مجلس النواب وهكذا بالنسبة الى تكليف رئيس الحكومة (…)
ومن الان الى حين التفاهم على مخرج لا يكون فيه العماد المتقاعد ميشال عون من ضمن المشهد السياسي، فان البلد سيبقى في حال مخروقة لا مجال لوجود مجلس نواب ومجلس وزراء فيها، وما على الرئيس بري سوى تسريع مشاوراته لانتخاب رئيس جمهورية بمعزل عن اجتهاد الثلثين؟!