IMLebanon

فرحة وذهول… الحريري في بيت الوسط

فتحَ بيت الوسط أبوابه فرحاً برجوع صاحبه، لتعود الحياة السياسية الى ربوعه، وهو الذي كان يستضيف الاجتماعات السياسية لقوى «14 آذار» في ظلّ وجود الرئيس سعد الحريري في الخارج.

لم يكن أحد يعلم بتوقيت وصول الحريري الى لبنان، إذ إنّ تحضيرات العودة المرتقبة بعد 3 أعوام من الغياب أنجزت بطريقة سريّة وخاطفة، ليطوي بذلك صفحة المنفى القسري وذكرياته السيئة وما رافقها من حروب ونزاعات واغتيالات كانت تنتظر عودته.

سيطر الذهول على قاطني بيت الوسط لحظة رؤية الحريري يصِل فجراً الى بيروت، ولم يصدّق معظمهم الخبر. وفي وقت ظهرت الفرحة على كلّ مَن دَخلَ البيت، شهد المحيط تدابير أمنية مشدّدة، وحواجز تفتيش وتدقيق بالأسماء، ولم يكن أحد يعلم بتحركات الحريري سوى هو نفسه ومجموعة صغيرة تحيط به، لأنّ الهاجس الأمني ما زال يقلق الجميع، والحريري مهدّد وعودته في هذه اللحظة تَلفّها مخاطرة كبيرة، وهذا ما رَدّده كلّ من زار بيت الوسط، متمنياً لـ«الشيخ سعد» السلامة. وقد تساءل الجميع ما اذا كانت زيارته موقتة أم دائمة، ليأتي ردّ الحريري واضحاً: «جيت عطول».

لم يهدأ الحريري، وقد تنقّل منذ وصوله في حركة مكوكية بين السراي وبيت الوسط حيث استقبل الزوّار وتلقّى الاتصالات المهنّئة بعودته وعقد الاجتماعات، وسط كلام في أروقة بيت الوسط عن أنّ عودته مرتبطة بالهبة السعودية أوّلاً، وتسوية تقضي بانتخاب رئيس الجمهورية لأنّ الوضع لم يعد يتحمّل التأجيل.

وقد طرحت سيناريوهات عدّة، وربما تكهنات، عن سبب العودة المفاجئة بين المسؤولين الذين سيباشرون عملهم فوراً بعد طول راحة، ولأنّ الحركة السياسية ستعود، ومطبخ بيت الوسط سيكون مركزاً لإنتاج الولائم التسووية.

أبعد من التحليلات السياسية عن أهداف عودة الحريري وغاياتها، حلّ الارتياح على الشارع البيروتي خصوصاً والسنّي واللبناني عموماً، إذ إنّ السنّة افتقدوا زعيمهم في لحظات صعبة من تاريخ لبنان، وهو يعلم أنه وبعد عودته وتربّعه على عرش القيادة مجدّداً، تنتظره ورشة كبيرة تبدأ داخل تيّاره أوّلاً، ثم في صفوف قوى «14 آذار» المتزعزعة.

وبالتالي، سيعمل الحريري على إنهاء نزاع الأجنحة في تيار «المستقبل»، والتنافس الذي وصل الى درجة التنافر، لينتقل الى توحيد الرؤية داخل «14 آذار» وصَوغ التسويات وخصوصاً على الملفات الأساسية، ثمّ قيادة الحرب في وجه الإرهاب الذي لم يرحَم أحداً.

بيروت فرحت بهذه العودة، كما لبنان كله، حيث جابَت المواكب السيّارة الشوارع ورفعت أعلام تيار «المستقبل» وصوَر الحريري، وسط الاغاني والاناشيد الوطنية.

لقد ارتفعت معنويات «المستقبليّين» مجدداً، وعاد زعيمهم الذي يَتّكلون عليه، وينتظرون حركته السياسية في الايام المقبلة وما سينتج عنها، لأنه سيُحدّد بالتالي بوصلة اتجاه السياسة اللبنانية مع ما يحمله من شعبية وجماهيرية داخلية تنتشر على معظم الاراضي اللبنانية، إضافة الى امتداد عربي ودولي يوظّفه في خدمة المصالح اللبنانية العليا.

تحمل المرحلة المقبلة عناوين سياسية بارزة، ومع فتح أبواب بيت الوسط ستفتتح مرحلة جديدة في تاريخ السياسة اللبنانية الحديثة، ستكون مرتبطة حكماً بالتطورات الإقليمية والدولية، إنما بنكهة لبنانية.