سقط شعار وزير الصحة حمد حسن الشهير “لا داعي للهلع”، أو بالأحرى لم يُصدقه الشعب اللبناني منذ أن خرج من شفاه الوزير لأن لا ثقة لهم بالحكومة، وبادروا منذ اليوم الأول إلى المواجهة العملية لـ”كورونا” إلى أن أصبحوا وجهاً لوجهه مع هذا الفيروس الخطير.
حتى هذه اللحظة، لم تتعامل البلدات اللبنانية مثلما فعلت بعض البلدات الصينية في الأيام الأولى لإنتشار “كورونا”، حيث أقفلت منافذها وطرقاتها، إلا أن معظم البلدات تحاول عزل نفسها عن الجوار.
ويزداد عامل القلق عند بعض البلدات المترامية الأطراف، فبلدة تنورين مثلاً في جرود البترون ضاعفت إحتياطاتها، لأنها تشكّل صلة وصل بين محافظات البقاع وجبل لبنان والشمال، وتمتدّ حدودها من قضاء بشري إلى جبيل وصولاً إلى بعلبك ونزولاً باتجاه وسط البترون القريب من قضاء الكورة، وبالتالي الإحتياط واجب.
تدابير البلدية
وسارعت بلدية تنورين برئاسة رئيس البلدية سامي يوسف إلى اتخاذ التدابير الوقائية منذ اليوم الأول، وشدّدت التدابير حتى قبل إعلان حالة التعبئة العامة والطوارئ الصحية، وقامت بتعقيم الأماكن العامة والتي يحصل فيها إزدحام، ومنعت غير أبناء البلدة من السكن فيها، وبلغت التدابير ذروتها مع إقفال محمية أرز تنورين وكل المرافق واقتصار العمل على المرافق الحيوية الضرورية.
ويشدّد يوسف في حديث لـ”نداء الوطن” على “أننا كنا سباقين إلى اتخاذ التدابير الوقائية ولن ننتظر أحداً ليقول لنا ماذا نفعل، فحماية مجتمعنا وأهلنا هي أولوية لدينا لأن صحة الناس فوق كل اعتبار”.
ويؤكّد “أهمية التعاون بين المجتمع التنوري الذي يعرف خطورة هذا المرض، كما أنني كرئيس بلدية منفتح على كل الإقتراحات التي تحمي أهلنا، وأصدرنا سلسلة قرارات في هذا الصدد ومنها الحدّ من التنقل ومنع أي غريب من دخول البلدة إذا لم يكن الأمر طارئاً، وتجندت شرطة البلدية من أجل مراقبة تنفيذ القرارات، كما أن المواطنين إلتزموا بالحجر المنزلي، والقرارات البلدية ستصدر تباعاً وفق تطور الوضع”.
ويشير يوسف إلى أن “بعض المؤسسات كانت سبّاقة إلى اتخاذ الخطوات ولا توجد أي إصابة في البلدة، فعلى سبيل المثال، إن معمل تنورين للمياه الذي يعتبر مرفقا حيوياً في البلدة، إتخذ تدابير وقائية متقدّمة، وقد خفف عدد موظفيه واقتصر على أبناء البلدة، وفي الأساس إن معمل المياه يتخذ إحتياطات قبل الأزمة وقد تضاعفت بعدها بشكل لا يترك للفيروس مكاناً للدخول، ونحن نراقب كل شيء في البلدة”.
وتبقي البلدية إتصالاتها مفتوحة مع لجنة الطوارئ والكوارث في البلدة، ويحمل رئيس البلدية غضباً على الدولة ووزارة الصحة، “فهم يقولون إفعلوا ونفذوا، لكنهم لا يدعموننا بشيء، وكل ما لديهم نظريات وطلبات بينما المطلوب المساعدة”.
ومن جهة ثانية، فإن يوسف يؤكد تواصله المستمر مع رئيس مجلس إدراة مستشفى تنورين الحكومي الدكتور وليد حرب “الذي قام بعمل ممتاز في هذه الازمة، وجهّز المستشفى للتعامل مع الحالات الطارئة من دون أن ينتظر أحداً، وبالتالي فإن التعاون بين المستشفى والبلدية يتم على أكمل وجه”. وفي السياق، فقد شكّل مستشفى تنورين الحكومي في المرحلة السابقة نموذجاً للمستشفيات الحكومية الناجحة، وقد كان يستقبل المرضى من كل أنحاء لبنان نظراً الى أنه مستشفى حكومي ونجحت إدارته الحالية في رفع مستواه لينافس أهم المستشفيات الخاصة بأقل كلفة على المواطن.
وبعد وقوع كارثة “كورونا”، فإن الأنظار شاخصة إلى المستشفى الذي يشكّل مصدر إطمئنان للمواطنين الذين يرون فيه واحة قد يستعينون بها في حال وقع المحظور.
تجهيزات للمواجهة
وفي هذا الإطار، يشير رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور وليد حرب لـ”نداء الوطن” إلى أن “المستشفى لم يكن مجهزاً بغرف عازلة لـ”كورونا”، لكننا إستحدثنا على مدخل الطوارئ غرفاً وجهزناها وذلك لعزل المرضى الذين سيأتون إلى المستشفى ونشكّ أن لديهم إصابة كورونا، وهذه الغرف تستوعب 4 مرضى”.
ويضيف: “نستخدم هذه الغرف المستحدثة لعزل من نشك بهم للتأكد من أنهم يعانون من كورونا، وإذا تأكدنا فننقلهم فوراً إلى مستشفى الحريري وعندها لا ندخلهم إلى مستشفى تنورين”.
ويوضح حرب أنه يوجد 3 أجهزة تنفّس في قسم العناية الفائقة، ووضع المستشفى جيد، لأننا إتخذنا إجراءات صارمة لحماية المرضى والجهاز التمريضي والطبي من الناس الذين قد يكونون مصابين بكورونا ويدخلون المستشفى”، موضحاً “اننا نراقب الحرارة على المدخل الرئيسي الوحيد الذي اعتمدناه من أجل ضبط الأمور، وإذا اشتبهنا بأحد نمنعه من الدخول ونعزله فوراً”.
ويكشف حرب أنه “حتى اللحظة لم نستقبل أي حالة كورونا وليس هناك أي مشاكل بالمعدّات والتجهيزات فلغاية اليوم كل الضروريات مؤمنة، فيما رئيس بلدية تنورين قام بخطوات ممتازة على صعيد البلدة من أجل حمايتها من الكورونا وإبعاد الخطر عنها”.
ويشير إلى “أننا نقوم بحملة تعقيم مكثفة على مدار الساعة لكل المستشفى، مثل الممرات، الأدراج، المصاعد، الغرف، كما طلبنا من الجهاز الطبي أن يوقف إستقبال الحالات العادية غير الطارئة وتوقيف العيادات الخارجية للحالات واستقبال الحالات الطارئة فقط، كذلك فقد تم تخفيف عدد الجهاز الإداري إلى حده الأدنى، ونعمل على حماية الجهاز التمريضي من أي عدوى إذا وجدت، وذلك لكي يبقى المستشفى بمأمن من أن يدخل مرضى لا نعرف بهم”.
ويعتبر حرب انه “في حال إنتشر الفيروس وأرادت وزارة الصحة إعتماد مستشفيات غير التي تعتمدها حالياً في الخطة أو تريد مستشفيات حكومية أخرى فإن هذا الأمر يتطلب تجهيز المستشفى لهكذا حالة لأنه في الوضع الحالي فإن قدرتها الإستيعابية قليلة”.