لكنه ضحك كالبكا. هذا هو التعليق الذي يتبادر للذهن مع فتاوى ولمعات ولمحات الدكتور، المدني الحضاري الفقيه اللغوي، بشار الأسد.
طالعوا ماذا قال هذا الطلعة الهمام. فقد وجّه الأسد، كلمة مطولة إلى رجال الدين، حسبما نشر في موقع «سي إن إن» الأميركي، بنسخته العربية، ومما ذكره الأسد في كلمته أمام رجال الدين إقراره للمرة الأولى بوجود من وصفهم بـ«عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين»، وهو الوصف الذي يطلقه على مسلحي المعارضة، وبرز في هذا الإطار قوله إن خلفهم «حاضنة اجتماعية»، وقدر عدد أفراد تلك الحاضنة بما يصل إلى «الملايين من السوريين».
هذا الإقرار تحصيل حاصل، لو أنكره بشار فهو يعرض نفسه للسخرية أمام أطفال العالم، فلا يمكن حجب صوت البراميل المتفجرة عن أسماع البشر على هذه المعمورة.
دعنا من هذا، ولنتأمل في تجليات الأسد الفقهية والتاريخية والسياسية، اتهم «مولانا» البعض بـ«تسطيح العقل في فهم القرآن». وحذر «شيخنا» من محاولات ضرب «العقيدة» من خلال التلاعب في المصطلحات قائلا «عندما نخسر العقيدة نخسر الثقافة ونخسر معها الأخلاق». كلام مؤثر حافل بالحساسية المرهفة.
وتابع في لحظة كشف لغوية اصطلاحية، أين منها كشوفات وتجليات الراحل معمر القذافي: «المصطلحات تتبدل بحسب مصالح الغرب، ونحن مع كل أسف خاصة في الإعلام العربي، نتبناها كما هي. لنأخذ مصطلح الإسلاميين. ماذا يعني إسلاميون؟ الآن يوجد مصطلح الإسلامويون، مع أنه لا يوجد وزن مفعليون، كما في اللغة العربية. لكن عمليا الإسلامويون هي دمج لكلمة إسلامي – دموي».
يتحدث عن غيرته على الإسلام، وحميته للعروبة، وأنه يغار على حمى الدين أكثر من السعودية! ويحمر أنفه للعروبة أكثر من السعوديين، ويتحدث، في حالة اغتيال للتاريخ والذاكرة، أن السعودية هي المسؤولة عن انكسار عبد الناصر، «السني العربي». ويضرب عرض الحائط بما يعلمه الكل عن المسؤول عن إفشال الوحدة بين سوريا ومصر، وهم البعثيون، وتحديدا حافظ الأسد، بإقرار عبد الناصر نفسه!
وأضاف أن السوريين هم من بنوا الدولة الأموية، دولة الإسلام، وأن العرب الأوائل لو كانوا قادرين على بناء الحضارة من مكة ومن المدينة لما أتوا لبلاد الشام!
أما المضحكة المبكية فهي تذكيره بالأحاديث النبوية التي تحض على «طاعة الأمير» حتى وإن كان من غير المتبعين للسنة النبوية. وهذا موقف سني تاريخي معاكس تماما للنظرية السنية الشيعية الثورية التي قامت عليها جمهورية إيران الخمينية، التي يقول مؤرخنا الهمام الأستاذ بشار بعد هذه الفقرة بلحظات متهما السعودية، وليس الخميني ودستور إيران الإثني الطائفي، بأنها هي التي أثارت الحماس الأصولي الطائفي في المنطقة، يصف بجرأة متناهية ثورة الملالي بإيران «ثورة طرحت نفسها كثورة إسلامية بالمعنى الشامل، ولم تطرح نفسها كثورة شيعية». من فضلك دكتور بشار. انشغل ببراميلك المتفجرة، وتنظيم الشبيحة والميليشيات، ودعك من حديث التاريخ والفقه.