مهما قيل لحزب الله ليخفف من اندفاعته في الحرب السورية، فان رد فعل الحزب يأتي بمثابة دعوة الى عدم الانسحاب، كونه على قناعة مطلقة في ما يفعله، حتى ولو جاء رد فعل خصوم نظام بشار الاسد عمليات في لبنان انتحارية او تفجيرية – تفخيخية كما حصل في ما سبق، وكما حصل في اليومين الماضيين حيث سقط شهداء وجرحى من القوى العسكرية – الامنية، من غير حاجة الى تذكير احد بأن شهداءنا لا يحتاجون الى من يذكرهم بواجباتهم الوطنية ولو على حساب ارواحهم وهناءة عيشهم (…)
ان صدور دعوات الى الاستشهاد تحت هذا الاسم او ذاك العنوان، لا يعني ان المطلوب من قوانا العسكرية والامنية ترك الامن على غاربه بقدر ما يعني ذلك تقديم المزيد من الشهداء دفاعا عن الوطن والمواطنين.
في اليومين الماضيين، كانت عمليات كر وفر بين الانتحاريين الى اية جهة انتموا، وبين القوى العسكرية والامنية، الى حد القول ان الامور سائرة باتجاه الحسم الامني، لان الذين امكنهم دخول لبنان بطريقة او بأخرى وطدوا اقدامهم في عدد من الاماكن لاسيما حيث وجدوا من يساعدهم في التسلل الى مناطق حساسة ومستهدفة في آن. كما كان قد حصل تفجير انتحاري في محلة ضهر البيدر ومن ثم في محلة الطيونة في الضاحية الجنوبية، وبعد ذلك ليل اول امس في منطقة الروشة، حيث دهمت قوى الامن العام احد الفنادق لتفاجأ باحد الانتحاريين وهو يتصدى لها مطوقا بحزام ناسف فجره بنفسه حيث تناثر اشلاء فيما التهم الحريق احد رفاقه الذي اصيب اصابات بالغة، كما اصيب ثلاثة من عناصر الامن العام وسبعة مدنيين ممن وجدوا قرب مكان الانفجار.
من حيث المبدأ جاء رد الفعل منددا بما حصل ومشيدا بتضحيات القوى العسكرية والامنية التي كانت بصدد عملية امنية – استباقية في سياق ما بلغها من معلومات عن وجود انتحاريين ينتمون الى دولة خليجية بالتزامن مع اعتقال مسلحين سوريين كانوا في سيارة واحدة مع نساء سعوديات في احدى مناطق البقاع بينما كانوا في طريقهم الى بيروت، لغايات سيحددها التحقيق معهم من غير حاجة الى انتظار بيان – موقف عن فصيل ما يسمى «احرار السنة»، الذي قال عنهم وزير الداخلية نهاد مشنوق «ليس هناك من احرار يقتلون الاخرين بواسطة الانتحار او اية وسيلة اخرى»؟!
والملاحظ ان الذين تسابقوا على القول ان الانتحاريين هم من السعوديين مع ما يعنيه ذلك من ان الذين يفدون الينا من اية منطقة في المملكة العربية السعودية قصدهم نشر ارهاب من نوع معين، لاسيما عندما يقال انهم من التابعية السعودية فمعنى ذلك استهداف العلاقة اللبنانية – السعودية، خصوصا اننا على ابواب صيف واعد كما قال وزير السياحة ميشال فرعون في اعقاب جولة خليجية مع رئيس الحكومة تمام السلام (…)
وفي عودة الى ما يخص حزب الله، فالمؤكد انه قد شبع اتهامات بانه وراء استدعاء الانتحاريين الى لبنان، وهو لو لم يتدخل في الحرب السورية لما كان هناك من رد فعل او فعل عن سابق اصرار. وهذا وان لم يعترف به الحزب، مع ان ما طاوله منه ليس قليلا من غير حاجة الى المكابرة بأن «جماعة الحزب لم ولن يتأثروا بما استهدفهم من اعمال انتقامية اوقعت قتلى وجرحى وحصدت دمارا في الممتلكات في غير مكان.
السؤال المطروح: هل يتعظ حزب الله بما حصل وهل يفهم ان خصومه لن يتركوه مرتاحا، لا هو ولا البلد، الى حد القول ان «انفجار قارورة غاز يجعل الجميع مستنفرين ويجافيهم النوم، فضلا عما تخلفه مثل هكذا تفجيرات من سلبيات على لبنان على مدار الساعات والايام، بدليل تراجع معدل الاستقرار في لبنان بمستويات قياسية، ويكفي القول في هذا الصدد ان العمل التفجيري الاخير في محلة الروشة فرض سلبياته على عدد كبير من النزلاء العرب والاجانب الذين اضطروا الى ترك فنادقهم كي لا يطاولهم اي اذى، لاسيما ان الشبهات لم تعد مقتصرة على اصحاب هوية معينة!
يبقى من الواجب القول تكرارا ان حزب الله يتحمل وحده تبعات ما يحصل من تفجيرات، لذا فان الذين يكررون مناشدته ضرورة الخروج عن الحرب السورية لن يتوقفوا عن ذلك كونهم مقتنعين تماما بانه وراء ما يحصل في لبنان ربما لان الامور الامنية اصبحت متشابكة مع ما سبق القول عنه انه فعل ورد فعل فهل من يرتدع عن رسم الجناية العمومية لمجرد انه مستفيد منها ماديا ومعنويا.