عندما قرأت تصريحات قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني أعجبت كثيراً وقلت لذاتي: هذا رجل لا يخاف… هذا رجل مقدام، ما أحوجنا الى أمثاله في هذه المرحلة الحاسمة، وبالذات لأنّه يحكم العراق، وهو أيضاً يحكم سوريا، وكذلك هو يحكم لبنان بشكل أو بآخر.
وكنت قد اعتقدت أنّه نسي القدس التي ارتبط اسم فيلقه بها لانصرافه الى الإهتمام بإدارة تلك البلدان الثلاثة، ولأنّ بعض الظن ليس إثماً، فإنّ الحقيقة تثبت أنّ أحداً لم يخدم إسرائيل مثلما خدمها قاسم سليماني.
ولا بأس من إيراد بعض التفاصيل:
العراق
لقد خرب سليماني العراق… وهو أسقط أياد علاوي الذي فاز في الإقتراع الشعبي العام بالكتلة النيابية الوازنة المرجّحة وجاء بنوري المالكي الى رئاسة الوزارة.. فكان أن وقع العراق في هذه المأساة المتواصلة ومن أبرز معالمها اضطهاد أهل السنّة فيه.
ثمّ انّ قاسم سليماني يحصل على 200 ألف برميل نفط يومياً، أي ما يعادل ثمنه 6 مليارات دولار سنوياً إضافة الى مخصّصاته المقرّرة في إيران، وهو ينفق هذه المبالغ كما يريد وكما يشاء من دون أي حسيب أو رقيب، وقد حكم العراق «بنجاح استثنائي باهر»: هنا تقسيم، وهناك تفتيت!
واليوم هناك الموصل و»داعش» واضطهاد المسيحيين… ولا ننسى الإقليم الكردي… كما لا ولن ننسى بغداد العاصمة التي يقع فيها يومياً نحو 50 قتيلاً ومئة جريح على امتداد سنوات طويلة.
سوريا
وأمّا عن سوريا فالسؤال الذي يطرح ذاته هو: كيف كانت أيام حافظ الأسد وكيف هي تحت «حكم» سليماني ووكيله بشار الاسد؟
سوريا كانت المرجعية، فصارت في التبعية.
سوريا كانت تدير اللعبة الإقليمية، فصارت هي تُدار من الخارج.
سوريا كانت بلد القرار، فصارت تتلقى القرار وتنفّذه!
سوريا كانت موحّدة، فصارت مجزّأة.
سوريا لم تكن تعرف الطائفية، فصار الحديث عن السنّي والعلوي والمسيحي…
لبنان
ونأتي الى لبنان حيث الإنجاز التاريخي الذي حققته المقاومة بدماء أبطالها الشهداء عندما أكرهت إسرائيل على الانسحاب مهزومة من دون أن تحصل على أي توقيع على قصاصة ورق!
اللبنانيون، من الطوائف كلها، شاركوا في التحرير… سواء المقاومة المباشرة أو من خلال عمل ومواقف ودعم كل منهم وإن بدرجات متفاوتة!
ولنتذكر بيروت التي بقيت مئة يوم صامدة أمام جحافل الاحتلال، وكانت العاصمة العربية الأولى التي دخلها العدو الاسرائيلي وفرض عليها الحصار.
لماذا؟
لأنّ قائد «فيلق القدس» مكلف مهمة… وهو اخترع قصة خطف الجنديين الاسرائيليين في الـ2006… لان مهمته تفشيل الانتصار العظيم الذي حققه اللبنانيون بدحر العدو مهزوماً.
والمطلوب: خدمة إسرائيل!
حتى العام 2006 كان سلاح المقاومة موجّهاً ضد إسرائيل فأضحى في بيروت! ولم يُكتَفَ بذلك بل جرى توجيه هذا السلاح الى سوريا: الى السيّدة زينب الى حمص الى حلب…
وأمس بالذات وزّعت صورة القائد الشهيد ابراهيم الحاج المعروف بـ»الحاج سليمان»… والصورة تجمعه وسماحة الامين العام السيّد حسن نصرالله.
لذلك صدّقنا قائد «فيلق القدس» وأخذنا هذا التهديد على محمل الجدّ.
الانجازات
ويبقى السؤال: ما هو مصير هذه الانجازات، وكيف ستصرف لدى مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي، وهل سيكافىء قاسم سليماني عليها، ام تراه سيحاسبه؟