بانتظار معرفة الخبر اليقين والتأكد التام من واقعة من سيهجم قبل الثاني في القلمون السوري، «جبهة النصرة» ام «حزب الله»، فإن الاكيد الوحيد في دوشة اللغط والاستفسار والاستنفار، هو ان الوضع اللبناني مرشّح للمزيد من التأزّم وليس العكس.
الأمر مبدئي وخارج حسابات اللحظة وانتظار الآتي من القلمون وجرود عرسال.. وهو كذلك لان أساسه قائم ولا يزال قائما، واسبابه واضحة ولا تزال واضحة: منذ ذهاب «حزب الله» الى سوريا لمنع سقوط ما تبقى من سلطة بشّار الاسد، فقد لبنان مناعة الحياد او النأي أو الاحتراس من طراطيش الحريق المندلع في جواره، وصار مفتوحاً ومشلعاً ومشرّعاً على كل وباء وبلاء.
لا علاقة للاصطفافات السياسية بهذه الخلاصة، بل بألف باء المنطق: لعبة التهويل من التكفيريين كادت ان تُنسي الناس أصل الموضوع. وساهمت ارتكابات وفظاعات هؤلاء في رصف طريق النسيان وكادت ان تسدّ منافذ العودة الى الذاكرة.. والمنطق. وهذه وذاك يقولان ان «حزب الله» ذهب الى سوريا ولم يرجع منها بعد. وبذهابه فتح الطريق بالاتجاهين. قبل الثورة كانت تلك الطريق شرطاً لازماً لبناء تنظيمه وخزائنه وحديده وقوته، بعدها صارت فخّاً تاماً. انتهى زمن القبض وبدأ زمن الدفع.. وأي اثمان يدفع؟!
والمعضلة كانت ولا تزال، في العتو والمكابرة والانتشاء. ولا يقع في فخّ إلاّ المغرور أو المتذاكي او المنتشي بقدراته! أمّا للآخرين، «العاديين»، فهناك شيء آخر اسمه الكمين الغادر! والفارق الجوهري بين الأمرين هو أن الأول يرى الفخ المنصوب ويقرر واعياً عاقلاً ان لا يراه! فيما الآخرون غفلة وتقتلهم غفلتهم!
ظن «حزب الله» ولا يزال(!) انه يملك ما يكفي من القوة لتعديل الميزان السوري، وانه قادر ان يلعب في مواضع تتردد قوى عظمى في ولوجها! وظنّ بعد ذلك انه قادر على تحمّل ما لم تقدر على تحمله قوات «جيش» الاسد واجهزته البطاشة! ثم الأفظع من ذلك، قرّر واعياً ان غريزته المذهبية أقوى وافعل من غرائز غيره! وانه ينطلق من ارضية لبنانية يضعها بكل تلاوينها تحت إبطه!
لم يخطئ من شخّص تورّطه منذ اللحظات الاولى بأنه كارثة عليه وعلى لبنان واللبنانيين.. ولم يخطئ من افترض منذ اللحظات الأولى انه ضيّع البوصلة وارتكب خطيئة مزدوجة وفظيعة في الجغرافيا: قاتل السوريين ظانّاً انهم اسرائيليون! وانخرط في «فيتنام» خاصة به ظانّاً انها سورية! وأيّ بلاء؟!