IMLebanon

في الخبث والتهافت..

 

ليس أسوأ من الأداء الأوبامي في سوريا والعراق إلا الأداء الإيراني.. حتى الأداء الروسي لا يصل إلى المستوى المطلوب وخصوصاً في الشأن العراقي!

واللعبة (إذا كنت المذبحة الراهنة لعبة!) تشهد سباقاً بين الخبث الأميركي والتهافت الإيراني: يُقرر مستر أوباما أنه لن يتدخّل في العراق تلبية لاستغاثة المالكي بعد «نكسة حزيران» وانفراط جيشه وانحلال سلطته مثل عمود الملح في ليلة صيف ليلاء! لكنه كي لا «يزعج» الإيرانيين تماماً، يعود في اليوم التالي إلى توجيه رسالة تطمين لهم ولكن من سوريا وعلى حساب أهلها ويُعلن أن المعارضة فيها ليست مؤهلة لإسقاط بشار الأسد ولا لأن تكون بديلاً عنه!

يلعب أوباما في السياسة على مسرح طافح بدماء العراقيين والسوريين. لكن الواضح تماماً أن ذلك هو آخر همّ من همومه! الأساس عنده هو استكمال استراتيجية الانكفاء، التي ثبت بالملموس أنها تحقق إنجازات هائلة من دون أي كلفة مادية أو بشرية أميركية على الإطلاق!.. والأهم عنده من مصير المالكي أو الأسد هو تقديم ما يلزم من مغريات ومتطلبات وتطمينات إلى الإيرانيين للوصول إلى إتمام تشليحهم الورقة النووية بعد أن نجح في تشليح دميتهم في دمشق الورقة الكيماوية.

على الجانب الآخر، الإيراني أساساً، تبدو المفارقة عنوان التهافت غير المسبوق: يطلب المالكي مباشرة المدَدَ من الأميركيين لمواجهة الانقلاب الميداني المرير والخطير، ويردفه الرئيس الشيخ حسن روحاني (بكل براءة!) بمقولة الاستعداد للتعاون مع واشنطن لمواجهة «الإرهاب الداعشي».. لكن عندما جاء الرد سلبياً وقرّر «البيت الأبيض» أن سلاح الجو الأميركي لا يشتغل عند «فيلق القدس»! وليس جزءاً من «عصائب أهل الحق»، خرج كلام من أرفع المستويات في طهران «يحذّر» أميركا من التدخل في العراق! أي أن الصورة ببساطة هي على الشكل الآتي: طلبت إيران والمالكي من أميركا «العودة» إلى العراق عملياً وفعلياً، وعندما رفضت الدعوة، جرى اتهامها بالعمل على تحقيق ما ترفضه!

الحاصل هو أن الزئبق يظهر يوماً تلو آخر، أنه أبقى وأمكن وأمتن من فولاذ الشعارات عند الممانعة.. المهم في حسابات أصحابها أن تبقى صورة مشروعهم صنو «الانتصارات والإنجازات الإلهية»، وأن لا يهتز بأسهم ويظهر انكسارهم «البشري»! وفي سبيل ذلك تهون كل الأثمان: تُدمر سوريا عن بكرة أبيها ويُسفك دم أهلها مدراراً. لا بأس! طالما أن الأسد باق في مكانه! ويُدمَّر العراق وتنتهي دولته وتُشلّع مؤسساته أكثر فأكثر. لا بأس! طالما أن المالكي باق في مكانه! وتستعر الفتنة أيّما استعار، لا بأس! طالما أن «المشروع» الامبراطوري سائر على الطريق نحو أهدافه!

.. وكل ذلك ولا يزال «المشروع» «مشروعاً»، فكيف الحال إذا تحقق؟!