IMLebanon

في العراق.. ولبنان

 

يُفترض في حسابات المنطق الطبيعي، السليم والمستقيم والمبني على الحسابات الناشفة وليس على تلك المرطَّبة بالآراء والتمنيات، أن ينعكس ما يحصل في العراق إيجاباً على لبنان!

«رطوبة» الرأي المعاكس طبيعية ومتأتية من «مرارة» الارتباط القائم بين «حزب الله» وانتمائه العقيدي الذي يصل إلى حدود التماهي مع إيران وتوجّهاتها وسياساتها.. لكن ذلك تماماً، هو أحد دوافع الافتراض المضادّ بمحاصرة تداعيات الحدث العراقي وليس بتلقّفها، خصوصاً إذا أُخذت التجربة كقياس وليس التحليل وحده.

التجربة دلّت ولا تزال، على أنّ لبنان يحقّق منذ آذار 2011 معجزة تامّة لا قبلها وربما لا بعدها. إذ إنّه تعايش ويتعايش مع النكبة السورية من باب تأثيراتها الإنسانية ليس إلاّ.. بقيت النيران السورية قاصرة عن الولوج إلى الغابة اللبنانية رغم السعي الأسدي إلى ذلك، ورغم محنة التفجيرات الإرهابية في الضاحية والبقاع الشمالي. وبالتالي، أمكن لولا التورّط الميداني المباشر لـ«حزب الله» في تلك النكبة أن يكون تأثّر الداخل اللبناني شبيهاً إلى حد كبير بتأثّر الجيران الآخرين مثل الأردن وتركيا، أي بتحمّل أوزار تدفّق مئات الآلاف من النازحين إليه وبعض الطراطيش الأمنية.

لكن تورّط «حزب الله» في خلاصة التحليل لم يضرّ إلاّ به! ولم ينعكس ذلك على لبنان عموماً، ولم يُستهدَف عربياً ودولياً بجملته، أو باعتباره كُلاًّ متكاملاً وداعماً لسلطة الأسد، بل بقي الميزان منتصباً عند باب العدل: الإدانة لمَن تدخّل، والتداعيات يتلقّفها هو وليس غيره.

الأهم، أنّ ذلك التدخّل أنتج عكسه في الداخل. حيث دفعت سلبيّاته وأثمانه بـ«حزب الله» إلى اعتماد سياسة المحافظة على وضعية الحرب الأهلية الباردة رغم الهيجان الإعلامي والتعبوي.. وأمكن لاحقاً البناء على تلك الوضعية لإنتاج حكومة معقولة ومقبولة خفّفت ولا تزال من سلبيات الاشتباك السياسي والفراغ الرئاسي، وحقّقت إنجازاً أمنياً كبيراً ومنظوراً من خلال إنهاء حرب طرابلس.

ما يحصل في العراق، تبعاً لتلك القراءة، يُفترض أن يوصل إلى نتائج مماثلة. أي أنّ «حزب الله» لن «يقف مكتوف الأيدي» إزاء ما يجري هناك وقد «يدعّم» تدخّله ويزيد عليه خصوصاً أنّ مخاطر التعرّض للمقامات الدينية جدّية وليست مصطنعة ومُضخّمة مثل الحالة في سوريا. وإنّه تبعاً لذلك ولغيره من حسابات جُلّها يرتبط بإيران ومفاوضاتها وخياراتها، سيدعّم اندفاعه الإيجابي في الداخل اللبناني، بل سيحرص على ترسيخه!.. ولا يمكن أن يتم ذلك من دون العمل أولاً وأساساً على سدّ الفراغ الرئاسي وبطريقة شبيهة بالطريقة التي أنتجت حكومة الرئيس تمام سلام.

.. جيّد ومأنوس الافتراض، أنّ هذه القراءة مبنيّة على منطق الحسابات الناشفة، لكن منطقي جداً أيضاً السؤال عمّا إذا كانت هناك ذرّة منطق واحدة في تدمير دولتين مثل سوريا والعراق على مذبح مصالح ممانعة آخر زمن؟!