لافت الكلام الذي قيل إن الوزير جبران باسيل طرحه أمام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والذي يفيد بأن الفراغ الرئاسي يجب أن ينسحب فراغاً في الحكومة والمجلس النيابي… إلخ.
ولافت مثله الكلام الذي قاله النائب سيمون أبي رميا عن النزول الى الشارع «لإسماع صوتنا» إذا لم يتم انتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية!
بين الحالتين رابط أبعد من الإطار التنظيمي الواحد، وهو الذهنية الانقلابية التي تسطع عند الجنرال وخلاّنه ومريديه مع كل استحقاق استثنائي، بحيث يفترض كثيرون تبعاً لها أن جلّ طموح الإصلاحي الأول هو «إصلاح» الاجتماع السياسي اللبناني على الطريقة الأسدية! والانتهاء مرة واحدة وأخيرة من كل ديكورات الدساتير الديموقراطية وفبركات الانتخابات وطرقها وما الى ذلك من فذلكات توجع الرأس وتطمس الفرادة النخبوية وتحبط القادة الملهمين وتعرقل مسيرتهم الخلاصية وتدفع بهم في النهاية الى محطة مهينة هي «التنافس» الانتخابي مع أي كان! والأنكى هو أن يتم ذلك من خلال جعل الصوت موازياً في ثقله للمدفع أو لبرميل المتفجرات أو حتى لصاروخ كيماوي باب أول!
رواة السيرة كثر، وهؤلاء يتحدثون بلا كلل عن أن الحالة التنظيمية التي بناها الجنرال فيها شيء من ذلك كله: وحده من يقرر ووحده من يُسمع رأيه ووحده من يأمر ويُطاع.. ولا مكان لأي هامش أياً كانت طبيعته أو هويته أو سياسته، ومن لا يصدق ذلك فليسأل النائب سليمان فرنجية باعتباره، فنياً ونظرياً، عضواً في تكتل «التغيير والإصلاح» أو كان كذلك!
لكن حبّذا لو يتم التفصيل والشرح أكثر: ما هي الطريقة التي يفترضها الوزير باسيل لتعميم الفراغ في المواقع الرئاسية وفي المؤسسات الدستورية الثلاث. فرط الحكومة وإقفال أبواب المجلس النيابي مثلاً؟ أم ماذا؟ وأين سيتظاهر النائب أبي رميا وأمام أي سفارة؟ أمام السفارة السورية أم السفارة الأميركية أم السفارة الإيرانية؟.. أم في ساحة القليعات في كسروان؟!
كثيرون يشكرون الله سراً وجهراً لاقتصار الكلام على القصف السياسي والإعلامي، وبالتالي غياب إمكان القصف المدفعي… يا لطيف!