IMLebanon

في حواشي الكارثة

 

لم تركب رواية الراوي الانتهازي في كارثة عرسال! وبدلاً من جرّ الدولة اللبنانية وحكومتها وجيشها إلى «التنسيق» الرسمي مع الرئيس السوري السابق بشار الأسد، أمكن بجهود كبيرة وصغيرة، وقف تلك الكارثة عند الحدود التي وصلت إليها.. والتي هي في كل حال، ليست هيّنة ولا بسيطة، لا على الجيش وشهدائه ولا على أهل عرسال ولا على النازحين الذين علقوا في الوسط.

المغزى في الطلب وفي صاحب الطلب. وهو الذي افترض من جديد، أنّ تلك المساحة المحترقة والمتشظّية تمكّنه من الوقوف على رمادها وخرابها لتقديم أوراق اعتماد إضافية تؤكد أهليته التامّة لأن يكون حاضراً غُبّ الطلب لتبرير ما لا يُبرَّر، ولتغطية ما لا يُغطَّى، وللترافع بصوت عالٍ في قضايا خاسرة.. وذلك كله لغاية الوصول إلى الكرسي الرئاسي.

في الشكل أخطأ وفي المضمون ارتكب خطيئة.

وليست المرّة الأولى: فعلها سابقاً في 7 أيار المشؤوم، حيث وقف مبرّراً ما جرى بما فيه أعمال القتل وإحراق جريدة وإقفال تلفزيون! وبقي موقفه ذاك، المتشفّي والشامت والمحرّض والرخيص، وسيبقى عالقاً في ذاكرة حديدية لا منفذ للصدأ الواحد فيها.

قد يُنسى الفاعل المباشر أو يُسامَح، أو يدخل الأمر برمّته في تلابيب ومناخات وشروط التسوية (وهذا ما حصل جزئياً بالفعل!) لكن موقفه هو تحديداً لا يُنسى ولن يُنسى!

وفعلها ثانية وثالثة ورابعة، وأبرزها ذلك التفجّع العلني والمستور إزاء موقف حلفائه الذين لا يتصرّفون «بحسم» مع جماعة 14 آذار!.. والسلسلة طويلة، وخيطها الجامع أنّ ذلك الانتهازي الجموح والطموح لا يقيم وزناً لأي عُرف أو مكرمة أو شرعة، ولا يخجل!

.. وفي كارثة عرسال فعلها: بدلاً من أن يدعو إلى تجنيب البلدة وأهلها والجيش وضبّاطه وعناصره وقواه والبلد بجملته، محنة الإيغال في الكارثة واحتمالاتها الاشتعالية الفتنوية المدمّرة، وقف وقفة المحرّض على الأسوأ! محذراً من «مخاطر» قبول هدنة! ثم ارتقى درجة على ذلك السلم المخزي ورمى قنبلته الصوتية الفارغة داعياً إلى «التعاون» أو «التنسيق» مع بشار الأسد!

لم يعوّف الفرصة ولم يخيب «الرجاء»: بدا كما هو تماماً وعلى حقيقته. وتكفّل بنفسه في إزاحة تلك النكتة السمجة التي دأب هو وخلاّنه على تسويقها بين الحزانى، من أنّه «مرشح» وفاقي! أو توافقي! لأخطر وأهم منصب في الجمهورية!

وسقطتة بألف ألف سقطة: لا في الشكل راعى المشهد الكارثي القائم، ولا في المضمون «انتبه» إلى أنّ الدنيا صارت غير شكل وأنّ سلطة الأسد مشغولة بحطامها ولا قدرة لديها على ضمان أي شيء في سوريا، قبل أن يطلب من لبنان الدولة والحكومة والجيش التنسيق معها لضمان الانتصار في عرسال!

آه يا فالح!