IMLebanon

في ظل استمرار الاستحقاق الرئاسي معلّقاً دخان التمديد لمجلس النواب يتصاعد ثانية

من حزيران 2013 الى تشرين الثاني 2014، تم تأجيل الانتخابات النيابية من خلال التمديد لمجلس النواب سنة وخمسة أشهر في جلسة قياسية لم تتجاوز ربع الساعة وها هو تشرين على الابواب والمشهد السياسي في لبنان على حاله، مع بعض التراجع بين فترة وأخرى، ومن هنا بدأ دخان الحديث عن مشروع تمديد جديد لمجلس النواب يتصاعد منذ أيام “دون أي مبرر مقنع او مسوّغ قانوني أو دستوري” على ما يرى مرجع دستوري، مذكرا بأن الظروف الاستثنائية وحدها تحتم التمديد في المبدأ، مع الاشارة الى أن التمديد الاخير في حزيران الماضي كان نتيجة فشل الطبقة السياسية عموما والتكتلات النيابية خصوصا في التفاهم على قانون جديد للانتخابات، في ظل رفض بعضها او معظمها إجراء الانتخابات على اساس القانون المعمول به حاليا، والمعروف بـ”قانون الستين”، وأما الظروف الاستثنائية التي تذرع بها مجلس النواب للتمديد لنفسه فهي “من صنع هذه الطبقة” وفق تعبير المرجع المذكور. وقد بدأت مؤشرات التوجه نحو تمديد جديد تتظهر منذ أيام، وآخرها ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومفاده ان “ليس في الافق ما يشير الى ان الانتخابات الرئاسية ستحصل في المدى المنظور”، والطلب من كل الاطراف “التعاون من أجل تفادي المزيد من الفراغ السياسي ولا سيما ما يتعلق منه بمجلس النواب”.

ومن خلال ما نقل عنه، يؤكد بري ما قاله المرجع الدستوري المشار اليه أن التمديد المحتمل ايضا يعود الى عدم التفاهم على قانون جديد للانتخابات، إذ يلفت الى أن “الاجماع غير متوافر على اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين”، وأن “صعوبة اجراء الانتخابات على أساسه توازي صعوبة التوصل الى قانون جديد”.

وانطلاقا من هذا الواقع، وهو بالتأكيد غير صحي، بدأ الحديث عن احتمال التمديد مرة جديدة باعتباره “أهون الشرّين” وفق ما نقل عن بري الذي يكون من خلال هذا الكلام قد افتتح رسميا مشوار مشروع تمديد جديد لمجلس النواب، مما يعيد الى الاذهان تجارب سابقة بدأت مطلع السبعينات عندما مدد مجلس النواب لنفسه ثماني مرات متتالية، استمرت حتى مطلع التسعينات، وكانت الانتخابات النيابية الاولى بعد الحروب المتتالية والاجتياحات التي شهدها لبنان منذ 1975، عام 1992!

ولئن يكن من غير المفاجئ أن ينسحب عدم انتخاب رئيس للجمهورية على الانتخابات النيابية، وهو ما حذر منه تكرارا اكثر من مرجع دستوري (الدكتور خالد قباني الاسبوع الماضي في “النهار”)، فإن أوساطا سياسية مستقلة تسارع الى التذكير بأن الطريق الاقصر الى تجنب المزيد من الفراغ هو الاقدام على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، وتستغرب “الاسباب الموجبة” التي يتذرع بها مقاطعو جلسات الانتخاب المتتالية، أي “حزب الله” وفريق 8 آذار عموما، وفحواها أن هذا الفريق لا يزال غير جاهز للانتخابات الرئاسية، في غياب التفاهم على رئيس توافقي، وهو ما يعتبره فريق 14 آذار “تعطيلا متعمدا للانتخابات” لأسباب تمتد من المحلي الى الاقليمي والدولي، بدءا بالسبب الظاهر وهو استمرار تعطيل النصاب حتى ضمان وصول مرشح فريق 8 آذار، رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، مرورا بالسبب “الحقيقي” وهو “العمل على زج الاستحقاق الرئاسي بالتجاذبات الاقليمية والدولية وصولا الى استعماله ورقة في أجندة التفاوض الاميركي – الايراني!

ويتحدى مرجع سابق الفريق المقاطع لانتخابات الرئاسة بأن يدلي بالاسباب الحقيقية الكامنة وراء تعطيل انتخابات الرئاسة، معتبرا ان “الحجج المعلنة واهية وغير مقنعة”.

وتعليقا على التسريبات المتعلقة باحتمالات التمديد ثانية لمجلس النواب، يسارع مرجع دستوري الى القول: “يعني المزيد من التراجع والترهل على مختلف الصعد السياسية والامنية والاقتصادية”! ويقول إن التمديد يتنافى مع الدستور والمبادئ الديموقراطية وتداول السلطة، والتمديد يعني اعلان استمرار العجز عن اجراء الانتخابات نتيجة عدم التفاهم على قانون للانتخابات. ويسأل: ما هي الرسالة التي نعطيها للعالم من خلال مقاطعة الانتخابات الرئاسية من جهة، والتمديد لمجلس النواب من جهة اخرى؟ ان أقل ما يمكن أن تحمله تلك الرسالة هو التسليم باستمرار الازمة لمدة سنة ونصف سنة على الاقل (المدة المحتملة للتمديد).

وهكذا يستمر الوضع على ايقاع مكانك راوح ويبقى الطموح عدم تسجيل المزيد من التراجع!