IMLebanon

في غياب التفاهم الخارجي.. هل صار الفراغ أمراً واقعاً؟

الحلقة المفرغة تطوّق الاستحقاق

في غياب التفاهم الخارجي.. هل صار الفراغ أمراً واقعاً؟

طوّقت الحلقة المفرغة الاستحقاق الرئاسي حتى صار شغور رئاسة الجمهورية أمراً واقعاً من دون أفق زمني واضح.

داخلياً، ثبت العجز عن قدرة القوى السياسية على انتخاب رئيس لسببين: الأول، دستوري لجهة عجز أي من القوى السياسية عن تأمين نصاب الجلسات. والثاني سياسي بسبب غياب الرغبة بالتوافق السياسي. وعليه، فإن المسألة صارت تستدعي تدخلاً خارجياً. لكن المشكلة أن تدخّل أي جهة خارجية لا يعني أنها قادرة على إنجاز الانتخابات، لأن هناك اليوم أكثر من جهة خارجية مؤثّرة، ولكنها متنازعة حول العديد من الملفات، وخصوصاً السعودية وإيران اللتين تستطيع كل منهما التأثير سلباً في حال خلافهما وتؤثران إيجاباً في حال اتفاقهما.

في رأي مرجع كبير أن «زيارة السفير الأميركي لدى لبنان دايفيد هيل الى السعودية، وعلى افتراض انه اتفق مع القيادة السعودية على اتجاه معين للانتخابات الرئاسية، فإنه يبقى هناك نقص يتمثل في الاتفاق مع ايران وحزب الله وقوى 8 آذار، والعكس صحيح، اي انه اذا تم الاتفاق مع ايران ولم يتم الاتفاق مع السعودية فإن المشكلة التي تواجه الاستحقاق ستكون هي ذاتها».

لكن، هل هناك إمكانية لتحييد لبنان عن استحقاقات المنطقة واعتباره «وضعاً خاصاً»؟

يوضح المرجع أنه «في الموضوع الحكومي، ورغم الوضع السوري والاشتباك الاقليمي، تمكنوا من انجاز ملف تأليف الحكومة. فهل يمكن اسقاط ذلك على الاستحقاق الرئاسي خارج اطار المفاوضات حول الملفين السوري والعراقي؟ واذا لم نستطع تحقيق ذلك فما الذي سيحصل؟ الواضح ان السعودية ستراقب مسار العملية السياسية في العراق على ضوء نتائج الانتخابات التي جرت، فاذا عاد نوري المالكي على رأس الحكومة لولاية ثالثة يعني انها نالت علامة صفر، واذا فاز الرئيس السوري بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية لولاية جديدة ايضا تنال علامة صفر، وهذا يعني تلقائيا التشدد في لبنان. واذا كان هناك توجه مختلف في العراق خارج خيار نوري المالكي فإن ذلك قد ينعكس حلحلة على الملف اللبناني».

في مأزق تأليف الحكومة ذهب الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الى السعودية، وكذلك فعل السفير هيل، كما اوفدت فرنسا موفدا رئاسيا الى ايران، وتم انجاز المهمة بنجاح. كان انجاز ملف تأليف الحكومة اسهل، بينما انجاز الاستحقاق الرئاسي اصعب لان البحث حول شخص واحد ولست سنوات، لذلك لم يحصل الاتفاق حوله بعد.

ويشير المرجع إلى أن «ما نسمعه عن السفراء الغربيين غير مشجع، لان الاطراف الداخليين على عنادهم، والاطراف الإقليميين لم يجمعهم احد بعد، ودائرة التواصل لم تكتمل حتى الآن. كما ان الممثل السامي للاتحاد الاوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن كاترين أشتون التي بامكانها لعب دور على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لا تقوم بذلك، علما انها تفاوض الجانب الايراني حول الملف النووي. الاتحاد الاوروبي لا يلعب دوراً فاعلاً… حتى الآن. بإمكان بلامبلي لعب دور لكنه يحتاج قبلا الى تكليف، والجانب الاميركي يلعب دورا ولكنه غير كاف لان تواصله المباشر مع الايراني غير موجود، وهذا النقص يستطيع ان يملأه الفرنسي الذي بمقدوره التواصل مع ايران والسعودية، الا انه لم يتقدم كثيرا بعد رغم الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بنظيره اللبناني ميشال سليمان والذي اتبعه باتصال مع النائب وليد جنبلاط والذي تناول الدور الذي يمكن ان يلعبه جنبلاط وضرورة التواصل معه. ولكن هناك رأي يقول حتى جنبلاط لا يمكنه لعب دور اساسي اذا استمررنا متمسكين بنظرية نصاب الثلثين كشرط مسبق لانعقاد جلسة الانتخاب، ودور جنبلاط يصبح كبيرا في حال اعتماد نصاب النصف زائدا واحدا، وخارج ذلك هناك وجوب لتفاهم ايراني ـ سعودي، والا عبثا نحاول».

واذ يلفت المرجع الى أن «اجواء نتائج زيارة السفير هيل الى السعودية لم تحمل جديدا رئاسيا»، يعتبر انه «مع الاصرار على نصاب الـ 86 نائبا لا يمكن فعل شيء، والرئيس نبيه بري هو الذي يقبض على هذا المفتاح، والاصرار على هذا النصاب شرطا لانعقاد الجلسة يعني الحاجة الى عمل ديبلوماسي نشيط والتركيز هو على السعودية وايران. بالنتيجة الحل سيكون ان يقترح ميشال عون اسما مقبولا من مسيحيي 14 اذار ومن البطريرك الماروني، وحينها يمشي الحال.»

يضيف المرجع «ليس صحيحا ان لا مشكلة بدءا من 26 الجاري، لانه ليس بالامكان القول ان الحكومة الحالية ستبقى صامدة وثابتة وبامكانها تخطي كل الصعوبات في الشغور، وهذا ما لا يريده رئيسها الذي يردد انه يريد رئيسا الى جانبه، لذلك الامور تحتاج الى عمل بالاضافة الى تليين بعض الحديد وبسرعة نصل الى رئيس جديد، وهذا لا يقوم به السفير هيل لوحده انما عليه اشراك الجانب الفرنسي».

ويكشف المرجع عن ان هناك «محاولة لاقناع بلامبلي ليقوم بجهد رغم انه مبتعد، كما هناك من سيتحدث الى هيل للقول له انكم اذا كنتم غير قادرين على اكمال دائرة التواصل الاقليمي كلفوا الاوروبيين كونهم يتحدثون مع الايرانيين في الموضوع النووي وصار بينهم خبز وملح، على قاعدة ان الامر يحتاج الى عمل سريع، لانه اذا انتقلت صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة مجتمعة فعند اول ازمة سيفقد السيطرة عليها، ناهيك عن ان الميثاقية تصبح مهددة، كما ان المطلوب من كل الافرقاء والمواقع خفض حدة الخطاب السياسي في هذه المرحلة، لان اي تصعيد سيكون وقعه سلبيا جدا على المسار السياسي الداخلي».