قتال «حزب الله» لمنع سقوط نظام الأسد تسبّب بتنامي مشكلة النازحين السوريين في لبنان
إطالة مشكلة اللاجئين تهدّد بتداعيات ديمغرافية واقتصادية واجتماعية مستقبلاً
اللبنانيون جميعهم يدفعون مرة جديدة ثمن مشكلة «اللاجئين السوريين» التي تسبّب بها «حزب الله» – ولو جزئياً – لحساب إيران
يقول سياسي بارز أن «حزب الله» يتحمّل مسؤولية مباشرة عن تنامي مشكلة اللاجئين السوريين واتساعها في لبنان ودول الجوار من خلال مشاركته في القتال للدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد على نطاق واسع، مما أدى الى إطالة أمد الحرب الدائرة في سوريا على نحو غير متوقع وإلى زيادة ملحوظة ومتواصلة لأعداد النازحين السوريين الوافدين الى لبنان جراء تهديم منازلهم وتضرر ممتلكاتهم وانقطاع موارد أرزاقهم. إلا أن الحزب كعادته يتجاهل هذه المسؤولية ويحاول رميها على خصومه السياسيين كعادته خلافاً للواقع وكأنه ليس معنياً بهذه المشكلة التي بدأت تتفاعل على مختلف الصعد الحياتية والاقتصادية والاجتماعية، وباتت تهدد لبنان بمشاكل أكبر في حال لم يتم تداركها واستنباط الحلول السريعة المطلوبة لها.
ويشير السياسي البارز الى التأثيرات السلبية الخطيرة لمشكلة النازحين السوريين التي يتسبب «حزب الله» الى جانب حليفه النظام الأسدي بحدوثها ومنها، التواجد العشوائي والمتفلّت لهذا النزوح في مختلف المناطق وداخل المدن خلافاً لما هو معمول به في دول الجوار، بحيث يصعب على السلطة مراقبة هؤلاء، وخصوصاً الذين يقومون بأعمال منافية للقانون أو المشبوهة، الأمر الذي يعرّض اللبنانيين لمخاطر جمّة جراء استمرار واتساع أعداد هؤلاء اللاجئين، كما يحصل في العديد من المناطق اللبنانية.
أما الأمر الآخر الخطير، فهو قيام العديد من اللبنانيين بالزواج من السوريات الوافدات وزواج العدد من السوريين بلبنانيات أيضاً على نحو أكثر مما يجري في السابق وبوتيرة مرتفعة، وهو ما يؤدي حكماً الى إنجاب مواليد جدد لا بد وأن يتم تجنيسهم بحكم القانون في المستقبل، وهذا سينتج عنه زيادة ملحوظة تضاف الى خانة الطوائف التي ينتمون إليها ومعظمهم معروف الى أية طائفة ينتمي هؤلاء، مما يزيد في الاختلالات القائمة بالتركيبة الديموغرافية لصالح هذه الطائفة على حساب الآخرين، وبالتال يعرض التركيبة الديموغرافية اللبنانية لاختلالات جديدة قد تنعكس سلباً على واقع لبنان كله في المستقبل.
ولا تقتصر مشكلة اللاجئين السوريين عند هذا الحد، فهناك المشكلة الاقتصادية التي تسبب بها هؤلاء وهي من شقّين، الأول يتعلق باستنزاف الموارد الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون منذ زمن، وهي استهلاك الطاقة الكهربائية التي لا تكفي اللبنانيين أصلاً لاعتبارات معروفة والمياه غير المتوفرة أيضاً بسبب عدم وضع خطط طويلة المدى لاستيعاب وتخزين المياه تحسباً للشحائح، الطحين المدعوم من الدولة وغير ذلك من المواد الغذائية، ويضاف إليهم استنزاف البنى التحتية على اختلافها من طرق وشبكات مياه وهاتف وغيرها وهي كلفت اللبنانيين مليارات الدولارات وبحاجة لمبالغ طائلة لصيانتها واستمرار المحافظة عليها.
أما الشق الثاني، فيتعلق بتأسيس مراكز أعمال تجارية ومطاعم وتسوق لسوريين إما بشكل مباشر أو بواسطة لبنانيين يشكلون واجهة خارجية فقط لتفادي الملاحقة القانونية وغير ذلك، في حين لوحظ بوضوح التنافس الحاد مع اليد العاملة اللبنانية في العديد من المصالح والأعمال، مما أدى حتماً إلى تسلم الآلاف من السوريين لوظائف واعمال كان يتولاها لبنانيون من قبل، لتدني اجور ورواتب هؤلاء العمال السوريين الوافدين، الامر الذي احدث موجة بطالة واسعة قد تكون لها تداعيات اجتماعية خطيرة بالداخل اللبناني.
وهناك أيضاً التداعيات الخطيرة للنزوح السوري الواسع على مختلف نواحي الحياة وخصوصاً النواحي الأمنية التي أصبحت في زيادة مضطردة وفوق طاقة السلطات الأمنية التي تعمل بكل طاقتها لمكافحة الأعمال المخلة بالأمن التي يقوم بها اللاجئون السوريون في مختلف المناطق اللبنانية، وباتت نسبة الجرائم المرتكبة وأعمال السرقة والنشل والاعتداء التي يقوم بها هؤلاء تسجل نسباً مرتفعة للغاية.
ويلفت السياسي البارز إلى أن اللبنانيين بأجمعهم يدفعون مرّة جديدة ثمن مشكلة جديدة، هي مشكلة اللاجئين السوريين التي تسبب بها «حزب الله» ولو جزئياً لحساب إيران، كما فعل من قبل لدى استجراره حرب تموز في العام 2006 خلافاً لإرادة ومصالح اللبنانيين مجتمعين، في حين يبدو أن المشكلة الجديدة تبدو أكثر تعقيداً وتؤشر إلى تداعيات غير محمودة في حال استمرت الحرب الدائرة بسوريا لسنوات إضافية في ظل تغافل الدول المؤثرة عن التدخل بفاعلية لوقف الصراع الدائر هناك، وهو ما يرتب على لبنان تفاعلات وتداعيات خطيرة قد تؤثر على تركيبته الديمغرافية ومكونات شعبه ووجود الدول ككل.
لذلك، لا بدّ من التنبه لمخاطر تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان إلى النحو الذي يفوق طاقة تحمله وهي طاقة أكبر مما تحملتها الدول المجاورة الأكبر حجماً والأقوى اقتصادياً، والمسارعة لوضع الخطط المطلوبة لاستيعاب موجات النزوح المتتالية وتفادي تأثيراتها السلبية بأقل قدر ممكن.