قذائف من الجنوب إنتصاراً لغزة .. والسيطرة علی الرقّة تقلق لبنان
جنبلاط يغازل «حزب الله» وعون .. والخشية من التجاذب الحكومي تضع الرئاسة على النار
بصرف النظر عما إذا كان هناك ترابط بين التطورات الإقليمية ذات الارتدادات المباشرة على لبنان، وإعلانات رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط عن نيّة لديه لإجراء جولة جديدة من المباحثات مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري للبحث في مقاربة جديدة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من ثلاثة اعتبارات:
1- اقتراب مدة الشغور الرئاسي من ثلاثة شهور، وما حملته من تأكيد أن لا إمكانية للتوافق لا على العماد ميشال عون ولا على الدكتور سمير جعجع، أو قبول مرشح اللقاء الديموقراطي هنري حلو، الأمر الذي يعني استخلاص ما يلزم من نتائج لجهة البحث الجدّي عن الرئيس التوافقي.
2- استشعار القوى السياسية، لا سيما داخل الفئات والطوائف التي تشعر باستهداف أكثر من غيرها من استفحال ما تعتبره خطر «داعش» الآتي من الشرق والشمال، مما يعني أن وحدة الموقف لمواجهة هذا الخطر، لا يمكن أن تظهر إلا من خلال الاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية.
3- على أن الاعتبار الأخطر، هو جنوح المناخ العام في البلاد من «الوفاق الإيجابي» الى الإلتقاء السلبي داخل مجلس الوزراء، مما يخشى معه من حدوث «إعصار» داخل الحكومة يشلّ قدرتها على العمل التوافقي، فضلاً عن استعجال قوى سياسية في 8 آذار انتخاب رئيس للبحث عن حكومة جديدة تؤدي الى إبعاد عدد من الرموز عن موقع المسؤولية في عدد من الوزارات المهمة، لأن إطالة عمل الحكومة التي تجمع تناقضات مقبلة على التفجّر، في ضوء حضور «داعش» بقوة في الخطاب الداخلي من زاوية الاتهامات والاتهامات المضادة، وما يجري تداوله في الأفق من نيّة عند التيار العوني لتصعيد الموقف السياسي، بعدما تبيّن أن فرص النائب عون آخذة بالإضمحلال، وأن أي موقف تصعيدي له قد يعيد تحريك الملف، وإن كان من غير الثابت أن هذه الخطوة قد تكون لمصلحته، إذا لم يتحوّل من مرشح الى ناخب.
ووفقاً لمصدر وزاري مطلع، فإن ضغط الحدث الإقليمي على لبنان، سواء بعد سقوط قذائف من جنوب لبنان على اسرائيل،. مع احتدام الغارات على قطاع غزة، وانسداد أفق العودة الى مفاوضات غير مباشرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وتحميل إسرائيل لبنان مسؤولية إطلاق الصواريخ، أو القلق الذي خلّفه سيطرة «الدولة الإسلامية» داعش على الرقة شرق سوريا ورصاص الابتهاج الذي أطلق في باب التبانة في طرابلس بعد سماع نبأ سقوط مطار الطبقة الاستراتيجي في الرقة بيد مقاتلي داعش.
وأعرب المصدر عن أن المخاوف جدّية على الاستقرار الداخلي، إذا ما تجددت حرب القلمون، واستفحلت قضية الأسرى العسكريين بعد تراجع وساطة هيئة العلماء المسلمين وإدخال هذه القضية في البازارات السياسية والأمنية المعروفة.
ومع أنه جرى أمس توزيع جدول جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، إلا أن الاهتمام الرسمي والحكومي يتركز على احتواء المواقف الوزارية والحزبية المتصادمة، وإجراء ما يلزم من اتصالات لمنع تفاقم الوضع عند الحدود اللبنانية- الاسرائيلية.
وفيما استبعدت أوساط وزير العدل أشرف ريفي أن ينجر الى الرد على ما قاله النائب جنبلاط حول أن لا تشابه بين حزب الله و«داعش»، وفقاً لما كان قد رأى ريفي ذلك في مقابلة تلفزيونية، معتبراً أن هذا الوصف «هرطقة» و«غباء»، لاحظ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أن تأثيرات الوضع الإقليمي على لبنان ولا سيما الوضع العراقي منه، إضافة الى التوتر السياسي الجديد الذي كان معروفاً، تحتاج الى إعادة تقييم ودرس، خصوصاً وأن هذا التوتر يأتي خارج السياق، وبعد مرحلة التهدئة التي خضع لبنان إليها بعد معركة عرسال.
ووصفت أوساط شمالية مواقف جنبلاط التي أطلقها في جولته في بعض قرى عاليه، أمس، بأنها عودة الى «الإنبطاحية»، وتسويق مواقف معينة لحسابات محض «فئوية».
وفي تقدير المصدر الوزاري، أن الوضع السياسي المستجد، سواء في الداخل، أو على الحدود، أو في كل من سوريا والعراق، لا يدعو إلى الارتياح، ولا سيما بعد الدخول الأميركي على خط التوتر الساخن، متوقعاً تطورات عسكرية جديدة في العراق وسوريا، من شأنها أن يكون لها ارتدادات على لبنان، ينبغي التحسب لها.
جولة جنبلاط
وفي غياب اي تطوّر سياسي، في عطلة نهاية الأسبوع، كان من الطبيعي أن تحتل جولة جنبلاط في بعض قرى قضاء عاليه، والمواقف التي أطلقها خلال هذه الجولة، صدارة الحدث السياسي، خصوصاً وانه «غازل» حزب الله، من خلال انتقاده وصف الحزب «بداعش»، معتبرا اياه بأنه «هرطقة» وغباء وتعصب، موكداً بأن «داعش» هي العدو، واننا ما زلنا في بداية الطريق لمحاربة الارهاب، داعياً إلى دعم الجيش وعدم التشكيك بقدراته.
وقال، أثناء زيارته لمنزل النائب غازي العريضي في بيصور، انه في هذه المرحلة لا بدّ من مؤازرة القوى الأمنية والجيش والدولة في مواجهة هذا الارهاب والتطرف الذي بدأت معالمه في عرسال، معتبراً تنظير بعض السياسيين حول أداء الجيش طعناً بالجيش وبمصداقيته، مؤكداً أن الجيش قام بكل واجباته، وهو فقد شهداء وجرى احتجاز رهائن، لافتاً إلى انه لا توجد دولة في العالم ولا جيش الا ويمر في هذه المرحلة، والرهائن سيرجعون بالتفاوض، اسوة بأميركا.
وبالنسبة لموضوع رئاسة الجمهورية، كشف جنبلاط انه يعمل على الوصول إلى تسوية لتجاوز مأزق الرئاسة مع الرئيس برّي والسيّد نصر الله، مشيراً إلى أن مركز رئاسة الجمهورية ليس فقط للمسيحيين، بل هو لكل اللبنانيين، مبدياً استعداده لسحب ترشيح مرشحه النائب هنري حلو من خلال تأكيده انه لن يكون عقبة في حال تم الوصول إلى هذه التسوية.
شريط جديد للعسكريين
تجدر الإشارة إلى أن «المؤسسة اللبنانية للارسال» L.B.Cبثت مساء السبت شريطاً مصوراً لتنظيم «داعش»، يظهر فيه سبعة عسكريين من الجيش اللبناني محتجزين لدى هذا التنظيم.
وأوضحت المحطة أن هذا الشريط جرى تسليمه من قبل هيئة العلماء المسلمين إلى السلطات اللبنانية، بالإضافة إلى لائحة تضم 4 عسكريين آخرين من الجيش كانت خطفتهم مجموعة «ابو حسن» الفلسطيني ليصبح بذلك عدد عناصر الجيش المحتجزين لدى «داعش» 11 عسكرياً، فضلاً عن جثة عسكري شهيد.
وكانت المحطة المذكورة بثت مساء الجمعة شريطاً مماثلاً لجبهة «النصرة» لتسعة عسكريين (عنصر من الجيش و8 من قوى الأمن الداخلي) محتجزين لديها، وبذلك يكون عدد العسكريين الأسرى لدى التنظيمين 20 عنصراً.
وفي هذا السياق، أعلن وزير البيئة محمّد المشنوق أن الحكومة لم تكلف أحداً ملف الافراج عن العسكريين المخطوفين، بل إن هيئة العلماء المسلمين التي أعلنت الجمعة تعليق مبادرتها مبدئياً، هي التي تطوعت لذلك، والحكومة لم تفتح باب التفاوض، وأن مجلس الوزراء اعتبر في قراره أن الجيش هو من يتولى هذا الملف.
صواريخ الجنوب
في هذا الوقت، شهد جنوب لبنان مساء أمس الأوّل إطلاق صواريخ مجهولة من بلدة الضهيرة الحدودية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، سرعان ما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بالاعتداء على الأراضي اللبنانية بإطلاق عدد كبير من القذائف أدّت الى اضرار مادية، ولم يفد عن وقوع اصابات في صفوف المواطنين، من دون أن تعلن اي جهة مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ.
وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان لها أن «مجهولين اطلقوا عند الساعة 22.30 بتاريخ أمس الاول، صاروخين من غرب بلدة الضهيرة – صور باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبنتيجة التفتيش عثر الجيش على منصتين حديديتين في المكان المذكور استعملتا في إطلاق الصاروخين، وقد بوشر التحقيق في ظروف الحادثة بالتنسيق والتعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان».
وأعلنت إسرائيل رسمياً انها «تعتبر أن إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان ليس الا حوادث فردية هدفها جر «حزب الله» إلى حوادث مع اسرائيل».
واللافت أن إطلاق الصواريخ تزامن مع إطلاق خمسة صواريخ من سوريا أصابت نقاطاً عدّة في الجولان المحتل من دون أن تتسبب بإصابات.