IMLebanon

قراءة لبنانية للتطورات المتسارعة في المنطقة: مخطّط إسرائيلي لتقسيم الدول العربية

هل هي المصادفات الغريبة اشعلت النار دفعة واحدة في عدد من الدول العربية واججت الخطاب الطائفي والمذهبي وشوهت صورة كل تحرك شعبي جدي سعيا وراء بعض الاصلاحات او القليل من الديموقراطية؟ ام ان ثمة مخططا جهنميا يستهدف الدول العربية، ومنها لبنان، والأم يهدف هذا المخطط؟

في زمن التخبط في الصراعات والحروب الداخلية بما يكفل استمرار الحرب الاسرائيلية الوحشية على غزة وقتل الاطفال والنساء والشيوخ وتدمير المباني على رؤوس ساكنيها “بكل هدوء” وبدون ضجيج وبعيدا من الاعلام المنشغل بتسليط الضوء على اماكن اخرى وآخر محطاته العراق وسوريا وما بينهما الظاهرة المفاجئة والتي نمت في شكل عجيب مفاجئ تحت اسم “داعش”، تبدو الحاجة ملحة الى قراءة موضوعية هادئة، بدون انتظار حوار اميركي – ايراني هنا او اجتماع عربي او غربي هناك، وبعيدا من اية حسابات داخلية ضيقة، في محاولة للخروج من حال الضياع التي تعم العالم العربي برمته…

في اضاءة على الواقع العربي الراهن، يذكر مرجع سياسي مستقل اليوم، ما يلاحظه منذ سنوات، وهو ان “الاجواء الفئوية، الطائفية كما المذهبية، تزداد حدة. وثمة شعور في لبنان بأن هذه الظاهرة ليست مصادفة وبالتالي ليست بريئة. هناك بلا ريب قوى تعمل على ايقاظ المشاعر الفئوية وتسعيرها. وفي نهاية التحليل يبدو جليا ان اسرائيل هي المستفيد الأول وهي التي تسعى تاريخيا منذ نشوء الكيان الصهيوني الى تفتيت الدول العربية وشرذمتها وتقسيمها بحيث لا تبقى واحدة منها، او مجتمعة، قادرة في يوم من الايام على تهديد هذا الكيان من قريب او بعيد، فهل هذا ما سمي بمشروع الشرق الاوسط الجديد السيئ الذكر والذي دعت اليه الدولة العظمى اميركا؟”.

ويرى المرجع المذكور ان “وحدة لبنان مستهدفة كما هي وحدة كل بلد عربي، فالامة العربية يراد تفتيتها خدمة لأمن الكيان الصهيوني. ان اثارة العصبيات المذهبية والطائفية وتفجير الصراعات الفئوية على اختلافها مأرب صهيوني، يجر الدولة العظمى في ركبه، وهذا مجال تنشط فيه اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية وتجر معها الاميركية”.

والسؤال البديهي، كيف السبيل الى الخروج لبنانيا على الاقل، من هذا الوضع الخطير وهل ان ذلك لا يزال ممكنا؟

يجيب المرجع نفسه: “يقتضي بالطبع ان ندرك هذا الواقع الخطير كي نستطيع العمل على تجاوزه، والصعوبة الحقيقية تكمن في ان الفئوية اضحت من صلب ثقافتنا، وتطهير الثقافة من ادران الفئوية لن يكون بالامر السهل، ولكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. ولعل البداية تكون بعقد مؤتمر وطني يرفع شعار العمل على تجاوز الحالية الفئوية، الطائفية والمذهبية، ويضع برنامجا لهذه الغاية يتضمن اقتراحات تتعلق بالتربية الوطنية وبالسياسة الاعلامية ومخططا منهجيا للتخلي عن نظام التقاسم الطائفي على الصعيدين السياسي والاداري”، ويلفت الى ان “قانون الانتخاب هو مفتاح اساسي من مفاتيح الاصلاح السياسي الذي يشكل المدخل الطبيعي للاصلاح الشامل، وقد نص اتفاق الطائف على المحافظات دوائر انتخابية، والمحافظات كانت واسعة نسبيا وتضمن القدر الحيوي اللازم من الاختلاط في غالبية المناطق، وهذا كفيل بابراز الاعتبار الوطني الجامع في قرار الناخب امام صندوق الاقتراع، الى ذلك فان اعتماد النسبية في النظام الانتخابي من شأنه تحصين صحة التمثيل الشعبي وكذلك تأكيد الطابع الوطني اللاطائفي في الانتخابات.

وقد جاء قانون الانتخاب الاخير (المعتمد حاليا والمعروف بقانون الستين) مغايرا لنص اتفاق الطائف، فباعتماد الدوائر الصغرى التي يغلب عليها الطابع المذهبي والطائفي، تكون الحصيلة للأسف الشديد مجلس للنواب تسيطر عليه عناصر، في معظمها تنطق بلغة مذهبية وطائفية مدمرة، وهذا بالتأكيد لا يساعد في تحقيق المرتجى، اي تجاوز الحالة الطائفية، لا بل هو يصب في مجرى المشروع التفتيتي المرسوم للمنطقة جمعاء، وقد بدأت خطواته العملية الاولى في العراق… فهل نستغرب والحال هذه شيوع الخطاب الطائفي والمذهبي في بلدنا على هذه الوجه المثير للقلق الشديد على المصير؟ وباحتدام الخطاب الفئوي يبقى الخوف على السلم الاهلي مشروعا ومبررا”.

اين تلك “الطموحات” مما نراه اليوم ونسمعه من خطاب سياسي واقتراحات اقل ما يقال فيها انها تنم عن تراجع وابرزها تلك التي تدعو الى قانون انتخاب، يقضي بحصر انتخاب كل طائفة لنوابها، واحيانا انتخاب كل مذهب لنوابه… فهل هؤلاء هم “نواب الامة” كما سماهم الدستور؟

ويلفت المرجع اخيرا الى ان الاصلاح يحتاج الى اصلاحيين، الى رجال دولة، وهؤلاء لا تنطبق عليهم مواصفات من يعكس صدى الخارج وارادته، اشرقا كان ام غربا، وقرار الاصلاح هو في النهاية قرار سياسي بمرسوم من وزير او بقانون يسنه مجلس النواب، من هنا القول ان الاصلاح السياسي هو المدخل الطبيعي الى الاصلاح الشامل.

انها ازمة رجال!