الحريري عند بري: هل تُفتح أبواب المجلس؟
قهوجي: أسقطنا الإمارة من عرسال إلى بحر عكار
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم التاسع والسبعين على التوالي.
ولبنان ايضا بلا عسكرييه الأسرى الذين يُفترض أن يكون تحريرهم من أيدي المسلحين في جرود عرسال، أولوية تتقدم على ما عداها لدى ما تبقى من مؤسسات عاملة في «جرود الدولة»، لان كل عنصر مختطف من عناصر الجيش وقوى الأمن يرمز ببزته الى الكرامة الوطنية.
وقد أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«السفير» الإصرار على استعادة الأسرى مهما كان الثمن غاليا، لافتا الانتباه الى ان الجيش أنقذ لبنان عبر معركة عرسال من فتنة مذهبية قاتلة، «ولو هُزم الجيش لكانوا قد دخلوا الى عكار ومنها وصلوا الى البحر وأعلنوا عن دولتهم، وهنا الكارثة».
وفي «دولة الفراغ» يُسجل للمعنيين بملف دار الفتوى أنهم نجحوا في وقف زحف «الشغور» عند أبواب الدار، ليُنتخب أمس الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً توافقياً للجمهورية، بتفاهم بين سنّة «8 و14» آذار وبدفع من أطراف عربية (مصرية – سعودية)، في لحظة احتدام المواجهة مع التطرف والإرهاب على امتداد المنطقة وصولا الى لبنان، علما أن هذه المظلة الداخلية – الخارجية، لم تحل دون «تمرد» 19 صوتاً من بين الحاضرين على «قدر التسوية».
وإذا كانت تسوية انتخاب المفتي الجديد قد رُتبت قبل عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، إلا أن رعاية الحريري لها عن قرب أعطت زخماً إضافياً لعودته التي بدأت تظهر مفاعيلها المباشرة على صعيد إعادة ترتيب أوضاع البيت الداخلي لـ«تيار المستقبل» والطائفة السنية في مواجهة المتطرفين.
وفي سياق «إعادة تأهيل» جسور الحوار، زار الحريري مساء أمس الرئيس نبيه بري في عين التينة، حيث عُقد لقاء أعاد فتح أبواب التواصل المباشر بين الرجلين، فهل يُمهد لإعادة فتح أبواب المجلس النيابي؟
بري منفتح على الحريري
وقال بري لـ«السفير» إنه مرتاح لعودة الحريري، معتبراً أنها ضرورية ومفيدة في سياق مواجهة التطرف وتعزيز الاعتدال، ومشيراً الى أنه عندما يقرر الرئيس الحريري أن يكون في الصفوف الأمامية للمعركة ضد الإرهاب والتطرف، فلا يمكننا إلا أن نثني على هذا الخيار.
وأبدى استعداده للتعاون مع الحريري في هذه المرحلة الدقيقة، سواء على مستوى التصدي لخطر الإرهاب أو على مستوى إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية.
ودعا المؤسسة العسكرية والحكومة الى عدم التفاوض مع المجموعات المسلحة، في ما خص ملف الأسرى من العسكريين والعناصر الأمنية. وتابع: لو طلب مني الرئيس تمام سلام نصيحة، لكنت قد نصحته بأن تتم الاستعانة بالقطريين والأتراك لمعالجة هذا الملف، مع سقف واضح وهو عدم القبول بمبدأ التفاوض والمقايضة على أي طلب يتعلق بإطلاق سراح سجناء في رومية.
وأكد بري أنه لا يزايد ولا يناور في رفض التمديد لمجلس النواب، «بل أنا أعني ما أقوله». وأضاف: خلال الولاية الممددة لم ينتخب المجلس رئيساً للجمهورية، ولم يضع قانوناً جديداً للانتخابات النيابية، ولم يقر العديد من القوانين الملحة وفي طليعتها مشروع سلسلة الرتب والرواتب، ولم يمارس دور الرقابة والمحاسبة.. مجلس من هذا النوع، هل يجوز التمديد له، وقبل ذلك، هل يجوز لأعضائه أن يتقاضوا رواتبهم؟
وشدد على أن الأولوية هي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ثم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ولو على أساس قانون الستين السيئ، لأن السيئ يبقى أفضل من الأسوأ وهو التمديد لمجلس مكبل، وخارج الخدمة، وإذا تعذر حصول الانتخابات لسبب ما، فأنا سأدفع في اتجاه وضع النظام برمّته في «بيت اليك» مع انتهاء ولاية المجلس رسمياً في 20 تشرين الثاني المقبل، حتى لو وقع عندها الفراغ الكبير، وأصبحنا بلا رئيس للجمهورية ولا رئيس للمجلس ولا حكومة.. «لأنه إذا ما كبرت ما بتزغر».
قهوجي: أنقذنا لبنان
وقال قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«السفير» إن الجيش حمى بمعركة عرسال، كل لبنان، لافتا الانتباه الى أن المسلحين كانوا يحضّرون لكارثة، ولو هُزم الجيش في عرسال لكانوا قد نجحوا في ذلك، ولكن تلك المعركة أكدت أن جيشنا قوي ومعنوياته عالية، وبالتالي فإن صمود العسكريين واستبسالهم في أرض المعركة قطعا الطريق على محاولة تغيير وجه لبنان، بل ربما محو لبنان من الخريطة كدولة.
وأوضح أنه أبلغ رئيس الحكومة والوزراء بأنه لو انهزم الجيش أمام المجموعات المسلحة في عرسال لكانت الفتنة السنية ـ الشيعية القاتلة قد اشتعلت في لبنان، ولكان المسلحون قد وصلوا الى اللبوة وفرضوا خط تماس جديداً وخطيراً ولارتكبوا المجازر فيها إن تمكنوا من الدخول اليها، ولو أن الجيش انهزم لكانوا قد دخلوا الى عكار ومنها وصلوا الى البحر وأعلنوا عن دولتهم، وهنا الكارثة، ولا أحد بالتالي يعرف الى أين كان سيدخل لبنان، ولكن ما قام به الجيش أكبر من إنجاز أو انتصار، بل هو بدماء شهدائه والجرحى والمفقودين أفشل أخطر مخطط ضد لبنان وحافظ على بقائه ومنع المجموعات الإرهابية من تفتيته بالفتنة.
وأكد أن أولويته استرداد الجنود المفقودين سالمين «مهما كان الثمن غاليا، ولا يمكن لهذه المسألة أن تُطوى أو تُؤجل، وهذا ما أبلغته الى القيادات السياسية، ولكل من دخل على خط هذا الملف من سياسيين أو علماء».
ملف الأسرى
واذا كانت رئاسة الحكومة هي المشرفة على عملية التفاوض عملياً عبر تكليف اللواء محمد خير التواصل مع الوسطاء المعروفين من «هيئة العلماء المسلمين»، إلا أن مصادر متابعة للاتصالات أكدت لـ«السفير» أن قيادة الجيش بقيت على تماس غير مباشر مع عملية التفاوض، تحت سقف واحد هو عدم التنازل للإرهابيين والتمسك بتحرير الأسرى.
وأكدت المصادر أن الاتصالات لم تسفر عن شيء حتى الآن نظرا لصعوبات لوجستية في التواصل مع المسلحين المنكفئين الى الجرود العالية، والمحاصرين من جهتي السلسلة الشرقية بين لبنان وسوريا، لكن المفاوضين مستمرون في مسعاهم، متوقعة أن يتخلل المفاوضات شد حبال، وألا تكون سهلة.
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في مقابلة مع «تلفزيون المستقبل» ليل أمس أنه ليس من مسؤولية قائد الجيش أن يفاوض بل أن يقاتل وفق القرار السياسي الصادر عن الحكومة. وتساءل رداً على رافضي التفاوض للإفراج عن الأسرى العسكريين: ألم يتم التفاوض عبر وسطاء للإفراج عن الأسرى لدى إسرائيل؟
واعتبر أن الحكومة والجيش و«هيئة العلماء» أنقذوا السلم الأهلي في لبنان وحافظوا على أرواح المدنيين في عرسال، مشيرا الى ان الجيش تصرّف بوعي وحكمة.