ليس ما يؤشر الى ان الدعوة التاسعة التي وجهها الرئيس نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غدا الاربعاء سيكتمل فيها النصاب. المعرقلون معروفون، لكن المهم الى متى؟ وأين الخلل؟ ومن يمكن ان يعالجه؟ لأن انتخاب رئيس للجمهورية هو حجر الزاوية في اعادة ارساء الاستقرار السياسي على أسس متينة تدعم الاستقرار الامني الذي تحاول تنظيمات متطرفة زعزعته من حين الى آخر بواسطة انتحاريين لتفجير أماكن محددة، وتمكنت الاجهزة الامنية على تنوعها من توجيه ضربات استباقية عطلت فتائل التفجيرات قبل اشتعالها.
وأفادت مصادر سياسية “النهار” ان المشاورات لتذليل العقد التي حالت حتى الآن دون اجراء الاستحقاق الرئاسي استؤنفت مع اطلاق الرئيس سعد الحريري خريطة الطريق السداسية النقاط التي يرى بأنها قد تؤمن انتخاب الرئيس الجديد، ومن هنا كان اللقاء بين الرئيس امين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة أمس في حضور نادر الحريري.
وأشارت الى ان دعوة رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون الى الاتصال بقادة مسيحيي 14 آذار كما يريد الحريري، مرفوضة من الجنرال. كما ان التنازل الذي يطالب به البطريرك بشارة الراعي بين مرشح تلك القوى ورئيس “التيار الوطني الحر” مرفوض من الاخير، على أساس أن الرئيس المقبل يجب ان يكون قويا بتمثيله النيابي وبقاعدته الشعبية، وهذان الشرطان متوافران في عون، باعتراف غير كامل من جعجع، أي ان عون لديه أكبر عدد من النواب، فيما رئيس حزب “القوات اللبنانية” قد يكون أكثر شعبية.
وازاء “الكربجة” في الموقف المسيحي وعجز بكركي عن فكفكته، برزت تأكيدات اميركية وفرنسية وبريطانية وروسية وصينية ان ليس هناك مرشح تؤيده “المجموعة الدولية لدعم لبنان”، كما ان ايران بلسان سفيرها محمد فتحعلي تؤكد ان ليس لديها أي مرشح للرئاسة، وليس لديها أي فيتو على أي طرف، وقد دعا النخب السياسية اللبنانية الفاعلة الى ان تتخذ القرار الحاسم في هذا الشأن، لأن طهران يهمها ان يكون للبنان رئيس. وأتى هذا الكلام الايراني بعد لقاء مطول مع وزير العمل سجعان قزي الذي هو في الوقت نفسه نائب لرئيس حزب الكتائب. والرئيس نبيه بري ايضا مع اجراء الانتخابات اليوم قبل غد. وتكاد تعابيره تشبه تلك التي يستعملها البطريرك الماروني بشارة الراعي في مواقفه من موضوع رئاسة الجمهورية، وقد بُحّ صوته لكثرة تركيزه على الاستعجال في تحقيق هذا الاستحقاق كي يستوي التمثيل الوطني والطائفي في مكونات الدولة.
ووجهت هذه الجهات الدعوة الى عقد لقاءات بين قادة قوى 14 و8 آذار لمناقشة التعثر في الاستحقاق الدستوري الذي يطالب الجميع باجرائه في أقرب وقت، من دون أن يحصل أي لقاء مشترك برئاسة الرئيس تمام سلام، أو هو والرئيس بري، ويضم أركان القوتين في هذا الظرف الدقيق لانقاذ البلاد وعدم ادخالها في فوضى سياسية وتفكك بنيوي، ولا سيما ان عدم انتخاب الرئيس انعكس شللا على تأمين النصاب في أي جلسة انتخابية يدعو اليها بري بعد مرور 59 يوما على شغور الكرسي الرئاسي في قصر بعبدا.
وسألت اذا لم تجتمع تلك القوى لمعالجة التعثر في انتخاب رئيس للبلاد، فمتى تجتمع؟ واذا بقي كل فريق يجتمع مع حلفائه ويتخذ موقفا لا يلتقي مع الفريق الخصم، فكيف يمكن ان يكون الحل؟ الكل يتحمل مسؤولية هذا العجز في انتخاب الرئيس، والكل يعلم ان ليس هناك اتفاق دوحة جديد ولا الرياض راغبة في دور توفيقي، ومن ينتظر الوفاق بين طهران والرياض يضع البلاد على طريق ملغمة، وعليه ان يتوقع الأسوأ من هذا الكباش بطرفيه، العاجز كل منهما عن ليّ ذراع الآخر.