IMLebanon

قوى 8 آذار تتخوف من أمرين معاً: التوتر في طرابلس وعودة الخطاب المتطرف

منذ نحو ثلاثة أسابيع والدوائر المعنية في قوى 8 آذار ترصد حراكاً أمنياً يتخطى العادة والمألوف في طرابلس ويتجلى عملياً في مظاهر عدة أبرزها:

– عودة القنابل اليدوية تلقى على حواجز الجيش وعلى أهداف أخرى كالمقاهي وسواها.

– عودة الاعتصامات على خلفية ملف الموقوفين الاسلاميين حديثاً وقديماً.

– ظهور قادة المحاور او عناصرهم الى الواجهة الإعلامية مجدداً وهم يطلقون خطاباً ثأرياً.

– التشكيك في الخطة الأمنية السارية منذ فترة عبر الإحتكاكات المتمادية بمواقع وحواجز أمنية رسمية.

قد يرى البعض ان هذه المظاهر، على خطورتها، هي من ارتدادات مرحلة متفجرة سلفت ولم يمر الزمن على طي صفحتها، وانها رغم تكرارها ما برحت تحت السيطرة، ولم تجنح الى اتجاهات خطيرة، لا سيما انها تفتقر الى غطاء سياسي ربما يشكل عنصر حماية لمرتكبي هذه الاحداث.

ولكن الدوائر عينها، ورغم انها ما فتئت تعرب عن تقديرها لهذه القراءة التبريرية او الاسباب التخفيفية لما هو حاصل من مظاهر الانفلات الامني في عاصمة الشمال، إلا انها تتوقف عندها وهاجسها ان يكون لها باطن آخر خطير ومفتوح على احتمالات التوسع انطلاقاً من اعتبارات ووقائع عدة ميدانية وسياسية وترتبط بصورة ما استجد في الآونة الأخيرة من تطورات، وأبرزها:

– انتفاء أي مبررات موضوعية لمثل هذا التوجه نحو التوتير الذي تبديه مجموعات معروفة، خصوصاً بعدما انتفى محور باب التبانة – جبل محسن غداة غياب علي ورفعت عيد عن الواجهة وانكفاء مقاتلي الجبل.

– لكن ذلك على أهميته لا ينفي أن ثمة مخاوف لدى الدوائر عينها ولدى شريحة واسعة من اهالي جبل محسن وقواهم السياسية من أن يكون الجبل نفسه لاحقاً “فشة الخلق” التي تعيد تجميع القوى وإيجاد الهدف، فيكون هناك عود على بدء في سني الرعب التي عاشتها محاور طرابلس.

– ان الاحداث المتوالية في طرابلس تزامنت مع احداث امنية نوعية وذات دلالة شهدتها القلمون وعكار حيث ظهرت مجموعات وخلايا على صلة بتنظيم “داعش” وبعملياته الثلاث الاخيرة في ضهر البيدر ومدخل الضاحية الجنوبية وفي 3 فنادق في بيروت.

– عودة خطاب التحريض على الجيش والتشكيك في المؤسسة العسكرية الى الواجهة بعد انكفاء. واللافت ان هذا الخطاب عاد على ألسنة بعض الرموز والشخصيات التي اخذت مجدها خلال فترة الأحداث الحامية في الشمال.

ثمة وجه آخر للمخاوف يتأتى من مظاهر الاعتراض على سلوك فريق تيار “المستقبل” من مجموعات طرابلسية عادت للظهور في الشارع بقوة إحتجاجاً على اعتقال ابنائها من جهة، وتحميل هذا التيار المسؤولية لتخليه عن هؤلاء الذين زجوا في السجون ومثلوا امام القضاء بعدما “ورطهم” في السابق، وفق منطق المحتجين.

وفي كل الاحوال ثمة مشكلة حقيقية في طرابلس لا يمكن تجاهلها أو ضرب الصفح عنها من زاوية انها مجرد “احتجاجات” لا أفق لها بعدما انتفى “العدو” (اي جبل محسن) وانتفت الوظيفة السابقة والتي لها صلة بالأحداث في الساحة السورية المجاورة، وبالتحديد عندما كان ريف حمص تحت سيطرة المجموعات المتمردة على النظام في سوريا وفي ظنها أن أوان إسقاط دمشق امر حتمي ووشيك.

وتخشى الدوائر عينها من ان تكبر هذه المشكلة وتتحول أمراً واقعاً قابلاً للانفجار او الاستغلال غب الطلب خصوصاً ان ثمة ظروفاً ومناخات تشجع على سلوك هذا الدرب ومنها:

– ان الأحداث الأخيرة في الساحة العراقية والتمدد السريع لتنظيم “داعش” في محافظات الوسط العراقية، قد بعثت بمشاعر نشوة وارتفاع في المعنويات لدى بيئات معينة في لبنان وخارجه هي عملياً بيئات توالي محوراً في المنطقة وتعادي محوراً آخر، وهي استكانت لفترة بعد تلقي محورها ضربات في سوريا لكنها لم تستسلم وما برحت تراهن على تحولات وتغييرات وهي لا شك رهانات كبرت وتضخمت بعد تطورات العراق الاخيرة.

– لا تخفي الدوائر عينها خوفها وهاجسها من أن يكون المطلوب من الشمال عموماً ومن طرابلس خصوصاً عملية اشغال وانهاك أكبر للوضع اللبناني.

– ولم يعد خافياً ان “داعش” تصرف منذ فترة وعبر خطوات عملية على اساس انه يريد وراثة الساحة اللبنانية أو تثبيت حضوره فيها، وهذا الامر من شأنه أن يكون عامل إغراء لمجموعات وخلايا معينة زجت بامكاناتها منذ زمن في لعبة المحاور في المنطقة، وربما هي في صدد تقديم أوراق اعتماد للتنظيم العابر للحدود والذي بات يتصرف على اساس أن مشروعه هو العودة الى الخلافة على كل المنطقة والكيانات.

– لا شك في ان هناك من يقول ان “الاعتدال السني” بكل تمظهراته ولا سيما تيار “المستقبل” لن يكون الا في صف المعترضين على هذا التطرف الغازي كونه المتضرر الأول منه حاضراً ومستقبلاً، ولكن ما تخشاه هذه الدوائر هو أن يضطر هذا الاعتدال بشكل أو بآخر الى مجاراة لغة الشارع الجانح نحو التشدد.

وفي هذا الاطار تتوقف الدوائر عينها عند عودة التشدد الى خطابات رموز من “المستقبل” وبينها وزير طرابلسي عاد إلى الخطاب الذي عرف عنه قبيل دخوله الحكومة الحالية من دون أن يكون لذلك أي مبرر سوى كسب رضى الشارع الغاضب، والمنتشي على السواء.