كارثة طائرة الخطوط الماليزية فوق اوكرانيا والاحتمال الكبير انها اسقطت من صاروخ ارض جو من الانفصاليين المؤيدين لروسيا في اوكرانيا ينبغي ان تكون درساً لكل شركات الطائرات التي تستمر في الطيران فوق مناطق تشهد حروباً دامية مثل سورية والعراق. ان معظم شركات الطيران العربية حولت رحلات طيرانها الى اماكن آمنة. ولم تعد تمر فوق الأجواء السورية ما يطيل وقت الرحلات ويجعل تكاليف الشركات اكبر. ولكن على الاقل يجنبها خطر احتمال اي حادث من النوع الذي تسبب في اسقاط الطائرة الماليزية.
ان شركة «طيران الشرق الاوسط» الوطنية اللبنانية العريقة والتي تتميز بنوعية جيدة بطائرتها وطاقم طياريها البارعين والمعروفين عالمياً بجودة قدراتهم وخبراتهم لم تحوّل طائراتها من الطيران فوق الأجواء السورية. وسمعنا طيارين في الشركة يقولون ان لا حاجة لتحويل الطيران فوق الاجواء السورية لأن الطائرات هي على علو لا يمكن اصابتها لا سمح الله. ولكن ما حدث مع الطائرة الماليزية ينبغي ان يكون ناقوس خطر لمثل هذا التفكير. فالصواريخ الروسية بحوزة النظام السوري الذي لا يتردد امام اعمال اجرامية. فمنذ ان بدأت الحرب في سورية من اجل بقاء النظام السوري سقط اكثر من ١٨٠ الف قتيل. والانفصاليون الروس في اوكرانيا لديهم وفق كل الاستخبارات الغربية الصواريخ التي زودهم اياها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يغتنم فرصة ضعف وتخاذل الولايات المتحدة والغرب معه ويستمر في تزويد حلفائه في اوكرانيا وفي سورية ليهيمن من دون ان يبالي بحياة الأبرياء.
ومنذ الكارثة الثانية للخطوط الماليزية في غضون اربعة اشهر قرر عدد من الشركات تحويل طائراته الى اجواء تتجنب الدول القريبة من الحدود الروسية التي تشهد صراعاً مسلحاً بين الانفصاليين المؤيدين للروس والقوات الأوكرانية الوطنية. وموقع حركة الطيران العالمية flightradar24 اشار الى ان طائرة من الخطوط الماليزية مرت فوق الأجواء السورية يوم الأحد الماضي التي توقف عدد من الخطوط الجوية عن المرور فوقها. وأعلنت الشركة الماليزية في بيان لها ان الأجواء السورية ليست محظورة امام الطيران المدني من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني. فغريب ان هذه المنظمة لم تحظر المرور في اجواء دولة تشهد حرباً اهلية بين نظام وثوار وايضاً جهاديين متطرفين يحصلون على سلاح متقدم من نظام يغض النظر عن حصولهم على هذا السلاح الذي يتلقاه من روسيا وايران والذي لا يمكن للثوار المعتدلين الحصول عليه. فعلى اي اساس تعتبر منظمة الطيران الدولي العالمية أن الاجواء السورية آمنة؟ والسؤال يطرح نفسه على «طيران الشرق الاوسط». فلا شك في ان عدم تحويل رحلات «الميدل ايست» فوق اجواء سورية مهما قال الطيارون والمسؤولون في الشركة يشكل خطراً وينبغي تفاديه ولو ان المعنيين عن حماية حياة الركاب هم الطيارون اللبنانيون في هذه الشركة. وقد تحدثوا اكثر من مرة عن غياب خطر الطيران فوق الاجواء السورية. ولكن مثل الخطوط الماليزية فوق اوكرانيا لا يمكن الا ان يذكر اي مراقب لبناني بالتخوف من وقوع اي حادث من هذا النوع فوق اجواء خطرة.
ان سلامة المدنيين لا بد ان تكون الاولوية في خطوط الطيران العالمية. فالخطر اصبح عالمياً والحذر والحيطة يواكبان هذا الخطر في الإجراءات الأمنية الصارمة والتي ينبغي ان تزداد وتتشدد باستمرار في سبيل سلامة المسافرين الأبرياء.