IMLebanon

كتائب جبيل تهدّد بالقمصان الزيتية: قدّاس العلم ممنوع

فصول الخلاف بين السوريين القوميين الاجتماعيين والكتائب لا تنتهي. سببه أخيرا سعي الكتائبيين إلى منع إقامة قداس في جبيل، عن راحة نفس نبيل العلم، مخطط عملية اغتيال الرئيس الأسبق بشير الجميل. المواجهة يوم الأحد ستكون أمام دير مار يوحنا ــ الانطش

نبيل العلم المتهم بالتخطيط لاغتيال الرئيس الأسبق بشير الجميل، توفي منذ قرابة الاربعين يوما في «منفاه» البرازيلي. كان قائداً عسكريا وأمنياً بارزاً في الحزب السوري القومي الاجتماعي. عام 1982، وضع العلم خطة اغتيال الجميل، فنفذها القومي حبيب الشرتوني، من خلال تفجير مركز حزب الكتائب في الأشرفية، حيث كان الجميل موجودا.

أصبح حبيب بطلا عندما قبل تنفيد المهمة، وذلك من أجل «ضرب رأس العمالة في ذاك الوقت، وضرب مشروع تهويد المنطقة الساعي إلى إقامة إسرائيل الكُبرى ودويلات تيوقراطية سابحة في فلكها»، كما قال في مقابلة مع «الأخبار» (21 تموز 2012). منذ ذلك الزمن، والعلم يعيش في منفى. حتى في ذاكرة الأفراد، أصبح لكل «خائن حبيب»، من دون أن يذكر «نبيل» إلا لماماً. قيادة الحزب التزمت الصمت يوم وفاته. فالعلم ينتمي إلى تيار في الحزب خاصَم ـــ خلال الحرب الأهلية ــ القيادة الحالية في الروشة، وسالت بينهما الدماء. لكن هذا الصمت لا يعني تبرّؤ الحزب، بقيادته الحالية، من العلم. فهي سترسل وفداً للمشاركة في القداس الذي ستقيمه عائلة العلم يوم الأحد المقبل. طلبت العائلة حجز كنيسة دير مار يوحنا (الأنطش) في جبيل، من أجل اقامة مراسم مرور أربعين يوما على وفاة ابنها، الاحد المقبل.

وما كاد كتائبيو القضاء يعلمون بالقداس، حتى استنفروا صفوفهم من أجل محاولة منع إقامته. هو صراع وجودي ـــ ايديولوجي يحكم العلاقة بين السوريين القوميين الاجتماعيين، والكتائب اللبنانية.

حمية: العلم بنظر رفقائه والكثير من اللبنانيين والعرب يعدّ بطلاً ومناضلاً

يُخبر أحد الكتائبيين الغاضبين أن شقيقَي العلم طلبا حجز الكنيسة يوم الأحد، « ووُجهت دعوات الى معظم الاحزاب السياسية والفعاليات الجبيلية». أحد المدعوين اتصل باقليم جبيل الكتائبي، واضعا المسؤولين في الصورة، «ما دفع المسؤول روكز زغيب الى عقد اجتماع طارئ والاتصال بمسؤول الدير جان بول الحاج، الذي أكد الموضوع، نافيا علمه بهوية العلم». يجزم الكتائبي بأنهم لن يسمحوا بإتمام القداس، «لكونه يتحول الى تكريم لقاتل بشير الجميل، وهذا ما لن نقبله». تزعجهم فكرة اختيار جبيل لإحياء الذكرى، «خليه يروح يقدس بالعقيبة (مسقط رأسه)»، علما أن العلم كان يملك مكتبا للمحاماة في بيبلوس، ولا شيء في القانون الكنسي يمنع أيا كان من الصلاة في المنطقة التي يريد. تواصل الاقليم مع قيادة بكفيا، وتحديدا النائب سامي الجميل، «الذي أكد لنا أن القرار بيدنا وموقفنا هو كرامتنا ومبدأنا. الخلاف ليس في القداس، بل في أن يكون مفتاح شر ويتحول إلى احتفال». تواصلت الكتائب مع الكنيسة، «وطلبنا منها تحمل مسؤولياتها، وخصوصا اذا سقط دم أمام الانطش». الاتصالات حصلت أيضا مع الفعاليات في المدينة «التي وقفت الى جانبنا. مع التيار الوطني الحر لم نتواصل بعد، والقوات كان تجاوبها خجولا».

مسؤول الاقليم روكز زغيب يتمنى «أن تُحل الامور بفضل جهود المعنيين». العلم متهم بقتل بشير الجميل. «احتراما لكرامة الناس الذين يؤمنون به، واحتراما لدمه، لا يقام قداس احتفالي». يعطي الحق «لكل مسيحي في أن يصلي على راحة أنفس موتاه. لماذا لا يصلون في ضيعتهم؟». يخرج زغيب الموضوع من «إطاره الحزبي»، «فكل شخص يؤمن ببشير يقف الى جانبنا».

من جهته، يرفض الأب جان بول الحاج الغوص في التفاصيل: «نسعى إلى عمل الخير وإلى اجراء مشاورات من أجل أن يكون الجميع راضين». حتى الساعة، «كل شيء يسير في اطاره الطبيعي، والقداس لم يلغَ، لكن القرار النهائي يتخذه المطران». ينفي الحاج حديث الكتائبيين عن أن المناسبة ستتحول الى احتفال سياسي: «هناك قرار سابق وواضح بأن المظاهر السياسية ممنوعة داخل الأنطش وخارجه. كما أن أحدا ليس مخولا القاء كلمات داخل الكنيسة أو تكريم أحد».

إميل العلم، شقيق نبيل، يستغرب في حديث مع «الأخبار» هذه البلبلة «حول جناز محض عائلي». لم تكن كنيسة جبيل أول خيار أمام العائلة، «في العقيبة كنيسة رعيتنا كانت محجوزة. نصحنا الابونا بأن ننتقل الى جبيل». وبعد اعتذار المطرانين نبيل العنداري (جونية)، وميشال عون (جبيل) عن ترؤس الذبيحة، كلفت بكركي المطران جوزف حبيقة المهمة. طبعت العائلة 15 دعوة وجهت الى الوزير السابق مروان شربل والنواب سيمون أبي رميا، عباس الهاشم ووليد الخوري، اضافة الى الكهنة الذين سيشاركون في القداس: «المرحوم توفي في المنفى، جثمانه لم يدفن في منطقته، أبسط الأمور أن نقدّس له»، لكنّ ذلك لا يعني «وجود أي تحدّ. العائلة لن تلقي كلمة، كما أن الشعارات الحزبية ستغيب عن اللقاء الديني». يرفض اميل أن يحكم «على نيات الكتائبيين في اثارة الموضوع. نحن لا نريد استفزاز أحد». حتى إن العائلة أبلغت القوى الامنية أنها «اذا كانت عاجزة عن تأمين الحماية، فسنلغي القداس. نحن لا نتحمل ضربة كف».

بالقمصان الزيتية سينتشر الكتائبيون ظهر الأحد أمام الكنيسة التاريخية: «السقف حتى الساعة منع القداس والاحتفال»، يقول احدهم، لافتاً إلى «أننا لن نكون مسلحين. نطلب من الأجهزة الأمنية حمايتنا، والمفروض أنها تعلم امكان وجود طابور خامس، لذا عليها أن تأخذ احتياطاتها».

في المقابل، أكد مدير الدائرة الإعلامية في الحزب القومي معن حمية، في اتصال مع «الأخبار»، أن «العائلة هي صاحبة الدعوة إلى جناز عن راحة نفس العلم وليس إلى مهرجان حزبي». واستغرب حمية «اعتراض حزب الكتائب على الجنّاز والطقوس الكنسية، ومناكفة العلم بعد موته»، مشيراً إلى أن «العلم بنظر رفقائه والكثير من اللبنانيين والوطنيين في العالم العربي يعدّ بطلاً ومناضلاً». وختم حميّة مؤكّداً أن «وفداً كبيراً من قيادة الحزب سيشارك في الجنّاز».