ماذا تراها ستفيد منه القوى المسيحية وعلى رأسها بكركي إن حولت الفشل المحقق بأوخم عواقبه في انتخاب رئيس جديد للجمهورية الى حرب الغاء سياسية جديدة بين الجماعات المسيحية؟
نقولها بكل الخشية من ملامح زاحفة عشية الفراغ الرئاسي تنذر باستعادة مشؤومة لمناخ ارتداد الادارة السيئة للاستحقاق على المسيحيين في ما يتحملون ولا يتحملون وزره. منذ ما قبل انطلاق المهلة الدستورية وحتى مشارف نهايتها اثيرت مخاوف موضوعية ومبررة من اتجاهات الى تغيير طبيعة النظام الدستوري عبر ما سمي مؤتمرا تأسيسيا. كانت هذه المخاوف في صلب الجلسة الاخيرة للحوار في قصر بعبدا والتي انتهت الى بيان يثبت التمسك باستكمال تنفيذ اتفاق الطائف والتشبث بالمناصفة.
ولكن الجولة الاولى من الاستحقاق الرئاسي افضت في المقابل الى امر واقع ينذر واقعيا باشعال الهواجس من تغيير بنيوي متسلل الى النظام سواء بالفراغ او باعراف وممارسات قسرية تحاصر هذا النظام وتهدد بتجويفه.
ما يستدعي التوقف عنده عشية الفراغ هو ان الرئيس ميشال سليمان لا يخفي توجسا من شيء ما مماثل لـ٧ ايار المسلح الذي انتخب عقبه حتى ولو كانت المؤشرات الامنية سليمة. وما يستدعي الخشية اكثر هو ان شهرين من عمر المهلة الدستورية افضيا الى فرض معادلة تعطيل النصاب ومنع السباق الانتخابي وفق اصوله الديموقراطية وتاليا تعطيل حقوق المستحقين في الترشح وعلى رأسهم من يحظى بالموقع التمثيلي للوصول الى الرئاسة. وما يستدعي اكثر من الخشية على الطائف هو الاستعاضة عن علل في النظام بالجنوح نحو معادلة طارئة طالعة عند فجر الفراغ الرئاسي تستعيد اسوأ ما سبق نهاية الحرب من خلال ما سمي آنذاك الاتفاق الثلاثي وما ادراك ما كانت كلفة اجهاضه؟
لن يعود الكلام على تجويف النظام مجرد شبهة بعد الآن ومع انفتاح لبنان على حقبة الفراغ خصوصا ان ايا من الافرقاء غير المسيحيين لن يكون في موقع الاتهام المباشر بالسعي الى الانقلاب على الطائف ما دامت معايير الانتخابات صارت في مكان شبه انقلابي على ايدي مسيحية وازنة. نقول بصراحة ان مناحة مسيحية على الرئاسة لن تشفع لا ببكركي ولا بكل الافرقاء المسيحيين ان تمادت حالة انكار الاخفاق الهائل في ادارة التباينات المسيحية باقصى سرعة. انها حالة مرشحة لتعميق الخسائر المسيحية ولا سيما ان ثمة من يستهين بتطوعه لتجويف النظام فيما سائر الآخرين يتعاملون مع الفراغ الوافد ببرودة مذهلة. لن ينتحر الآخرون ولن يصيب الأرق السفراء ولن تتوقف دورة الحياة في انتظار التسويات او الصدامات الاقليمية وسط الفراغ الرئاسي لمجرد انه افرغ المنصب الماروني الاول في لبنان والمنصب المسيحي الوحيد في العالم العربي والاسلامي. كفاكم عمى وغرورا وقبلية فاقت كل الاساطير.