IMLebanon

كلام نصر الله يؤكِّد مقولة أن الفراغ سيطول أكثر مما هو متوقّع!؟

نصر الله يُصادر الإستحقاق الرئاسي ويُبشِّر اللبنانيين بفراغ طويل المدى:

نتعاطى مع الإنتخابات الرئاسية إنطلاقاً من «إنتصارات» حلفائنا بالعراق وسوريا

كلام نصر الله يؤكِّد مقولة أن الفراغ سيطول أكثر مما هو متوقّع!؟

يرى سياسي بارز أن ما قاله الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مؤخراً بخصوص الإستحقاق الرئاسي، يؤشّر بوضوح يقارب التأكيد بأن هذه المسألة المهمّة والأساسية في مسار الحياة السياسية والديمقراطية ووحدة  الدولة ككل وانتظام عمل المؤسسات على اختلافها، ليست منفصلة عن واقع الصراع السياسي والعسكري الدائر في المنطقة العربية بين المحور السوري – الإيراني وتكتل الدول الخليجية والعربية بزعامة المملكة العربية السعودية، إنما على عكس ذلك تماماً لأنها من ضمن هذا الصراع ويجري التعاطي معها من قبل الحزب وما يمثله إنطلاقاً من تبدّل موازين القوى السياسية والعسكرية في المناطق التي تشهد ذروة هذا الصراع لا سيما في العراق وسوريا وبالتالي لا يمكن فصلها عن المسار العام للأحداث بالرغم من محاولات بعض القوى السياسية الأساسية بالداخل لتحييدها عنها والتعاطي معها على أساس التوازنات السياسية الداخلية فقط وفي إطار التنافس الديمقراطي العادي بين مختلف القوى المحلية.

ومن وجهة نظر السياسي المذكور فإن هذا الموقف يعبِّر بوضوح لا لبس فيه بأن الحزب هو وراء تعطيل جلسات إنتخاب الرئيس التي حدّدت خلال المهلة الدستورية المنقضية يوم الأحد الماضي وأنه يتعاطى مع مسألة الإنتخابات الرئاسية بلبنان إنطلاقاً من وقائع الاحداث الميدانية في العراق وسوريا والتي يعتبر انه حقق فيها والمحور الذي ينتمي اليه «انتصارات» جوهرية إن كان بنتائج الانتخابات النيابية التي ادت الى فوز نوري المالكي حليف طهران والنظام الاسد بها او بما حققته قوات الاسد مدعومة بوحدات من «حزب الله» من «انتصارات» او إعادة «استرجاع» منطقة هنا او هناك كانت تحت سيطرة قوات المعارضة السورية المسلحة.

ولذلك، وانطلاقاً من هذه الوقائع يمكن مقاربة مسألة الانتخابات الرئاسية اللبنانية على اساس ان الحزب هو من يقرر متى يفرج عن هذه الانتخابات لأن بيده مفتاح اجرائها وليس اي طرف آخر، وكل ما يقال او يطرح خلاف ذلك لن يكتب له النجاح مهما تبجح البعض بذلك او حاول اعتبارها مسألة يمكن التعاطي معها على اساس محلي صرف واستناداً الى اللعبة السياسية الديمقراطية او توزيع النواب ضمن هذا الفريق او ذاك.

وفي اعتقاد السياسي البارز فإن ما قاله نصر الله يدل دلالة واضحة على أن مسألة اجراء الانتخابات الرئاسية مؤجلة الى اجلٍ غير مسمى وقد تطول اكثر مما هو متوقع، وبالطبع سينتج عن هذا الواقع اطالة امد الفراغ في الرئاسة الاولى، الامر الذي قد ينعكس سلباً على انتظام عمل باقي المؤسسات الدستورية ويؤدي الى شللها جزئياً او كلياً كما ظهر ذلك بوضوح فور انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان مباشرة مع اعلان اكثر من فريق سياسي عزمه على مقاطعة جلسات مجلس النواب التشريعية في ظل شغور منصب الرئاسة الاولى وعدم القدرة على اجراء الانتخابات الرئاسية، في حين لم يتردد البعض الآخر بالتلويح عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء مستقبلاً في ظل هذا الواقع السياسي المتأزم.

ويخشى السياسي المذكور ان يؤدي تآكل الوضع السياسي جراء شغور منصب الرئاسة الاولى الى اهتزاز الوضع الامني الهش في اكثر من منطقة حساسة استناداً الى واقعتين عاشهما اللبنانيون سابقاً إبان شغور منصب الرئاسة الأولى نهاية ثمانينيات القرن الماضي وبنهاية ولاية الرئيس السابق اميل لحود الممددة عام 2007 وما حصل خلالهما من حروب عبثية واعتداءات بسلاح «المقاومة» في السابع من أيّار المشؤوم ضد العاصمة بيروت واحتمالات ان ينعكس حصول مثل هذه الاهتزازات المحتملة ضرراً على الواقع الاقتصادي المتعب جرّاء ممارسات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العقيمة والفاشلة ووجود مئات الآلاف من النازحين السوريين الذين يضغطون بقوة على الواقع الاقتصادي من كل جوانبه مع استمرار الحرب الدائرة في سوريا منذ اكثر من ثلاث سنوات.

ويعتبر السياسي البارز أن نصر الله أراد من مواقفه المعلنة والمبطنة على حدّ سواء إبلاغ خصومه السياسيين بالداخل أن الإفراج عن مسألة الانتخابات الرئاسية وتسهيل عملية إجرائها، رهن بتأمين مصالح الحزب المحلية والإقليمية على حدّ سواء وأي تجاهل لهذه المصالح من أي طرف كان سيزيد من التعقيدات المحيطة بها ويؤثر على المساعي المبذولة لإجرائها، في حين أن التعاطي مع هذا الاستحقاق، انطلاقاً من «المتغيرات» يُساعد كثيراً على تقليص مُـدّة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وبالطبع من لائحة الأسماء التي يحتفظ بها الحزب للخطة الأخيرة كي يتم انتقاء احداها والسير به حتى النهاية من قبل الخصوم قبل الحلفاء.

ويختم السياسي البارز بالقول أن كلام نصرالله يُؤكّد مقولة أن الفراغ سيطول أكثر مما هو متوقع، وهو ما كان يروّج له من قبل وقد أصبح الآن واقعاً قائماً، بينما يبقى الأهم اسم الشخصية السياسية التي سيرشحها لهذا المنصب ويفرضها على خصومه بالنهاية، ولكن لا يمكن لأحد التكهن بما سيحدث في ضوء ذلك.