«إلّا إذا». على هاتين الكلمتين يتأرجح مستقبل نحو مئة ألف طالب لبناني يشكون حال الفوضى والارتباك تزامُناً مع استمرار مقاطعة التصحيح. حتى إنّ السيناريوهات التي تتداولها الجامعات الخاصة في ما بينها محكومة بـ»إلّا إذا»، نظراً إلى دقّة المرحلة واشتداد الكباش، لذا تجِد نفسَها عاجزة لوجستياً عن انتهاج أيّ خطّة فعلية.
همٌّ جديد يُضاف إلى هموم طلّاب لبنان، أبعَد من هاجس ما مصير التصحيح؟ الخوف من أن تعمَد الجامعات الخاصة إلى «تصعيب» امتحانات الدخول لغَربلةِ المرشّحين، ريثما يصدر قرار تربويّ رسمي يوضِح معالم المرحلة المقبلة.
وأكبر من هذا الخوف، سؤال واحد يتردَّد على ألسنة الطلّاب، خصوصاً الذين هم في المرحلة الثانوية: «كيف ستتعاطى الجامعات الخاصّة معنا؟».
في جولة على عيّنة من تلك الجامعات، جاء الجواب مقتضَباً، لا يخلو من النبرة الحاسمة والحازمة: «نقوم بأعمالنا الروتينية على أمل أن يقوم المعنيّون بواجباتهم»، «مبَلا نستقبل الطلبات عادي».
أمّا المكاتب الإعلامية التي حاولت توضيح الصورة أكثر، فرفضت «أن يضعها أحدٌ أمام الأمر الواقع في الدقيقة الأخيرة»، هامسةً: «بلكي صحّحوا بليلة ما فيا ضَوّ قمر، لازم نشتغل عادي». فيما أكّدت إدارات أخرى أنّها تتريَّث في انتظار صدور قرار موحَّد عن رابطة الجامعات. أمّا مَن سبق وأنهى امتحانات الدخول، فأكّد أنّ طلبات القبول تبقى معلّقة وغير منفّذة إلّا إذا حدَّد وزير التربية الياس بو صعب ما إذا سيتمّ اعتماد إفادات.
هل نقبل الطلّاب أم لا؟
من جهته، يؤكّد سهيل مطر نائب رئيس جامعة سيّدة اللويزة التي تترأّس رابطة جامعات لبنان، «أنّ ما نشهده في المرحلة الأخيرة أصعبُ من أيّ مرحلة اختبرَها التعليم العالي في أحلك الظروف». ويُحذّر في حديث لـ«الجمهورية»: «إذا انتهى شهر تموز من دون أيّ بادرة حلّ وانفراج على مستوى العودة عن مقاطعة التصحيح، ستكون الجامعات الخاصة على موعد مع رزمةٍ من الإشكالات».
لا يُخفي مطر الارتباك الذي تختبره معظم الجامعات الخاصة، نظراً لضبابية المشهد التربوي، فيقول: «هل نقبل الطلّاب أو لا؟ إذا قبلناهم، وعادوا عن مقاطعة التصحيح، ورسَب عددٌ منهم، ما هو الحل؟». ويضيف: «مِن هنا ننادي المعنيّين والمسؤولين إنهاءَ المسرحيّة هذه. لقد أكّدنا منذ أكثر من شهر أنّ الضحايا هم الطلّاب أوّلاً وأخيراً».
أبعد من التصحيح، يتخوّف مطر من أن يكون المقصد تهجير الطلّاب من وطنهم، فيقول: «المضيّ في هذا النهج يعني تفريغ لبنان من طلّابه. ما يَحدث مُعيب وجريمة، ولا يتجاوز توزيع أدوار وتبادل اتّهامات». في هذا السياق، يؤكّد مطر «أنّنا مستعدّون للتعاون إلى أقصى درجات في سبيل الوصول إلى حلٍّ في غضون أيام».
لكن كيف ستتعامل الجامعات مع الطلّاب؟ يجيب مطر: «الرابطة برئاسة الأب وليد موسى تُعدّ لاجتماع يصدر عنه قرار موحَّد، ولكنّ بعض الجامعات سبقَ أن أجرَت امتحاناتها وتنتظر استيضاح الرؤية رسمياً». ويضيف: «في حال رسوب الطالب، مِن المعيب ألّا نعيدَ له ما دفَعه من قسط ورسوم. لكن في الوقت عينه، هناك أساتذة ورواتب وكِلفة مراقبة وقضايا لوجستية، ما يؤكَّد أنّنا نتخبَّط في مشكلة فعلية».
ويتابع متأسّفاً: «الطلّاب ليسوا فقط الضحية، إنّما الجامعات الخاصة وأساتذتها وعائلاتهم أيضاً، لأنّ تدَنّي عدد الطلّاب يفرض تقليص عدد الأساتذة، وقد تُجبَر الإدارات على تقليص الكادر البشري فيها، ما يفرض وضعاً إنسانياً اجتماعياً لا نُحسَد عليه… لذا، نحن ندرس الحلّ المناسب، وقد تعقد الرابطة اجتماعاً الأسبوع المقبل لوضع النقاط على الحروف».
في موازاة ارتباك العدد الأكبر من الإدارات في تحديد سُبل تعاملها مع العام الجامعي، يَقرع مطر ناقوس الخطر، محذّراً الطلّاب من الوقوع في أفخاخ «المؤسّسات التي تدَّعي أنّها تربوية، إنّما ذات طابع تجاري، تحاول استغلالَ الوضع القائم لزيادة زبائنها على حساب المستوى التعليمي».
ختاماً، يبقى الطلّاب رهينة «المسرحية» التي يُمعن «أبطالها» في إطالة فصولها… خوفاً من أن تهجرَهم الأضواء. فمتى تُسدَل الستارة ويوضَع حدٌّ لهذه «التراجيديا»؟