ولكي لا نمر حول حساسية موضوع انتخاب الرئيس الجديد للهيئات الدينية الشرعية ممثلة بمنصب مفتي الجمهورية الى جانب المجلس الشرعي، فقد رأينا ان انتخاب القاضي دريان مفتيا للجمهورية، وكأنه تقديم لجائزة ترضية لهذه الجمهورية ومواطنيها الذين ابحروا في «تسونامي عاصف» للوصول الى شاطئ السلامة، فالقى البطريرك «مراسيه» بعد خوضه عباب اليم الفلسطيني ومواجهته اهوال ما احاط برحلته الى الارض المحتلة من فلسطين وتوقفها عند اهوال موج كالجبال يضم في احشائه اشد المشاهد هولا وعصفا بالضمير اللبناني والعربي والانساني فيما جرى في غزة هاشم وما ارتكبه اعداء الله والانسان ضد اطفالها ونسائها وشيوخها وكامل وجود شعبها وما احاط بديموغرافية وجودها من اخطار الابادة ومحاولة الاستئصال المتعمدة من الوجود، في جعل «السعد» القادم المتغيب جسديا عن وطنه والحاضر «تويترياً» وكأن الذي وصف بالغائب كان الحاضر الوحيد في حزبه، رغم محاولة ملء فراغه خلال الغياب بتصريحات «سنيورية» «تزيد الطين بلة»، واذا كان رئيس الحكومة الاسبق المتربص (فؤاد المستقبل) بكل من يومىء الى رئاسة الحكومة غيره في غياب «الاصل» وبقاء «الظل»، كان ولا يزال يشكل «عقدة» للمتضررين من ادائه الذي يبدو احيانا انه غير مرحب به من عموم الناس وكأنه هو صانع السلبيات في الماضي غير البعيد والحاضر المستقبلي وقد يكون في هذا «الحكم المطلق عليه» ظلم كبير، ولكن المشكلة في عدم امكانية انقاذه من هذا الظلم، ان «جسمه لبيس» فهو لا يترك فرصة في ادائه العام للمواطن ان يحسن ظنه به بل يزيده بما يعزز رصيد سوء ظنه عنده، في حين كان يستطيع ارضاء الجهات المؤثرة في الوضع الداخلي سواء كانت محلية او اقليمية او دولية، باقل مما يعطيها، ولكنه بشريا لا يستطيع ان يمحو من ذاكرته في «عصر الترؤس الذهبي الصاخب» للحكومة، ان رئيس الولايات المتحدة السابق «رائد البلاوي» للشرق الاوسط جورج بوش الابن «يمجده» بما لم يمجده احداً من قادة العالم رغم انه رئيس حكومة بلد صغير كونه قد وجد في مجلس حكام وحكماء العالم وفي لعبة الامم المسكونة صهيونياً، بانه هو الاكثر ثباتا في موقفه من سياسة الكيان الصهيوني اكثر من اي محترف سياسي في لبنان والمنطقة اكثر تفهما لأماني اسرائيل التي تسعى لعبة الامم الى تحقيقها، ولدرجة انه لا يوجد ولاء من هو اشد اضرارا في تقييمه لمقاومة لبنان المجيدة للاحتلال الصهيوني اكثر، من لجنة التحقيق الاسرائيلية برئاسة القاضي فينوغراد الذي تحدث عن اخفاقات جيش الدفاع الاسرائيلي في عدوانه على لبنان، اكثر من غلاة المتعصبين المستوطنين الاسرائيليين وهي صورة من الصعب محوها من الذاكرة، حتى لو اصدر – برغبة من الشيخ سعد خلال محرقة غزة الحالية – بيانا بالفصحى وبلغة بليغة اشادة بالمقاومة في غزة وخاصة على ضوء البيان الصادر باسم الديوان الملكي السعودي في شجب الجرائم المرتكبة بحق مواطنين لم يترك وجه الدولة السعودية الذي يمثله «شيخ العرب والمسلمين»، (وهو اول لقب يمنحه مناضل الى ملك من وزن وثقل الملك عبدالله ابن عبد العزيز)، اضافة للقبه كخادم الحرمين الشريفين. والمشكلة في هذا اللقب الذي فاضت به قريحة مشعل ولا يستطيع خادم الحرمين ان يرفضها، علما ان لقب «شيخ العرب والمسلمين» سبق ان منحه الشيخ القرضاوي لنفسه. وقد سحب الرأي العام حتى في قطر والرأي العام العربي هذا اللقب «شيخ العرب والمسلمين» من القرضاوي، وان كان بعض الخبثاء يرى بان لقب القرضاوي منح له من جهة دعوات سنوية جللا في العمر فقط، دون ان يشمل اللقب السابق الممنوح للقرضاوي ان يكون له اسهام في الكعبة وموطن النبي الاعظم عند المسلمين محمد بن عبدالله (ص). وفي رأينا انه اذا كان من الافضل ان يعرف السيد خالد مشعل المناضل الفلسطيني صدى هذا اللقب عند الاسرة السعودية وعند محيطه القريب من تقاليد المملكة او على الاقل ان يمتحن صدى اللقب عند مضيفه الامير صباح السالم ويأخذ بنصيحته، الا اذا كان هنالك اتفاق ضمني بين الدوحة والرياض على سحب لقب شيخ العرب والمسلمين من القرضاوي واحالة فتواه حول «جهاد المضاجعة» القتالي الذي ابتدعته قريحة القرضاوي الحربية واللفظية للغة العربية المستنبطة من حيوية «العقل المبدع» لمصنعيه القطريين.
ولقد كان الشيخ سعد من الزوار الجريئين في كسر الجمود السابق في العلاقات السعودية – القطرية، وقد يصبح لديه الوقت لايجاد مخرج مشرف لهذا اللقب، مع الاحتفاظ به والتراجع عن التحفظات الواردة حوله، اذا كان «مشعل حماس» يستطيع ان يوضح بشكل لا يقبل اللبس انه يعتبر حامي الحرمين وخادمه، شيخ العرب والمسلمين في الجهاد من اجل استرداد الحق السليب في فلسطين، وليس في ذلك دعوة لان يخوض خادم الحرمين حربا فورية ضد اداء اسرائيل في غزة. فيكفي ان تكون باكورة جهاده العتيد بدءا من اجل فلسطين «بجهاد البناء» بحيث يخصص من الميزانية الخاصة للمملكة ما لا يزيد عن نصف واحد بالمئة لاعادة بناء ما دمرته الهمجية الصهيونية في غزة، والتي لا يمكن ان يرضي بها الله او عبد الله!
وخاصة ان مصاريف ابادة اسرائيل لقسم لا يستهان به من اطفال غزة ونسائها وشيوخها وسائر مدنييها من الميزانية الاتحادية التي يخصصها الكونغرس لنفقات «الحرب الاسرائيلية المقدسة» ضد اعدائها اطفال غزة بانتظار ما تجود به «عبقرية الشر» المدمرة للكائنات العربية الفلسطينية التي لا تزال على قيد الحياة ومن الذين يتعرضون للقصف من طائرات الفانتوم والقنابل الذكية ضد بني قومهم العرب، اذ انهم يحرصون على رؤية مذابح الاطفال وتستمد بنانها من خزينة «العام سام»، التي توشك على الخواء فداء اطفال اسرائيل ولو بجوع وتقشف دافع الضرائب الاميركي، او احالة النفقات لصندوق النفقات العربي شريطة ان يكون معها!