لائحة «البيك» مُباركة من «الأستاذ»
والحريري يُصرّ على مُوافقة البطريرك
«الوطني الحرّ»: تطورات المنطقة لمصلحة الأرثوذكسي و14 آذار ترفض
لا انتخاب رئيس للجمهورية امس ولا إقرار لسلسلة رتب ورواتب الموظفين اليوم ، فالاتصالات السياسية تدور في حلقة مفرغة، و«الفيتوات» النيابية تتبعها، وقد جاءت المخاطر الأمنية المترتبة على أحداث العراق لتزيد طيف الفراغ السياسي في لبنان بلة. وحدها مواقف نواب المستقبل قبيل الجلسة السابعة خرجت عن روتينيتها، مؤشرة الى منحى الاتصالات الجارية بين «الجنرال» و«الشيخ»، في ما يبدو انها النتائج الاولى لزيارة «البيك» الى باريس وكلام «العماد» الذي «فخت دف الاحباء»،في ظل القلق على الامن العسكري تعززه التقارير عن عودة الاستهداف للمناطق الشيعية،والامن السياسي تعصف به التهديدات المتزايدة عن نوايا في تعطيل باقي المؤسسات الدستورية ،اما الامن الاجتماعي فغارق في متاهة الموازنة بين ارقام الواردات الوهمية والنفقات الحقيقية. أما الترابط بين المحاور الثلاثة، الأمنية والسياسية والاجتماعية ،لا يفككه سوى انتخاب رئيس جديد.
ومع ارجاء جلسة الانتخابات الرئاسية الى 2 تموز، وهي المدة الاطول بين مواعيد الجلسات حتى الساعة، عكس انخفاض الحضور النيابي الى 62 نائبا بتغيب نواب من فريق 14 اذار نفسه، اضافة الى كتلة «الوفاء للمقاومة» وتكتل «التغيير والاصلاح» مدى تراجع الاستحقاق في مراتب الاهتمامات اللبنانية على حدّ قول مصادر مسيحية، ما انعكس على اجواء اللقاء الذي جمع في بكركي العماد عون الى مائدة البطريرك والمطارنة الموارنة ، حيث سمى الراعي الاشياء باسمائها وحمل كل جهة مسؤوليتها لجهة التعطيل، مبديا رفضا مطلقا لاجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، مؤكدا ان صبره لن يطول كثيرا في ضوء الدعوات المتكررة من الفاتيكان لعدم تفويت الفرصة على المسيحيين لانتخاب رئيس للبلاد وادخال الاستحقاق في مدار التدويل الذي سيفرض عليهم رئيسهم، وهو ما قد يحمله على اتخاذ خطوات تعبر عن اعتراضه على الواقع وامتعاضه مما يجري على المستوى المسيحي تحديدا، قد تكون بوادرها في ما سرب عن توجه لدى بكركي لاجراء استطلاع رأي لمعرفة أسماء المرشحين الأكثر قبولاً في الوسط المسيحي والوطني ،على ما سبق ووعد به البطريرك سابقا،بهدف معرفة الشخصيات التي تحوز على نسبٍ مقبولة من الشارع والرأي العام المسيحي، وإلى تحديد توجهات المزاج الشعبي تجاه المرشحين الذين يرغب بوصول أحدهم إلى قصر بعبدا، علما ان اوساطا دبلوماسية غربية نقلت الى الصرح رسالة مفادها ان القوى السياسية اللبنانية بما فيها التيار الوطني الحر تبلغت بوضوح ان لا امكانية لانتخاب الدكتور جعجع ولا العماد عون لرئاسة الجمهورية وبات لزاما عليها البحث عن الاسم البديل المفترض انتخابه رئيسا للبلاد في مرحلة غير بعيدة.
وللغاية، اشارت الاوساط الى ان الانظار ستتجه مجددا نحو الصرح البطريركي في بكركي من اجل استئناف حركة الضغط على القادة الموارنة لتسهيل المسار الرئاسي، متوقعة بروز معطيات جديدة اعتبارا من الخميس المقبل موعد انتهاء الخلوة السنوية لسينودس الاساقفة الموارنة،الذي ينتظر ان يتضمن بيانه الختامي مواقف عالية السقف تحض على ملء الشغور الرئاسي.
في السياق، اوضحت مصادر مواكبة لحراك جنبلاط ان زيارته الى فرنسا، تأتي في اطار ترتيب العلاقات الثنائية بين الزعيمين واعادة التقارب بين الزعيمين، وتتركز على عنوانين اساسيين الاستحقاق الرئاسي وتلمس طبيعة الانفتاح المستقبلي – العوني وابعاده وامكان تأثيره على ستاتيكو التحالفات المتحكم بالساحة السياسية الداخلية راهنا، حيث سيشهد اللقاء تداولاً عميقاً في مسألة الرئاسة والمرشحين لها وامكانات التوصل الى توافق على اسماء من شأنها ان تشكل ارضية انطلاق لتوسيع المشاورات لاحقاً مع الافرقاء الآخرين، ومخاطر بقاء الشغور في الرئاسة الأولى، في ظل الاوضاع المشتعلة في المنطقة والتي لن يكون لبنان بمنأى عنها، بالتوازي مع المخاوف المتصاعدة من أن يطال الشلل جميع المؤسسات السياسية وفي مقدمها مجلسا النواب والوزراء، مؤكدة أن جنبلاط يحمل معه لائحة اسماء يوافق عليها الرئيس بري ، من بينها النائب هنري حلو، لا تستفز المسيحيين ولا تعارضها بكركي يتميز اشخاصها بالاعتدال والقدرة على تبني خيار الوسطية وترجمتها سياسياً، على غرار تجربة الرئيس سليمان الناجحة، لعرضها على الرئيس الحريري بغية الاتفاق على احدها لكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها البلاد،بعد اشتداد الخلافات بين القيادات المارونية، وعجز البطريركية المارونية عن تقريب المسافات بين مرشح 14 – اذار المعلن ومرشح 8 اذار العلني والمستتر،جازمة بان النائب جنبلاط لن يعود من العاصمة الفرنسية باريس إلا وبيده ورقة تفاهم مع من التقاهم على من تفرض المصلحة اللبنانية العليا أن يكون رئيس لبنان الجديد.
وسط هذه الاجواء، اكدت مصادر «تيار المستقبل» ان ما يطرح في شأن التباحث في مرشح توافقي بين الحريري وجنبلاط ليس صحيحا لان قاعدة البحث في هذا الموضوع تحديدا هي في يد القوى المسيحية ومن يمثلها وان دور القيادات الاسلامية في هذا المجال هو عامل مساعد وليس تقريريا، وان موقف تيار المستقبل معلن في هذا المجال ويقضي بالسير بالاسم الذي يتوافق عليه المسيحيون وتباركه بكركي،فيما حذرت اوساط سياسية في قوى 14 اذار من خطورة اقدام حزب الله على الانغماس في الحرب السنية – الشيعية في العراق تحت ستار حماية الاماكن المقدسة على غرار ما حصل في سوريا، وتبين لاحقا وباقرار السيد حسن نصرالله ان الحزب ارسل مقاتليه الى سوريا لمساندة النظام لان سقوطه يعني سقوط المقاومة ومنعا لتسلل الارهابيين الى لبنان.،معربة عن خشيتها من تعرض الساحة اللبنانية لاهتزاز امني كردة فعل سنية على الانخراط الشيعي اللبناني ضد سنة العراق، معتبرة ان ارتدادات هذا الانخراط قد تفوق توقعات الحزب نفسه وتجر لبنان الى فوهة البركان الاقليمي المشتعل مذهبيا، بعدما ثبت ان التمدد الداعشي هو انتفاضة سنية عامة عابرة للحدود. وتكتسب الخطورة ابعادها، بحسب الاوساط، من حال الاهتراء والشلل الذي يصيب الدولة ويحول حتى دون انعقاد جلسة للمجلس الاعلى للدفاع اذا ما تعرضت الساحة الداخلية لأي خضة امنية، وهو ما يحمل رئيس الحكومة تمام سلام على البحث جديا في امكان انشاء خلية ازمة وزارية لمواجهة اي طارئ امني. وتوقعت المصادر ان تشجع احداث العراق المفاجئة حزب الله في لبنان على تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، كما سهل تشكيل الحكومة بعد موجة التفجيرات المدمرة في الضاحية الجنوبية والبقاع، وان كان بشروطه ،رافضة الطروحات العومية، كإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، أو إجراء الانتخابات الرئاسية على مرحلتين، لان ذلك سيقود إلى تعطيل مجلس النواب، كما عطلت رئاسة الجمهورية بحيث يصبح المؤتمر التأسيسي أمراً لا بد منه ولا مفر.
اوساط الوطني الحر اكدت من جهتها ان لا أفق واضحا لرئاسة الجمهورية ولا معطيات واضحة من هذا القبيل وقد يكون النائب وليد جنبلاط اقترح على الرئيس سعد الحريري اكثر من اسم، مع انه لم يتضح بعد من هي الشخصية التي يتطلع جنبلاط الى دعم ترشيحها للرئاسة الأولى،مشيرة الى ان الحوار بين الرئيس الحريري والعماد ميشال عون أنتج إيجابيات عدة على مختلف الصعد ويبدو ان أفقه مستمر حتى إشعار آخر، رغم الاجواء السلبية التي رافقت ردود نواب المستقبل على حديث الجنرال التلفزيوني ،مؤكدة ان حزب الله يقف الى جانب عون والحوار مع الحريري سيثمر إيجابيات إضافية قريبا قد يكون بينها الاتفاق على قانون جديد للانتخاب،علما ان الحسم بالنسبة الى قـانـون الانتخـاب ومصير الانتخابات النيابيـة وقبلها الاستحقاق الرئاسي رهن التطورات الإقليمية والمفاجآت على الساحة العراقيـة وما ستستدعيه من مواقف وتدابير وتغيير في خرائط التحالفات،كاشفة ان ظروف المنطقة الحالية تعـزز من فرص قانون اللقاء الاورثوذكسي.
لا تبدو التحركات السياسية والنيابية والحكومية في لبنان رغم كثافتها الظاهرية مبشّرة بخرق قريب للأزمات التي تعانيها البلاد وفي مقدمها مأزق الفراغ الرئاسي الذي يضرب موعداً تلو الآخر مع الفشل في تأمين النصاب ، مع ما يتركه هذا الامر من تداعيات على سائر المؤسسات الدستورية والسياسية، ليضاف الى هذا الواقع المازوم الخشية من انعكاسات التطورات الجارية في العراق حتى اكتملت صورة الغموض الكبير الذي يكتنف مصير الاستقرار السياسي والأمني، لا سيما في ضوء ما شهدته الساعات الاخيرة من تصاعُد المؤشرات الامنية لدخول لبنان او بالأصح إقحامه في دائرة المخاوف من تداعيات الأحداث العراقية .