IMLebanon

لا تقاطع دولي ـ إقليمي راهناً حول لبنان

                                               

تعتبر مصادر ديبلوماسية بارزة أنّه من المبكر لأوانه الحكم على ما إذا كانت جلسة المجلس النيابي في الثاني من أيلول المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية ستنتج فعلاً انتخاب رئيس أم ستكون مثل سابقاتها. إذ برزت آمال بإمكان حصول تفاهمات خارجية سريعة تلي التفاهم حول رئاسة الوزراء العراقية، تؤدي إلى انتخاب رئيس في لبنان هذه الجلسة.

ذلك أنّ تسمية رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي جرت ضمن تقاطع دولي إقليمي، نتيجة عدم احتمال الوضع العراقي والوضع في المنطقة مزيداً من التدهور مع تقدّم «داعش» والهجمات التي تقوم بها يميناً وشمالاً وضدّ الأقليات. وقد شكّل همّ محاربة «داعش» قاسماً مشتركاً بين واشنطن وطهران. ثم أنّ إيران التي كانت داعمة لسلفه نوري المالكي تخلت فجأة عن هذا الدعم نظراً لخطورة الموقف على الجميع من دون استثناء. وهناك توقّع أن يتم التفاهم على تشكيل الحكومة.

وتشير المصادر إلى تزامن هذا التفاهم مع عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وقبول «حماس» بتمديد وقف إطلاق النار توصلاً لهدنة طويلة الأمد لاحقاً. الأمر الذي أوحى وكانّ لا شيء يمنع الأطراف الدولية الإقليمية بأن تدفع في اتجاه الحل الممكن في لبنان للملف الرئاسي، لا سيما وأنّ تأثيراتها وامتدادات نفوذها تصل إلى لبنان وكل المنطقة، وبإمكانها التوصّل إلى تفاهمات مرحلية حول الملفات المفتوحة إذا ما رغبت ذلك. مع أنّ وقف إطلاق النار في غزة فشل وعادت أجواء العدوان.

مصادر ديبلوماسية أخرى تؤكد أنّ ما حصل حول العراق كان بمثابة «ديل» للتخلص من المالكي بتوافق أميركي إيراني، ومباركة خليجية. لكن من المبكر لأوانه الاستنتاج حول ما إذا كان هذا التوجّه سيؤثّر على الوضع اللبناني. قد يفتح هذا الأمر الباب أمام تسويات في مواقع أخرى منها لبنان. لكن من الصعب أن ينعكس ذلك على أزمة سوريا وعدم التوافق على حل لها، مع أنّ الجميع يقولون بأن لا حل سوى الحل السياسي، لكن شكل الحل ونوعيته ومضمونه غير متّفق عليه. وهذا قد يؤثّر سلباً على الوضع اللبناني ويستمر كما هو.

إيران شعرت تحت ضغط الوضع العراقي أنّها لا يمكن أن تبقى على موقفها بالنسبة إلى عدم بحث أي مسألة، بالتزامن مع التفاوض حول ملفها النووي مع الغرب، أو قبل توقيع الاتفاق النهائي والاطمئنان إلى النووي. وهذا ما ينطبق على موقفها حيال بحث أزمتَي سوريا ولبنان، فاضطرت إلى تعديل موقفها، والتعاون في ما خصّ العراق، لا سيما وأنّ «داعش» شكّلت خطراً كبيراً على مصالح إيران، التي شعرت أنّ العراق سيضيع من يدها، وتطوّر «داعش» قد يخسِّرها مواقع أخرى في المنطقة تشكّل مجالاً حيوياً لها. وما الذي يمنع أن يحصل في سوريا ما يحصل في العراق. مع أنّ الأكثرية في سوريا لا تزال معكوسة نسبة إلى العراق. لذلك وافقت على أن تسير بتفاهم حوله، وهذا التفاهم قضى بأن وافقت الولايات المتحدة على أن تضع حدّاً لتقدّم «داعش» وفي المقابل يُصار إلى التوصّل إلى حل سياسي في العراق يرضي واشنطن والخليج.

بالنسبة إلى لبنان، وفقاً لهذه المصادر، إنّ الأمور غير ناضجة، وإنّ التحرك الذي يقوم به رئيس جبهة «النضال الوطني» النيابية النائب وليد جنبلاط، في اتجاه مختلف القيادات، لم يفضِ بعد إلى التوصّل إلى أجواء تسوية محدّدة، أو إمكان وجود حل للأزمة السياسية في لبنان. حتى أنّه ما بعد عودة الرئيس الحريري لم تحصل أجواء تقارب مع الطرف الآخر في الطروحات. ولا يزال الوضع اللبناني كمَن «يركض في محله» على حدّ قول أوساط نيابية.

وتشير هذه الأوساط إلى أنّ جملة معطيات لا تؤشّر إلى وجود تقاطع دولي إقليمي حول لبنان حتى الآن في ملف الرئاسة، منها الكلام الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله حول دعوته الأفرقاء لمحاربة الإرهاب معه، وأنّ مرشحه هو رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النيابي النائب ميشال عون، وهذا يعني استمرار قوى 8 آذار في مواقفها. فيما قدّمت قوى 14 آذار طروحات عدّة لم تجد إيجابيات تقابلها في مسائل الرئاسة وحماية لبنان، إنّما سلبيات من الطرف الآخر. الإيجابية الوحيدة هي تخفيف اللهجة من 8 آذار حول الاتهام بالخيانة، هذا داخلياً، وخارجياً تأييدها للضربات الأميركية على «داعش». أمّا لناحية الفراغ، فقوى 8 آذار ما زالت مستمرة في دعم الفراغ إلى أقصى درجة.

كل ذلك يدلّ على صعوبات أمام انتخاب رئيس في جلسة الثاني من أيلول، وأنّه لم تظهر مبادرات فعلية حول لبنان حتى الآن.