IMLebanon

لا «حرب أهليّة ولا من يحزنون»!

ليس دقيقاً الحديث عن أنّ لبنان على وشك الانزلاق إلى حربٍ أهليّةٍ، وإن بدا المشهدُ شبيهاً بذاك القَلِقِ عشيّة الحرب الأهليّة، «أمنٌ ذاتيّ» و»خطفٌ متبادل»، ولكن «الدقيق» من الوصف أنّ هناك إعلاماً يُهوِّل على اللبنانيين بالحرب الأهليّة، لغايةٍ في نفسِ إعلام «حزب الله» المستفيد الأكبر من الذّعر الحالي في المشهدِ اللبناني، فقد انشغل اللبنانيّون عن أخبار أعداد قتلاه وصور جنازاتهم «عالسكّيت»!!

المشهد الحقيقي هو أننا على وشك الانزلاق إلى «تصفية عنصريّة» لأبرياء سوريّين فرّوا من الموت في وطنهم إلى عراء لبنان و»ذُلّه» وعلينا أن نكون صادقين لأنّ كثيرين من اللبنانيين يتعاطون بازدراءٍ ولا إنسانيّة مع موضوع اللاجئين السوريين، وربما علينا أن نطرح السؤال وبوضوح شديد: لماذا غاب المشهد العنصري البغيض عندما ذُبِحَ الجنديّ اللبنانيّ الشهيد علي السيّد، ولماذا انفجرت العنصريّة مع ذَبحِ الجنديّ الشهيد عباس مدلج؟!!والإجابة يجب أن تكون بمنتهى وضوح السؤال ووضوح أنّ «الذّبيحيْن» كلاهما جنديّان في الجيش اللبناني، إنّما الشهيد علي السيّد ذبيحٌ سُنيّ، والشهيد عباس مدلج «ذبيح شيعيّ»، ولأن الطائفة الشيعيّة مصابة بداء تضخّم الذاتِ بفعل عضلات السّلاح انفجر المشهد بوجه اللبنانيين، ولا.. ليس صحيحاً أننا على حافّة حربٍ أهليّة، بل نحن على وشك الوقوع في فتنة مذهبيّة لن تُبقي ولن تذر!!

وليس بعيداً عن التخويف والتهويل بشبحِ الحرب الأهليّة، جاء مشهد الحديث المستعاد عن «ورقة تفاهم عون ـ حزب الله» وتوزيع صورة اجتماع «نصر الله ـ عون» التي قفزت بالأمس لتحتلّ الشاشة، وكأنّها ردّ على الخطاب العقلاني للدكتور سمير جعجع عشية الاحتفال بذكرى شهداء القوات اللبنانيّة، وكلامه التطميني اللبنانيين المسيحيين منهم والمسلمين أيضاً، بأنّه «إذا دعا داعٍ أو داعش» فالقوات اللبنانيّة جاهزة، لذا يبدو أنّ التذكير بورقة التفاهم ترويجٌ يشي بتخويف المسيحيّين اللبنانيّين وإيحاءٌ «ذمّيٌّ» بأنّ لا حامي لهم إلا حزب الله، وهذا حديث آخر، له سياق آخر.

الجمل التي تتطاير من فضاء الضاحية الجنوبيّة والمناطق التي على تماسٍ معها، تنذرُ بشرٍّ مستطير، فما تناقلته المواقع الإخباريّة اللبنانيّة بالأمس مخيف جدّاً: «لا دخل للسوريين المقيمين في الضاحية بتنظيم «داعش»، لكنّ «أحداً منّا لا يستطيع الوصول لعناصر هذا التنظيم، وبالتالي فإنّ فشّة الخلق تطاول جميع السوريين»، أو ما هو أشدّ خطورة على الجيش اللبناني وعلى لبنان، فالتهديدات التي يصدح بها «ما غيْرن»: «في حال إقدام «داعش» على ذبح عسكري جديد «لا نعرف ماذا سنفعل، لكن ردة فعلنا ستكون عنيفة جداً، وربما عندها سنرد على الذبح بالذبح»!!

لبنان على وشك التحوّل إلى «مسلخ»، وجمهور حزب الله على وشكِ قناعِ وجهٍ لا يختلف أبداً عن وجه «داعش»، وليس أسوا من «الوحوش» الذين يتخذون من جنود الجيش اللبناني رهائن يساومون بذبحهم على إطلاقِ إرهابيين، إلا «الوحوش» التي تُهدّد بذبح المدنيّين السوريّين الأبرياء، أمّا إحراق الإطارات وقطع الطرقات بإشعالها تحت عنوان «التضامن مع الجيش»، فعلى الجيش وقيادته وضع حدٍّ لهذه المهزلة التي تتاجر بدماء الجيش اللبناني، فـ «تشتمه» وتحرّض ضدّ قيادته على شاشتها لأنّه لم يدمّر عرسال على رؤوس أهلها، ثمّ تحرق الإطارات تضامناً معه في الشوارع «المذهبيّة»، في لعبة فتنة باتت مكشوفة إلى أبعد الحدود…

وبالمناسبة، ليس اللبنانيون بخائفين لا من التهديد بالحرب الأهليّة، لأن لا مموليّن لها، سوى إيران بدعمها لفريق لبناني بسبب مذهبه وطائفته وارتهانه لها، وليس اللبنانيين بخائفين من الفتنة المذهبيّة، وللتذكير كلّ فورة قطع طرقات وترهيب للبنانيين ارتدت على رؤوس أصحابها، وجمهورهم «الغاضب وغير المنضبط» بإيعازٍ «التقيّة»!!