فجّر انتحاري نفسه في السابعة مساء أمس في غرفته في فندق «دو روي» في منطقة الروشة في بيروت، حين حاولت القوة الخاصة في الأمن العام اللبناني، في عملية استباقية، توقيفه عند دخولها الفندق زهاء السابعة مساء أمس، بناء لمعلومات عن وجود خلية إرهابية داخله.
وإذ تردد أن الانتحاري من الجنسية السعودية، وأن اثنين من عناصر الأمن العام أصيبا في التفجير أحدهما ضابط، الذي حصل في الطبقة الثانية من الفندق، فإن القوة الأمنية التي دخلته أوقفت فور وقوع الانفجار شخصين آخرين للاشتباه بأنهما في عداد الخلية الإرهابية، التي تحركت قوى الأمن العام لمداهمتها بمؤازرة الجيش وقوى الأمن. وقالت معلومات أولية إنه كان مع الانتحاري رفيق آخر له رجحت أن يكون سعودياً أيضاً، قدما الى لبنان قبل أيام معدودة وحجزا غرفة واحدة، لكن القوى الأمنية قبضت على الثاني واقتادته للتحقيق. وأشارت الى أن الأول من مواليد عام 1994 والثاني من مواليد 1995.
وأدى تفجير الانتحاري نفسه الى اندلاع حريق في الطبقة الثانية فاستدعيت سرية الإطفاء التي عملت على إخماده، فيما تحطم زجاج طبقات الفندق وتناثر الزجاج في الشارع المؤدي الى مقر السفارة السعودية ومدرسة «كوليج بروتستانت»، وفي الطبقة السفلية من الفندق حيث المقهى، وصالون الاستقبال.
وهرعت الى الفندق قوة كبيرة من الجيش وقوى الأمن الداخلي عملت على إبعاد المواطنين والصحافيين فيما نقلت سيارات الإسعاف جرحى، تردد أن 7 منهم في مستشفى الجامعة الأميركية، وشوهد الجنود ينقلون شخصاً عاري الصدر وقد أصيب في أنحاء جسمه. وبثت محطات التلفزة مشاهد الحريق وتطويق القوى الأمنية للفندق وسط معلومات عن الاشتباه بوجود إرهابيين آخرين داخل الفندق وخارجه يمكن أن يكونوا قد فرّوا، وشمل التدقيق سيارات متوقفة أمام الفندق.
وإذ بثت إحدى المحطات أن انتحاريين فجرا نفسيهما لم يؤكد ذلك أي من المصادر الرسمية. وأعلن «لواء أحرار السنّة» مسؤوليته عن التفجير ليل أمس.
وقال مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ان الانتحاري الأول فجّر نفسه والثاني أُلقي القبض عليه (تردد أنه مصاب بحروق في أنحاء جسمه) وهناك 3 جرحى من عناصر الأمن العام. وناشدت قوى الأمن الداخلي المواطنين الابتعاد عن مكان الانفجار نظراً الى احتمال وجود متفجرة في الفندق، وردت معلومات لاحقة بأنه عُثر عليها خارج الفندق في حقيبة. وكلّف صقر خبراء المتفجرات بتفكيكها.
لكن احدى المحطات أوضحت أن هذا الخبر أذيع من أجل ابعاد الناس لنقل احد المشبوهين المصابين بعيداً عن أنظار الناس.
وأفادت إحدى الإذاعات المحلية أن الأجهزة الأمنية ضبطت في منطقة أبلح في البقاع سيارة بداخلها نساء سعوديات وأشخاص من التابعية السورية معهم حقيبة بداخلها متفجرات. ورفض مصدر أمني رفيع تأكيد أو نفي هذه المعلومات، مؤكداً أن المعطيات عن العملية الاستباقية في فندق «دو روي» محاطة بالتكتم «لأن العملية سرية لملاحقة الخلايا الإرهابية. وعلى رغم الخسائر فإننا نجحنا في تفادي حصول تفجير إرهابي كبير كانت تنويه الخلية التي لوحقت بالأمس مثلما نجحت التدابير الاحترازية في منع انتحاري ضهر البيدر الجمعة الماضي وانتحاري الطيونة ليل الاثنين الثلثاء من تحقيق أهدافهما». وكان «لواء أحرار السنّة» أفاد في تغريدة على حسابه على «تويتر» أن «مجاهدين آخرين أصبحوا بأمان خارج منطقة العملية الانتحارية».
وانتقل وزير الداخلية نهاد المشنوق بدوره الى فندق «دو روي» وأعلن أنه بعد تفجير الانتحاري الأول نفسه نقل الثاني الذي أصيب الى إحدى المستشفيات حيث يعالج. وقال: «إن ما حصل هو ضربة استباقية والانتحاري كان سيفجّر نفسه في مكان آخر». وتفقّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العناصر الجرحى الثلاثة في مستشفى الجامعة الأميركية، مؤكداً أن «كل لبنان مستهدف وليس الأمن العام فقط، ونحن لسنا في حاجة لخطابات ليعلمنا أحد ماذا نفعل ونحن نعلم ماذا علينا أن نفعل».
وأفادت معلومات أن حال الضابط الجريح في الأمن العام مستقرة.
وأفادت السفارة السعودية في اتصال مع الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن التنسيق يجري للتأكد من حقيقة ما ذكرته بعض وسائل الإعلام اللبنانية من أن الانتحاري سعودي، خوفاً من أن الهوية قد تكون مزوّرة.
وقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري «كل التضامن مع الأجهزة الأمنية في مواجهة أوكار الإرهاب» مؤكداً «أن المسلمين براء من منتحلي الهوية الذين لا صفة لهم ولا مذهب سوى الإرهاب».
وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية واصلت تحقيقاتها في التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة الملازم في الأمن العام عبدالكريم حدرج، بعدما اشتبه ورفيقاً له بالانتحاري الذي فجر السيارة المفخخة في منطقة الطيونة عند مدخل ضاحية بيروت الجنوبية منتصف ليل الإثنين الماضي. وتولى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التحقيق مع شاب سوري كان أوقف ليل أول من أمس على حاجز للجيش وهو متوجه الى بلدة عرسال، بعدما اشتُبه بأنه ينوي الالتحاق بمجموعة مسلحة، ووجدت على هاتفه النقال صور ورسائل نصية تلقاها بعد تفجير الطيونة تشير عليه بالانتقال الى عرسال، ما أثار الشكوك عما إذا كان مكلفاً تزويد بعض الإرهابيين بمعلومات تشمل التفجير الأخير في الضاحية وقبله تفجير ضهر البيدر الجمعة الماضي.
وبينما شيّعت الضاحية الجنوبية الملازم حدرج، الوحيد لأهله أمس، وسط الحزن والأسى على فقده، خصوصاً أنه افتدى مناطقها السكنية بنفسه نتيجة إصراره على البقاء إلى جانب الانتحاري عندما شك بأمره في انتظار أن يأتي رفيقه بعناصر الجيش من حاجز قريب، استمرت قوى الجيش والأمن الداخلي في تدابيرها الأمنية على مداخل الضاحية، والتي تشمل تفتيش السيارات الداخلة إليها والتدقيق بأرقامها وأوراقها الثبوتية عبر غرفة عمليات مركزية.
وفي سياق منفصل عن تفجيري الضاحية وضهر البيدر، أعلنت قيادة الجيش عن توقيف خلية إرهابية من 5 أشخاص أذاعت أسماءهم في منطقة القلمون شمال لبنان، كانت تخطط لاغتيال أحد كبار الضباط الأمنيين في الشمال.
وأكدت مصادر التحقيق مع الفرنسي من أصل عربي (جزر القمر) الذي أوقف في فندق «نابوليون» الجمعة الماضي، نتيجة المعلومات الاستخباراتية الدولية، أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يواصل استجوابه، نافية ما ذكر بعض وسائل الإعلام عن تسليمه للسلطات الفرنسية. وأكدت المصادر المعلومات التي أشارت الى أنه كان حجز في الفندق عبر الانترنت من فرنسا، وأنه كان مضى على وصوله الى بيروت قبل توقيفه عند مداهمة الفندق قرابة الأسبوع، حيث كان ينتظر أمراً بتنفيذ عمل إرهابي ما زالت مصادر التحقيق تتكتم حول ما إذا استقت منه مزيداً من المعطيات حوله. وينتظر أن يكون الوضع الأمني على بساط البحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وعلى الصعيد السياسي، برز أمس استئناف سفراء الدول الكبرى والأمم المتحدة تحركهم من أجل حض الفرقاء اللبنانيين على إنهاء الشغور الرئاسي، فزار منسق أنشطة الأمم المتحدة في لبنان السفير ديريك بلامبلي يرافقه سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بمن فيهم السفير الروسي ألكسندر زاسبكين وعميد السلك الديبلوماسي سفير الفاتيكان غبريالي كاتشيا، البطريرك الماروني بشارة الراعي. ودعا بلامبلي باسم السفراء القادة اللبنانيين الى العمل بجهد لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، معتبراً الفراغ مصدر قلق.