يقدم لبنان على أسبوع ساخن يشهد اليوم وغداً إضراباً عاماً لموظفي القطاع العام والمعلمين في المدارس الخاصة والرسمية من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي هذه القطاعات من دون تعديل في أرقامها عشية الجلسة النيابية المقررة غداً للبت فيها وسط استمرار الخلاف بين الكتل النيابية على أرقامها، والتي تسبقها اليوم جلسة نيابية مخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أن أخفق النواب في اختيار الرئيس ما تسبب بشغور في المنصب منذ 25 أيار(مايو) الماضي. (للمزيد)
ويدور سجال بين هيئة التنسيق النقابية ووزير التربية الياس بوصعب على إجراء الامتحانات الرسمية بدءاً من الخميس المقبل بالاستعانة بالمتعاقدين وأساتذة من المدارس الخاصة ولجان الأهل وإلا اعتماد أسلوب «غير مسبوق»، وفق تعبيره، بعد أن شمل التحرك النقابي مقاطعة هذه الامتحانات وتعطيلها كوسيلة ضغط لتحقيق المطالب. ويتصاعد السجال على الصلاحيات الحكومية والبرلمانية في ظل الشغور الرئاسي الذي أوكل الدستور للحكومة أن تتولى صلاحياته، فاعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس أن «قيام حكومة تحل محل الرئيس لمدة غير محددة، انتهاك خطير للمحبة والميثاق، إذ يُقصى المكون المسيحي – الماروني عن الرئاسة الأولى».
وينتظر أن تلقى الجلسة الانتخابية اليوم، وهي السابعة، المصير نفسه للجلسات السابقة بإفقادها نصاب الثلثين نتيجة غياب نواب «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي برئاسة العماد ميشال عون (27 نائباً) وكتلة نواب «حزب الله» (13 نائباً) عنها بحجة عدم توافر توافق على الرئيس الجديد فيما يستمر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ترشحه مدعوماً من قوى 14 آذار وكذلك مرشح «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط، النائب هنري حلو المدعوم من بعض النواب الوسطيين أيضاً.
ونشطت الاتصالات في الأسبوع المنصرم من أجل استثناء جلسة الغد من مقاطعة النواب المسيحيين جلسات التشريع في ظل الشغور الرئاسي، فنجح رئيس البرلمان نبيه بري في إقناع العماد عون بحضور نواب تكتله لإقرار سلسلة الرتب والرواتب «باستخدام المنطق». وقال بري لزواره، في حضور «الحياة»، إنه مع أولوية انتخاب الرئيس لملء الفراغ ولا تجوز مقاطعة جلسات البرلمان وتعطيل عمل مجلس الوزراء لأن هذا يشل الدولة فيما تسيير عمل هاتين المؤسستين يبقي على أجواء التوافق والتعاون بين الفرقاء في شكل يساعد على نشوء ظروف تعجل بانتخاب الرئيس الجديد، بينما التأزم نتيجة المقاطعة يبعد الأطراف عن بعضها بعضاً ويزيد من تأخير ملء الشغور الرئاسي».
وعقدت اجتماعات بعيدة من الأضواء لمحاولة التوصل إلى صيغ لسلسلة الرتب والرواتب تضمن حضور قوى 14 آذار لجلسة الغد، بعد أن كانت انسحبت من الجلسة السابقة لاعتراضها على أرقامها وعدم ضمان الموارد الكافية فيها لتغطية كلفتها، مخافة زيادتها العجز في الخزينة. وفيما رفض الرئيس بري وفريقه المشاركة في لقاءات اللجنة النيابية المصغرة للتدقيق في الأرقام لأنه مخالف للأصول ولعمل المؤسسات، معتبراً أن الأمور يجب أن تبت في الهيئة العامة للبرلمان بعد أن أشبعت اللجان السلسلة درساً، عقد أول من أمس اجتماع بين نواب من تكتل عون و»المستقبل» من أجل التوافق على ضمان المزيد من الموارد لإضافات اقترحها تكتل عون للتقديمات المتعلقة بالدرجات للعسكريين وبالعودة إلى زيادة درجات الترفيع للمعلمين. وقال مصدر في «المستقبل» إن حضور الكتلة جلسة الغد يتوقف على الاتفاق على أرقام السلسلة وإن اجتماعات جانبية أخرى ستعقد اليوم على هامش الجلسة النيابية المخصصة للانتخاب الرئاسي. ولم يستبعد المصدر نفسه أن يتم التوصل إلى تفاهم على الأرقام، لا سيما لجهة الموارد المطلوبة.
وإذ يأخذ بري على مقاطعي جلسات البرلمان وعلى طرح نواب مسيحيين شروطاً على انعقاد مجلس الوزراء بحجة الشغور الرئاسي أنهم بذلك «يعاكسون اتفاق الطائف لأنهم يتجاهلون مبدأ فصل السلطات وتعاونها» المطلوب أكثر من أي وقت بسبب عدم انتخاب رئيس، فإنه يرى أن تعطيل البرلمان بحجة غياب الرئيس الماروني ووجود الرئيسين الشيعي والسني يعني تحميل المؤسستين مسؤولية الفراغ بينما الواقع هو أنهما ليستا مسؤولتين عنه، بل إن التنافس بين القيادات المسيحية على الرئاسة قاد إلى الشغور. ويؤكد بري أنه يساند رئيس الحكومة تمام سلام في تمسكه بصلاحياته بالدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء ووضع جدول أعماله ويمتدح ما أقدم عليه بإطلاعه الوزراء على جدول الأعمال قبل 24 ساعة من توجيه الدعوة. وهو يرى أن هذه الحكومة أنجزت في الأشهر الثلاثة الأولى الكثير من الأمور حققت نتائج كان يصعب توقعها من غيرها.
كما يأخذ بري على كتلة «المستقبل» مقاطعتها جلسة إقرار السلسلة لأن الاعتياد على هذا الأسلوب ينسف عمل المؤسسات والطائف خصوصاً أنه سبق للكتلة أن عطلت البرلمان 11 شهراً فكيف تستقيم الأمور إذا قاطع النواب الشيعة لاحقاً الجلسات لسبب ما؟ وهو يغمز من قناة مقاطعة «حزب الله» و تكتل عون جلسات انتخاب الرئيس و «لذلك أنا قلت إن كتلتنا أول من يدخل وآخر من يخرج من الجلسات».