سقى الله ايام كان لبنان من ساحله وجبله وبقاعه وشماله وجنوبه، يقف مع ثورات العالم المحقة، لاسيما الثورة الفلسطينية التي كلفتنا غاليا بمستوى الحرب والدمار، فيما لم يعد لبناني واحد يعبر عن استعداده لدعم ثورة غزة او اية ثورة شبيهة اخرى، بعدما اثبتت التجارب ان الذين دفعوا الغزاويين الى الثورة ضد المحتل الاسرائيلي لم يعودوا في هذا الوارد، بل لان امورنا العربية دخلت حيز اللعب على مصالح بعض الدول من غير ان يستوعب بعضهم مخاطر الخوض في ثورات اين منها الثورة الفلسطينية، والمقصود هنا هو شعب ايران الذي لم يترك بدولة عربية من دون ان «يحركش فيها» اعتقادا منه انه هو من يستحق ان يثور على الشيطان الاكبر من خلال ملفه النووي.
يقال في هذا الصدد، ان لا مجال لغير ايران كي تساعد العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، بدليل تدخلها في الحرب السورية، اضافة الى الحرب والقلاقل التي زرعتها في دول الخليج، خصوصا في دولة البحرين، من غير ان يؤدي ذلك الى انقاذ سوريا من معاناتها وهذا ينطبق على البحرين واليمن، كما يقال الكثير عن المساعدات الايرانية التي حصلت من فلسطين الضفة والقطاع حالا استثنائية بعدما تبين ان المساعدات الايرانية الاستباقية لم توفر لاحد اي دعم، باستثناء ما يقال عن مساعدة ايران لحزب الله الذي اغرقته في الحرب السورية وليس ما يمنع اقحامه في الحرب العراقية المرشحة لان تتطور الى الاسوأ على مدار الساعة!
من حيث المبدأ لا بد من القول ان ايران نجمت في أمكنة معينة وفشلت في أمكنة اخرى، الى الحد الذي يتطلب توضيحا منها عما اذا كانت في وارد الغوص في الحرب الغزاوية المرشحة لان تتطور الى الاسوأ، من غير ان يعرف احد ما اذا كانت ايران على استعداد لان تنساق وراء ضربة توجهها الى اسرائيل من جانب الحدود السورية، او انها لا تزال تركز على ما يعني نظام بشار الاسد كي لا تتطور الامور الايرانية الى ضربة اميركية توجه الى النظام السوري، وفي الحالين هناك من يضحك في مجال القول ان ايران لن تقدم على ما يساعد الفلسطينيين مهما اختلفت الاعتبارات، الا في حال تطور الملف النووي الايراني الى حد توجيه اسرائيل ضربة عسكرية الى المفاعلات النووية الايرانية كي يبرر نظام الائمة ما هو بصدد القيام به بمعزل عن الحرب السورية وبمعزل عن حرب الابادة التي تمارسها اسرائيل ضد اهالي قطاع غزة وكل ما له علاقة بشعب فلسطين خصوصا ان ظروف اهالي غزة ليست افضل حالة من اهالي الضفة!
عندما يقال سقى الله ايام كان لبنان مدافعا عن فلسطين والعرب قاطبة، لم تكن ايران في وارد ممارسة اي دور في هذا السياق لذا لن يكون كلام من جانب ايران ومن يرى رأيها في الحرب الاسرائيلية على غزة، كذلك بالنسبة الى الحرب الاسرائيلية على لبنان واخرها في تموز من العام 2006، الا في حال كانت ايران قد وجدت في ما قدمته لحزب الله من صواريخ واسلحة غاية الغايات السياسية والعسكرية، والمقصود هنا ان مساعدات ايران لحزب الله اجبرته على دخول الحرب الى جانب حليفها بشار الاسد. ومعنى ذلك ان مجالات مساعدة الفلسطينيين غير متوفرة الان، الا في حال كانت نظرة الى حرب اقليمية يمكن ان تقضي على كل ما وفرته ايران من قدرات لدخول نادي الكبار عبر الملف النووي، او من خلال ملفات عسكرية – سياسية لها علاقة بالوضع في عدد كبير من دول الخليج العربي!
لذا، هناك من يجزم بان اسرائيل في غير الحسابات الايرانية باستثناء ما بوسع حزب الله تأديته منفردا على صعيد الحرب الاقليمية.
واي كلام اخر لا مجال للخوض فيه، طالما انه لا يحرج نظام الائمة بقدر ما يوفر لحزب الله مكانا في عدد من دول الخليج مثل العراق والبحرين، كذلك في قطاع غزة من غير حاجة الى مقاربة ما له علاقة بالفلسطينيين في الضفة الغربية؟!
من حيث المبدأ تبدو طهران واضحة في ما يهمها عمله مع حلفائها وخصومها، لذا يستحيل عليها ان تسد منافذ الحرب في العراق، وفي دول خليجية اخرى قبل ان تعرف ماهية الدور المطلوب منها في اماكن اخرى بما فيها لبنان قبل ان تتوضح لديها صورة ملفها النووي غير الواضح المعالم حتى الان؟!
ان ما تمارسه اميركا في الوقت الحاضر، هو غير ما تقوم به ايران، كونها تعرف الحدود المرسومة لها ان في العراق او في سوريا، وهذا من ضمن الاجندة الاميركية – الغربية وكل ما يقال عكس ذلك سيؤدي تلقائيا الى جعل طهران تخوض حروبا غير متكافئة مع الاميركيين والغرب واسرائيل.