لم يقدم لبنان بعد أي شكوى ضد الاعتداءين الاسرائيليين على مناطق جنوبية، في انتظار عودة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من البرازيل واعداد وزارة الدفاع الوطني معلومات تفصيلية عن الخسائر التي سجلت في ثلاثة أيام. وفي هذه الأثناء، يعيش سكان بعض القرى الجنوبية حالة من القلق بسبب القذائف المدفعية التي تتساقط عليهم كلما أطلق مجهولون صواريخ من القرى التي يقطنونها، أو تلك القريبة منها. واللافت انه للمرة الثانية تكررت عملية الاطلاق ليل السبت الماضي، بحيث انطلقت من محيط بلدة القليلة في الجنوب وسقطت في شمال اسرائيل، ورد الاسرائيليون بقذائف مدفعية اصابت محيط بلدة زبقين، وفقاً لما سجله رادار “اليونيفيل” وما تبلغته الأخيرة من قيادة المنطقة الشمالية الاسرائيلية. واللافت ان اي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن هذا العمل، واذا كان الهدف دعم حركة “حماس” بهذا العدد القليل من الصواريخ، فإن ذلك يصيب أهدافاً في اسرائيل لكنه لن يشكل اي تصدّ فعال في مقابل غزارة القذائف والصواريخ الاسرائيلية الجوية والبرية التي تصب حممها على المدنيين الابرياء من أهل غزة، وهذا يعني توريطاً للبنان ودفعه الى معركة لا يريدها، في تراشق بين الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي، وربما سيشارك “حزب الله” في الرد. ومن ناحية سلبية أخرى، يفسح في المجال للدولة العبرية أمام ردين. الاول عسكري، وهذا ما تفعله على الفور ومن دون العودة الى القيادة العليا، بتوجيه قذائف من عيار 155 ملم في “رد تقني”، والثاني ديبلوماسي برفع شكوى الى مجلس الامن ضد لبنان، لكون الصواريخ اطلقت منه، وهذا يعتبر خرقاً للقرار 1701، متجاهلة ان الحكومة غير راضية عن تصرف هؤلاء المجهولين، وانها استنفرت كل اجهزتها لضبط الفاعلين واعتقالهم.
صحيح أن الاجهزة الامنية ألقت القبض الاسبوع الماضي على المشتبه فيه بعد اصابته، وأدلى باعترافات عن شركائه، لكن ذلك لم يمنع آخرين قد يكونون رفاقاً لهم أو لا علاقة لهم بهم، من التبرير لاسرائيل بإيذاء القرى اللبنانية التي تنطلق منها الصواريخ، وربما لاعادة فتح الجبهة مع لبنان. من يكون هؤلاء الذين يتنقلون في انحاء من الجنوب ويطلقون الصواريخ كلما شاؤوا ومن أي مكان، على رغم الرصد المفروض من الجيش ومن قوى “اليونيفيل” والدوريات التي تكثفت في الفترة الأخيرة بعد قصف الاسبوع الماضي للصواريخ من مكان آخر؟ نفت “كتائب القسام” ان تكون وراء هذا القصف، في بيان علني، وأكدت ان معركتها ضد اسرائيل في الجبهة مع غزة. لم تتوافر بعد أي معلومات عن الجهة التي تقف وراء هذا التوتير الذي ليس الآن أوانه، ولا يدعم “حماس” التي تواجه أسلحة اسرائيلية حديثة ومتطورة بسلاح الطيران الحربي غير المتوافر لدى الفلسطينيين.
ولفتت جهات سياسية الى ضرورة كشف الفريق الذي يريد أن يورّط لبنان في مواجهة عسكرية مع اسرائيل، ليس قادراً على خوضها بسبب انعدام توازن القوى، فيما يتعرّض لأقصى التداعيات السلبية من جراء الازمة السورية التي صدّرت الى لبنان مليون و100 الف نسمة.
ودعت المسؤولين الى لفت قيادة “اليونيفيل” الى التروي في بياناتها التي تصدر مع كل عملية اطلاق صواريخ من لبنان في اتجاه اسرائيل، لأنها تقصّر في الرصد المطلوب وتكتفي في كل خرق مماثل بفتح تحقيق لا يؤدي الى اي نتيجة.