من يلتق جعجع بعد موجة الاحزمة الناسفة البشرية يجد نفسه أمام مبشّر بالاستقرار في لبنان. وما قاله امس امام محدثيه يبعث على الامان وسط اجواء تبعث على القلق. ليس ما يدلي به رئيس حزب “القوات اللبنانية” مجرد تمنيات، وهذا ما يرجوه محبو وطن الارز، بل هو معطيات. فمن التحقيقات في موجة الانتحاريين الجدد الذين هم بموجب المعلومات مجرد هواة، الى واقع مأزوم في المنطقة على عكس لبنان، الى حاجة “حزب الله” الى التسويات تجنبا لمشكل أضافي الى جانب مشاكل غارق فيها في سوريا والعراق هي عناوين رئيسية تسمح لجعجع ان يؤكد “ان الاستقرار في لبنان لن يمس”. فهل هذه مقاربة تشبه حكاية “أليس في بلاد العجائب”؟ بالطبع الامر ليس كذلك. فالرجل يفكر في الانتخابات الرئاسية وفي امكان اجراء الانتخابات النيابية هذا الصيف وسيبدأ مشاورة حزبه وحلفاءه على هذا الاساس. واذا سألته عن قانون الانتخابات قال لك انه مشروع القانون المختلط الموجود في ساحة النجمة باقتراح من “المستقبل” والاشتراكي و”القوات اللبنانية”. ولا يفته ابداء الارتياح الى الحكومة الحالية التي استعادت وجه ال 14 الاذاري ربما بطريقة أفضل مما كانت عليه الحكومة التي تشكّلت بعد الانتخابات النيابية الاخيرة.
وماذا عن ادوات الامن وحال الاجهزة الامنية التي يؤدي تنافسها الى حال يشبه حركة الفيل في متجر الخزف؟ والمثال المقلق هو ما ذكرته “النهار” امس عن مضايقات تعرض لها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عند مدخل مخيم نهر البارد حيث منعه حاجز أمني من تفقد اللاجئين في داخله. وقبل ذلك ما تعرّض زميل الوزير درباس، وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية على يد عناصر جهاز عسكري أنطوى على دلالات خطرة بسبب عملية مطاردة طويلة لسيارة الوزير من منتصف الطريق من بيروت الى ضهر البيدر وصولا الى سهل البقاع. ولولا شجاعة الوزير وحكمته لكان وقع الاسوأ وهو اطلاق نار بين مرافقيّ الوزير ومطارديه الذين عرفوا انهم يتعاملون مع وزير لكنهم أمعنوا في تعقّبه!
هناك من يتكهّن بأن حرب تنافس تدور رحاها بين الاجهزة الامنية والعسكرية ظهرت جليا في طريقة التعامل مع مطاردة افراد شبكة ارهابية في احد فنادق شارع الحمراء وفي المعلومات حول أستهداف مدير عام الامن العام اللواء عباس ابرهيم. علما ان معلومات مهمة وصلت من الاميركيين والالمان كانت وراء تفتح العيون الامنية اللبنانية على الارهاب الواصل الى البلاد. مع الاشارة الى ان لبنان أسدى خدمة أمنية أيضا لألمانيا كافأته الاخيرة عليها بمثلها.
يعتبر جعجع ان ما تعرّض له الوزيران دوفريج ودرباس يتصل ب”أمر ما” لا يحب الخوض فيه. لكن يعود ويؤكد ان لبنان مستقر حتى أكثر من الاردن. وفي المقابل يعترف بأن سلوك بعض الادوات الامنية بمثابة تغطية لـ”حزب الله” وما يفعله في سوريا وأيضا في العراق. غير ان جعجع واثق بأن “حزب الله” الان”يمشي الى جانب الحائط في لبنان. “انه تفكير مشجع… والمهم ان يكون هناك شجعان يمارسونه.