IMLebanon

لبنان معقل للمسيحيين يُغيظ «داعش» ويفتح شهيّتها للانقضاض عليه

مخطئ من يظن ان «داعش» ومشتقاتها من التنظيمات التكفيرية لن تلقى بيئة حاضنة على الساحة المحلية كما قال بعض السياسيين الذي حاول تلطيف الامر بالتفريق بين البيئة الحاضنة والبيئة المتعاطفة على طريقة «وفسّر الماء بعد الجهد بالماء»، كون الارهاب انطلق من الساحة المحلية قبل هبوب رياح «الفوضى البناءة» التي اطلقتها واشنطن بهدف تفتيت المنطقة من خلال الاختراع الداعشي والخليفة ابو بكر البغدادي الذي تؤكد اجهزة استخبارات اقليمية انه يدعى شمعون بن ايلوت وان الاجهزة الاميركية والبريطانية و«الموساد» الاسرائيلي هم صناع «فرانكشتاين» المرحلة ولما بدأ بالخروج عن المرسوم له انذروه بالغارات التي استهدفت مدفعية «داعش» على ابواب اربيل كي لا يتفلت من ايديهم كما حصل لهم اثر اختراع تنظيم «القاعدة» وانقلاب اسامة بن لادن عليهم وتمثل ذلك «بغزوة نيويورك» التي اطاحت مبنى التجارة العالمي وفق الاوساط الضليعة بالفصائل التكفيرية المتطرفة.

فقبل اطلاق «الفوضى البناءة» في المنطقة لم يعرف بلد اعمالا ارهابية كما حصل في لبنان الذي كان سباقا في هذه المسألة عبر الصدام بين التكفيريين وبعض التنظيمات الاسلامية المعتدلة وكانت نتائجها في التسعينات من القرن الماضي اغتيال الشيخ نزار الحلبي رئيس «جمعية المشاريع الخيرية» المعروفة «بالاحباش» تيمنا بمؤسسها، وتلا ذلك اغتيال القضاة الاربعة على قوس المحكمة في قصر العدل في صيدا وفق الاوساط نفسها، وانتقل هذا الصدام بين التنظيمات المذكورة الى صدام مع القوى الامنية وفي طليعتها الجيش اللبناني وابرز مجرياتها تمثلت في اقتلاع امارة بسام الكنج الملقب «ابو عائشة» في جرود الضنية اضافة الى امارة نهر البارود التي حاول اقامتها شاكر العبسي، ناهيك بالعبوات التي اعدها المطلوب الفار الذي قتل في القصير عبد الغني جوهر واستهدفت باصا يقل عسكريين لبنانيين في منطقة البحصاص الطرابلسية.

وتقول الاوساط ان المؤسسة العسكرية كانت وما زالت الهدف المعلن للتكفيريين كونها الضامن الحصين لوحدة البلد ولسلمه الاهلي ولكن ما تخشاه هذه الاوساط ان تتكرر معارك عرسال في مناطق اخرى ولا سيما المسيحية منها خصوصا في القاع ورأس بعلبك وغيرهما من البلدات البقاعية كون مقاتلي «النصرة» «وداعش» على تماس مع جرودها وتكرار النسخة العراقية حيث تم تفريغ العراق من مسيحييه والابادة التي يتعرض لها اليزيديون حيث قتلت «داعش» 500 منهم ودفنت بعضهم احياء ووسط مواقف التفرج الاميركية والغربية اكبر دليل على ذلك، وما يرفع منسوب القلق لدى المسيحيين والاقليات ان لبنان هو البلد الوحيد في الشرق الذي يعتبره المسيحيون معقلهم وان هذا الواقع يغيظ «داعش» ويفتح شهيتها للانقضاض عليه عبر البيئة الحاضنة والخلايا النائمة وبتخطيط اميركي وغربي.

فالمسيحيون تقول الاوساط لم ينسوا عرض المبعوث الاميركي دين براون في سبعينات القرن الماضي بترحيلهم على متن الاساطيل الاميركية كما يقلقهم الموقف الفرنسي ايام حكم نيكولا ساركوزي الذي اشار فيه الى ان فرنسا مستعدة لاستقبالهم، وهذا الموقف كررته الادارة الفرنسية الحالية برئاسة فرنسوا هولاند باعلانها استعداد باريس لاستقبال المسيحيين العراقيين الذين اقتلعتهم «داعش» من مدنهم وقراهم.

وتقول الاوساط ان عودة الحراسات الليلية والمراقبة والرصد التي بدأت تتنامى في البلدات المسيحية والدرزية لمساعدة القوى الامنية من خلال حراس البلديات تؤكد عمق القلق لدى هؤلاء في ظل الصراع السني – الشيعي الذي يمتد على مساحة المنطقة بأسرها لا سيما وان ما حصل في عرسال يشكل رأس جبل الفار الذي يهدّد بانفجار البراكين المذهبية خدمة لمصالح الكبار ولا سيما اسرائيل المستفيد الاول والاخير من غباء الشعوب العربية.