IMLebanon

لبنان… ومحفظة القرارات الدوليّة

تعدَّدت الرايات، ومعها الألوان، ولم يعُد علم الثورة السوريّة وحده في القلمون. هناك أعلام «حزب الله»، و»داعش»، و»جبهة النصرة»، و»كتائب عبدالله عزّام»، وخليط عجيب من الفصائل والمجموعات المسلّحة، وأيضاً من المشاريع والمخطّطات المشبوهة.

كان القرار الدولي 1559 يشير إلى جهةٍ واحدة، يُمكن التعامل معها لضبط الحدود. الآن هناك جهات متعدّدة، ومرجعيّات متنوّعة، ومسألة حدوديّة بالغة التعقيد، وصَمتٌ لبنانيّ رَسمي ملتبس.

المجموعة الدوليّة لدعمِ لبنان حاضرة، عمَّمت «كلمة السر». حكومة «المصلحة الوطنية» وُلدت لتَجتمع وتُنتج. التنوّع في المواقف مسموح، الفراغ ممنوع، وعلى الأطراف المشارِكة أن ترتفع إلى مستوى المسؤوليّة الوطنية في هذه المرحلة المصيريّة.

في الكواليس الديبلوماسيّة كلامٌ من نوع آخر. «حزب الله» ليس وحده الحكومة، إنّه واحد من مكوّناتها. وليس وحده من يُقرّر مسارَ الأمور ومستقبلها على طول الحدود اللبنانية – السوريّة، خصوصاً ما بين نقطتي المصنع وجرود عرسال.

هناك المسؤولية الوطنيّة المغيّبة إمّا تقصيراً، أو تعمّداً. من المهم أن تلتفت الحكومة إلى الماء، والكهرباء، والرواتب، والسلسلة، وأوضاع الضمان الإجتماعي، ومطالب الناس الحياتية والمعيشيّة، ولكنّ الأهمّ هو الإلتفات الى الأزمة الوجوديّة التي تشدُّ بخناقها على لبنان واللبنانيّين ما بين الوضع الملتهب في غزّة وتداعياته على مستقبل المخيّمات، ومصير اللاجئين، والوضع الملتهب في القلمون، والذي يُبشِّر بفوضى مفتوحة على طول الحدود، وطوفان من النزوح المقيم لعقود طويلة من السنوات.

التواصل الرسمي مع المجتمع الدولي قائم حول ما يتعلّق بالنزوح والمخيّمات والمساعدات، لكنّه من المنظار الديبلوماسي حديث غير سَويّ، متعدّد الجوانب والمطالب، ويعكس عدمَ تفاهم رسمي وطني حول سُبل مواجهة هذا الملفّ الذي بات يشكّل خطراً وجوديّاً.

بعض الحكومة يريد مساعدات ماليّة، بعضها الآخر يطالب بإحداث مخيّمات داخل الأراضي السوريّة، بعضُها الثالث يطالب باستحداث مخيّمات عشوائية في مناطق تتمتَّع بخصوصيات سياسيّة ومذهبيّة، بحيث يُصار إلى استغلال هذه التجمُّعات مستقبلاً في السياسة المحليّة، والانتخابات، والتوازنات المذهبيّة والطائفيّة.

هناك القرار الدولي الرقم 1559 والذي يُشكّل مرجعيّة للحكومة يمكن البناءُ عليه لانتزاع ورقةِ الحدود من يد الأحزاب، والتنظيمات والمجموعات المسلّحة، وتكوين ملفّ يمكن الذهاب به إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لاستصدار قرار جديد، مماثل لمفاعيل القرار 1701، بحيث يكون للبنان «خطّ أزرق» على طول الحدود مع سوريا، وقوّات «اليونيفيل» تُساعد الجيش على ضبط الحدود وفرض بيئة أمنيّة واجتماعية مؤاتية، ومعالجة ملفّ النزوح وفق خطّة متكاملة تساهم الأمم المتحدة في تنفيذها إنطلاقاً من الحرص على استقرار لبنان، وتوازنه الديموغرافي.

تنتَظر المجموعة الدوليّة مبادرةً شجاعة من حكومة المصلحة الوطنيّة للعمل معاً على وضعها موضع التنفيذ قدر الممكن والمستطاع. دعم الجيش خطوة مهمّة وحيويّة، ولكنّها ليست نهاية المطاف، ولا بدّ من سقفٍ وطني، من مبادرة سياسيّة تحميه، وتؤازره، وقد أبدت المجموعة استعدادَها في أكثر من مناسبة لدعم الحكومة في ما تطالب به، شرط أن يحظى بتوافق وتفاهم كلّ مكوّناتها السياسيّة، فلا تكون ازدواجيّة، أو استنسابيّة، أو مصالح فئوية.

ويساور المجموعة اليوم قلقٌ متعدّد الوجوه:

أوّلاً: لن تَكون الغلبة للاستقرار على طول الحدود اللبنانية – السورية، طالما إنّ هناك فوضى مسلّحة، ومجموعات مستنفرة غبّ الطلب لتلبية توجّهات خارجيّة تُمليها هذا الجهة أو تلك خدمةً لمصالحها.

ثانياً: هناك محفظة من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن للحفاظ على لبنان يُمكن المطالبة بتفعيلها لضمان وحدته واستقراره، وسلامة كيانه، وهذا تحَدٍّ في رسم الحكومة.

ثالثاً: قد يكون لبعض المجتمع الدولي مشاريعُه الخاصة في المنطقة، ولكن هل اللبنانيّون متمسّكون بوطنهم فعلاً، وبلبنان الواحد السيّد الحر المستقل، ومتفاهمون على النظام الذي يريدون؟!