IMLebanon

لبنان يترقّب 20 تموز وتسمية خليفة المالكي

لا يزال لبنان على خط التقاطع بين التسويات الإقليمية المفترضة، وخصوصاً بين موعدي 20 تموز المفترض للاتفاق النووي بين إيران والدول الـ(5 + 1)، وتسمية خليفة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

منذ بداية العام الجاري، يعيش لبنان على وقع استراتيجية جديدة ترسم للمنطقة. وعشية 20 تموز الموعد المفترض لتمديد مهلة التفاوض بين إيران والدول الـ(5 + 1) حول الملف النووي، يبدو الوضع اللبناني يسير وفق المسار الذي حدد له منذ بداية العام، أي مع سريان مهلة الاتفاق الإيراني الغربي، بين سلسلة مواعيد إقليمية تخيم نتائجها عليه.

كان واضحاً منذ أن تألفت حكومة الرئيس تمام سلام، بتسوية إقليمية دولية، أن لا رئيس للجمهورية في لبنان إلا بعد اتضاح مسار الوضع في مصر وسوريا والعراق ونتائج التفاوض حول الملف النووي الإيراني. ورغم الحركة الداخلية وكثرة الأفكار والاقتراحات المستمرة من دون توقف، لمعالجة الملف الرئاسي اللبناني، بقيت القوى المعنية على إدراك شامل بأن من المبكر الحديث عن معالجات ظرفية ما دام الوضع في دول الجوار على توتره.

لم تكن الانتخابات الرئاسية السورية هي المحك المفصلي، بعدما شهد الوضع السوري تطورات ميدانية خلال الأشهر الماضية، اتجهت الى مزيد من التطبيع ورسم الحدود الداخلية بين المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وتلك التي انتشرت فيها داعش وقوى المعارضة، في ظل غض نظر دولي عن مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

تحول العراق تدريجاً نقطة التحول التي على أساسها يمكن قراءة خريطة المنطقة سياسياً بين خطين متوازيين، السعودية وإيران. لذا كان رصد غربي متزايد لمصير رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بعد الانتخابات النيابية، حتى قبل أن تنفجر قضية داعش وتمددها في المناطق السنية. بالنسبة الى مطلعين لبنانيين على أوضاع العراق، فإن إيران كانت قد اتخذت قرارها سابقاً بالتخلي عن المالكي، لصالح شخصية قريبة منه أو حتى أن يسميها بنفسه. إلا أنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة لإعلان تخليها عنه، لكن بقدر ما كان التوتر السياسي الإقليمي يتضاعف، وتكثر التحديات في العراق وسوريا بين إيران وخصومها، كانت طهران ترفع ثمن رفضها التخلي عنه، الى حد الإيحاء بالتمسك به وحده، من أجل تحصيل أكبر قدر من المكاسب الآنية والمستقبلية.

من المبكر الحديث عن معالجات ظرفية ما دام الوضع في دول الجوار على توتره

جاءت قضية داعش وتمددها، وحتى تهديدها السعودية والأردن، لتضاعف حجم المخاطر العربية، الى حد الإيحاء بأن تخلي الجيش العراقي عن مناطق حساسة حدودية كان بهدف فتح باب الخطر قصداً من جانب المالكي على الدولتين المذكورتين. ومع تزايد خطر داعش وتكبير حجم جرائمها، ارتفع ثمن التخلي عن المالكي، الى أن أصبحت الدول المعنية متساوية في مقاربة الأخطار المحدقة بها، فبات الحديث عن تسمية شخصية جديدة لتولي رئاسة حكومة العراق متداولاً على مستوى واسع.

ومع احتمال تزامن الاستحقاق العراقي مع موعد 20 تموز النووي، كموعد مفصلي يشير الى موقف الولايات المتحدة من فتح الباب الدولي أمام إيران أو إقفاله في وجهها، تصبح المنطقة أمام مرحلة تسوية جديدة تمتد لستة أشهر جديدة على الأقل، وأمام إعادة ترتيب الوضع العراقي تحت مظلة حكومة «الوحدة الوطنية»، الأمر الذي يحيي آمالاً لبنانية بتمديد مرحلة التهدئة السياسية والأمنية.

فما يعني لبنان من احتمال ذهاب المنطقة الى تمديد فترة التسويات ـــ إلا في حال عرقلتها في اللحظات الأخيرة ـــ الانتخابات الرئاسية وسحب فتيل التفجير الأمني وهما على القدر نفسه من الأهمية. وفي اعتقاد مصادر سياسية أن أي تسوية إقليمية تحتاج الى وقت لترجمتها عملانياً وسحب فتائل التفجير منها، وهذا يعني أن الهدوء السياسي الحالي مرشح للتفاعل بعد انتهاء عطلة الفطر، ومن ثم عطلة الصيف الدولية التي تشهد عادة تراخياً دولياً في مقاربة الملفات الحساسة، فضلاً عن إعطاء المجال واسعاً لبلورة مفاعيل أي تهدئة إقليمية وترجمتها عملانياً. وفي انتظار أي ضوء أخضر دولي، يعطى لمقاربة ملف الرئاسيات في صورة جدية، تبقي القوى السياسية نفسها تحت مظلة الحكومة الحالية التي لا تزال تعمل ضمن المهمة التي شكلت من أجلها. ويبدو من أداء الحكومة أن القيّمين عليها، إقليمياً ومحلياً، حددوا سلفاً مهمتها لتقتصر على إدارة مرحلة الشغور الرئاسي ليس أكثر، وإعطاء التغطية السياسية اللازمة لحفظ الاستقرار الأمني.

لكن خطورة مراحل التفاوض الإقليمي تكمن في أن تتسرب أعمال العنف في أي بؤرة لفرض إيقاع أمني يساهم في الضغط السياسي. فبقدر ما ترتفع وتيرة التوتير في سوريا (والعراق الى حد ما) أمنياً، ترتفع نسبة الضغط في لبنان، لذا بدا واضحاً في الأسابيع الأخيرة أن حجم المخاطر الأمنية يتساوى مع حجم التدابير التي لا تزال مستمرة ومرشحة لأن تطول، للجم التهديدات. والهدوء النسبي الذي يشهده لبنان لا يعني أن الخطر الأمني زال، لا بل إن الخوف يبقى في تسرب أي خطر من دول الجوار الى لبنان، في مرحلة نضوج التسويات.