IMLebanon

لبنان يدخل في «ستاتيكو» المنطقة؟

تُوحي التطوّرات الأمنية والسياسية الخطيرة التي يشهدها لبنان منذ أيام، بأنّ «أمر عمليات» قد صدر لخلط عدد من الأوراق الداخلية، أو تلك المتصلة بأزمات المنطقة.

ما يثير الريبة أكثر، أنّ التحذيرات والسيناريوهات التي سبق أن تناولت الأوضاع المحيطة ببلدة عرسال، يبدو أنها في طريقها الى التحقق، في معزل عن الجهة او الجهات التي افتعلت الحرب ضدّ المؤسسة العسكرية.

وعلى رغم إعلان واشنطن موقفها المبدئي الداعم للجيش اللبناني، وإدانتها الهجوم الذي تشنّه جماعات سورية مصنّفة إرهابية على أجندتها، إلّا أنّ قلقاً عميقاً يسود أروقة

عدد من السياسيين الأميركيين، سواء كانوا في مواقع مسؤولة أو ينتمون الى ما يُعرف بـ«اللوبي اللبناني» المتواضع، خوفاً من انزلاق لبنان الى مستنقع النزاع المفتوح على مصراعيه، من العراق الى ليبيا.

وفيما تؤكد مصادر اميركية مسؤولة أنّ الوضع في لبنان لا يزال تحت السيطرة والإنضباط، بفعل استمرار مفاعيل «المظلة» الدولية والإقليمية التي تحميه حتى الآن من السقوط الكبير، إلّا أنّها تتخوّف من أن تتحوّل المواجهات في عرسال «ستاتيكو» سيطبع لفترة زمنية غير محدّدة مجمل الوضع السياسي والميداني في لبنان.

وتعتبر المصادر أنّه «في معزل عن نقاش الأسباب التي أدّت الى ما أدّت اليه، فإنّ اختيار عدد من اللبنانيين ومن كلّ الاتجاهات سلوك التورّط في الحرب السورية، بدأ يُؤتي ثماره المدمّرة على البلد، في الوقت الذي تتحوّل فيه المواجهة بين السنّة والشيعة مواجهة عامة لا يمكن لأحد تقدير زمنها. فالأحداث الجارية تُنذر بدخول المنطقة في تحوّلات عميقة، مع انغماس قواها الإقليمية الكبرى في هذه المواجهة».

في المقابل، ترى اوساط ما يُعرف بـ»أصدقاء لبنان» في واشنطن أنه «ليس أمام الإدارة الأميركية خيارات كثيرة، في ظلّ إصرار المكوّنين المذهبيّين اللذين يقسّمان العالم الإسلامي على تصفية حساباتهما التاريخية، فجُلّ ما يمكن تقديمه في هذه المرحلة هو محاولة الحفاظ على الحدّ الأدنى الذي يقي لبنان انتكاسة أكبر»!

ويعتبر البعض «أنّ لاعبين ومستفيدين ومتورّطين وطامحين كثراً، مسؤولون عما حدث، ما يُهدّد بتعميم حال الدمار والتفكّك، من سوريا والعراق وليبيا واليمن، الى لبنان الذي يقف على تخوم، لا بل في صميم، هذا الزلزال الذي يضرب المنطقة».

وتتحدّث معلومات أمنيّة عن تداخلات استخبارية اختلطت بمشاريع انتحارية يائسة، في محاولة لزيادة الضغوط على المجتمع الدولي، وتحديداً على واشنطن، لفرض التعاون معها في مواجهة خطر التكفيريين.

فمع احتدام المعارك في جبال القلمون وانقلاب موازين المواجهات لمصلحة خصوم النظام السوري وحلفائه في عدد من المناطق السورية الأخرى، في لعبة الكرّ والفرّ السائدة، بدا واضحاً أنّ للنظام ومعارضيه مصلحة في توسيع دائرة النار.

فالنظام يعتقد أنّ «المظلّة الدولية» قد لا تتحمّل رؤية المشهد العراقي يتكرَّر في لبنان، فيما الجماعات التكفيرية لا يضيرها توسيع معركتها في الوقت الذي تعتقد أنها تُحقّق انتصاراتٍ في المنطقة الحدودية المحاذية لعرسال، وبالتالي نقل المعركة الى داخل لبنان، مع ما يثيره هذا الامر من تداعيات لا يمكن لأحد تقديرها.

وفي هذا المجال، تؤكد تلك الأوساط أنه من غير الحكمة التمترس وراء خطاب سياسي تبريري إو إداني فيما الخطر يشمل كل «الاقليات»، وتدعو

الى التقاط دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى عقد مؤتمر وطني يتفق خلاله على مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، واجتماع قوى الاعتدال تحت سقف واحد، كمدخل للاتفاق على طريقة تحييد لبنان مجدّداً.

وتلفت الأوساط الى خطورة الخيارات التي باتت تعتمدها قوى إقليمية كبيرة في نزاعاتها، الأمر الذي وضع واشنطن على مسافة واحدة منها، خصوصاً أنّ البعض لا يتوانى عن توجيه رسائل نارية في المقلب الآخر، مثلما حدث مع الأكراد، عبر اختراق خطوط التماس مع «الدويلة الكردية» شمال العراق.